الاردن منذ التأسيس والاستقلال... مسيرة نجاح سطرها الأردنيون بقيادة هاشمية فذة
حاتم العبادي- ما شهده الاردن، عبر السنوات الأربع والستين اللاحقة لاستقلال المملكة، من تطور وحداثة ونمو، رغم جميع التحديات التي تواجه سواء تلك المتعلقة بطبيعته الجغرافية وموارده البشرية، او السياسية او الاقتصادية، يجعل من هذا البلد محط أنظار الجميع، كنموذج يحتذى به.
وتعكس مسيرة بناء الدولة الاردنية وتطويرها وتحديثها، قوة الاردن، الذي تمكن من تحقيق التمازج بين الحداثة والعادات والتقاليد الحسنة، التي تميز هذا البلد، قيادة وشعبا، من تسامح وكرم واعتدال والتزام.
تجاوز الاردن التحديات التي واجهته على اختلاف أنواعها السياسية والاقتصادية والأمنية، يستند الى عناصر تشكل في مجملها حلقة متكاملة، رسمت شكل الدولة الاردنية الحديثة.
إدراك القيادة الهاشمية، لأهمية استمرار الاردن في مواجهة التحديات من خلال التأكيد والالتزام بإقامة شرعية ديمقراطية، كان السند الوحيد الذي مكن الاردن من تجاوز التحديات.
وتعكس مراحل الدولة الاردنية، منذ عهد جلالة المغفور له الملك عبد الله بن الحسين، مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية، حالة تسير بشكل متطور، مستشرفا، متجاوزا كل التحديات التي تواجه هذه المسيرة، بهمة الأردنيين والقيادة الهاشمية.
ويسجل المتتبع لهذه المراحل، محطات مهمة في تاريخ الاردن، انتقلت به من فترة الإنشاء الى مرحلة النمو الى التطور والحداثة.
مرحلة التأسيس
سوف تتحدث صفحات التاريخ دوماً عن جلالة المغفور له الملك عبد الله بن الحسين، مؤسس المملكة الأردنية الهاشمية، باعتباره شخصية فريدة برزت مع تاريخ العالم العربي المعاصر.
وكان جلالة المغفور له الملك عبد الله المؤسس، مرشداً لحفيده جلالة المغفور له الملك الحسين رحمه الله. كما كانت شخصيته مزيجاً تجمع التقليدية والحداثة. وكان في مسيرة حياته العامة عصرياً يتطلع إلى الأمام.
وقد تجسد هذا فيه لكونه واحداً من أوائل الزعماء العرب الذين تبنوا نظاماً ملكياً دستورياً خلال السنوات الأولى التي أعقبت تأسيس بلده كما تمثل ذلك بتجربته الواقعية ومشاركته لشعبه.
وقاد المغفور له الملك المؤسس القوات العربية إبان الثورة العربية تحت الراية الهاشمية واستلهم أفكار والده مع إخوانه علي وفيصل وزيد. ومع نهاية الحرب العالمية الأولى، حررت الثورة العربية الكبرى دمشق والأردن الحديث ومعظم شبه الجزيرة العربية.
وتولى جلالة الملك فيصل عرش سوريا ولكن وبعد معركة ميسلون تتسارع الأحداث، وينتقل سمو الأمير عبدالله إلى الأردن ليؤسس الدولة، ومن ثم يأتي الملك فيصل لتسلم عرش العراق.
وأسس المغفور له الملك عبد الله إمارة شرق الأردن في 21 نيسان 1921م عندما أقام أول نظام حكومي مركزي في مجتمع معظمه عشائري وبدوي. وطوال السنوات الثلاثين التالية، ركز على بناء الدولة، ووضع الأطر المؤسسية للأردن الحديث.
وبتصميم ورؤية استشرافية، سعى إلى الحكم الذاتي والاستقلال، بإقامة شرعية ديمقراطية، بوضع أول دستور للأردن في عام 1928عرف باسم المجلس التشريعي، وإجراء الانتخابات لأول برلمان في عام 1929م.
وخلال هذه العقود الثلاثة أيضاً، عقد الملك سلسلة من المعاهدات بين إنجلترا وشرق الأردن، كان أخرها في 22 آذار 1946م والتي سميت بالمعاهدة الإنجليزية-الشرق أردنية التي أنهت الانتداب البريطاني وحققت لشرق الأردن استقلالا كاملاً ولتصبح الدولة باسم "المملكة الأردنية الهاشمية" في 25 أيار 1946م.
وبتحقيق الاستقلال التام اخذ الأردن يمارس دوراً متقدما عربياً ودولياً ويشارك في المؤتمرات وأولها مؤتمر قمة أشخاص في 28 أيار 1946م بعد أيام من استقلال الدولة، ومن ثم يتبوأ الأردن مركزاً متقدماً في خدمة القضية الفلسطينية.
وخلال الحرب العربية الإسرائيلية في عام 1948، كان الجيش العربي الأردني فعالاً في الدفاع عن القدس وأجزاء أخرى من فلسطين. وأبدى الجيش الأردني شجاعة وبطولة وعرف عنه على نطاق واسع مستواه العالي في الاحتراف وثبات العزم والشجاعة أمام قوة متفوقة في العدد والعدة.
ونجح الجيش العربي في إلحاق الهزيمة في القوات اليهودية في باب الواد واللطرون والقدس وحافظ على القدس الشرقية رغم الهجمات الإسرائيلية الشديدة اللاحقة، التي حاولت دون جدوى انتزاعها من الجيش العربي الأردني. وانتهت الحرب في منتصف شهر تموز 1948م وبعدها جرى توقيع عدد من اتفاقيات الهدنة بين الأطراف العربية وإسرائيل في مؤتمر رودس. وبموجبها تم ترسيم حدود منطقة شرق الأردن مع فلسطين.
في 20 تموز 1951م توجه الملك عبد الله إلى القدس لأداء صلاة الجمعة مع حفيده الشاب، الحسين. ولكن ليكون القدر بانتظاره وليسقط الملك شهيداً عند درجة المسجد الأقصى وعلى مقربة من ضريح والده الحسين الذي ضحى من اجل كل العرب.
وكان الملك الحسين الأمير الشاب حينها إلى جانب جده، يشهد الموقف وتنزلق رصاصة من على وسام على صدره، ويعيش جلالته لحظات حاسمة مع الأحداث، وكان لاغتيال جده الملك عبد الله أثر عميق في حياته، من حيث إدراكه لأهمية الموت وحتميته، وإحساسه بأهمية واجبه ومسؤوليته في السنوات اللاحقة.
ففي سيرة حياته، التي كتبها بالإنجليزية تحت عنوان "مشاكل الملوك"، يروي الملك الحسين كيف أن جده التفت نحوه قبل ثلاثة أيام من ذلك اليوم المشؤوم في القدس وقال له: أرجو أن تدرك، يا ولدي، أنك ستتولى المسؤولية ذات يوم. وأنا أطمح في أن تبذل قصارى جهدك حتى تتأكد أن عملي لن يضيع. أتطلع إليك لتستمر فيه خدمة لشعبنا.
وعد الأمير الشاب جده بجدية وخشوع بأنه سيبذل كل ما في استطاعته للقيام بواجبه. لكن الملك والأمير لم يكونا يعرفان قصر الوقت أمامها.
مرحلة وضع الدستور الحديث
وتولى جلالة المغفور له الملك طلال بن عبدالله العرش بعد وقت قصير من استشهاد والده جلالة المرحوم الملك عبدالله في القدس بتاريخ 20 تموز 1951م.
لكنه، ولأسباب صحية، لم يتمكن من الاستمرار في الحكم، فأعفي جلالته، بعد أقل من سنة، من العرش، في 11 آب 1952، وأنجز الملك طلال، خلال عهده، الكثير لتطوير العلاقات بين الأردن من جهة والسعودية ومصر من جهة أخرى.
كما كان مسؤولا إلى درجة كبيرة عن تطوير دستور جديد عصري، هذا الدستور الذي جعل الحكومة جماعياً، والوزراء فردياً، مسؤولين أمام البرلمان، وصودق عليها في الأول من كانون الثاني 1952م.
مرحلة البناء
جلالة المغفور له بإذن الله الملك الحسين بن طلال سيبقى في الذاكرة والوجدان بوصفه زعيماً قاد بلده عبر النزاعات والاضطرابات إلى أن أصبح الأردن واحة للسلام والاستقرار والاعتدال في الشرق الأوسط. وينظر الأردنيون إلى ذكراه بكل حب وتقدير باعتباره مصدر الإلهام لمناخ الانفتاح والتسامح والتعاطف الذي يتمتع به الأردن. وقد أرسى المغفور له الملك الحسين - تراثاً مزدهراً يبشر بتوجيه دفة الأردن لسنوات طويلة قادمة.
كان جلالته عند رحيله في السابع من شباط 1999م قد أمضى أطول فترة حكم بين جميع زعماء العالم. كما وكان يحتل أهمية عظيمة بين المسلمين في شتى أنحاء العالم نظراً لانتمائه إلى الجيل الثاني والأربعين من أحفاد النبي محمد عليه الصلاة والسلام.
ولد الملك الحسين في عمان في 14 تشرين الثاني 1935، وهو الابن البكر للأمير طلال بن عبد الله والأميرة زين الشرف بنت جميل. وبعد أن أكمل دراسته الابتدائية في عمان انتظم جلالته في كلية فكتوريا في الإسكندرية في مصر، ومن بعدها في مدرسة هارو في انجلترا. وتلقى جلالته بعدها تعليمه العسكري في أكاديمية ساندهيرست الملكية للعلوم العسكرية في انجلترا.
في السادس من أيلول 1951م ، اعتلى الملك طلال - أكبر أبناء الملك عبد الله سناً - العرش. وسرعان خلفه ابنه البكر - الحسين - والذي نودي به ملكاً على المملكة الأردنية الهاشمية في 11 آب 1952 ولكن لأن جلالته لم يكمل بعد الثمانية عشر سنة قمرية تم تشكيل مجلس وصاية ليتولى إدارة البلاد إلى حين الاستحقاق الدستوري لتسلم جلالته سلطاته الدستورية يوم 2 أيار 1953م حيث جرت مراسيم تسلم جلالته لسلطاته وفقاً للدستور.
ركز الملك الحسين بعد ذلك مباشرة على بناء بنية تحتية اقتصادية وصناعية لتكمل وتعزز التقدم الذي أراد أن يحققه في مجال نوعية حياة شعبه. وخلال عقد الستينات من القرن العشرين، تطورت صناعات الأردن الرئيسية، بما في ذلك الفوسفات والبوتاس والإسمنت. كما وتم إنشاء شبكة من الطرق تغطي أنحاء المملكة كافة.
تتحدث الأرقام عن إنجازات الملك الحسين على الصعيد البشري. فبينما كانت خدمات المياه والمرافق الصحية والكهرباء متاحة أمام نسبة لا تزيد على 10% من الأردنيين في عام 1950، قفزت هذه النسبة لتبلغ 99% في وقتنا الحالي. وارتفعت نسبة المتعلمين إلى 85,5% في عام 1996، بعد أن كانت 33% فقط عام 1960.
وتظهر إحصائيات منظمة اليونيسف أن الأردن قد حقق في الفترة من عام 1981 إلى عام 1991 أسرع نسبة سنوية في العالم في مجال انخفاض وفيات الأطفال دون السنة من عمرهم 70 حالة وفاة لكل 1000 حالة ولادة في عام 1981 إلى 37 وفاة لكل 1000 ولادة في عام 1991، أي بانخفاض مقداره 47%. ولطالما آمن الملك الحسين بأن الشعب هو أغلى ما يملك الأردن، فقد شجع طيلة سنوات حكمه جميع المواطنين - بما في ذلك الأقل حظاً والمعاقين والأيتام - على تحقيق المزيد لخدمة أنفسهم وبلدهم.
كما كافح الملك الحسين عبر سنوات حكمه السبع والأربعين لإرساء السلام في الشرق الأوسط. إذ كان له دور محوري في بلورة قرار مجلس الأمن رقم 242، الذي صدر بعد الحرب العربية - الإسرائيلية في عام 1967. وينادي هذا القرار بانسحاب إسرائيل من جميع الأراضي العربية التي احتلتها خلال حرب عام 1967 مقابل السلام. وقد شكل هذا القرار العمود الفقري الذي استندت عليه جميع مفاوضات السلام اللاحقة. وفي عام 1991، قام الملك الحسين بدور جوهري في انعقاد مؤتمر مدريد للسلام، وفي توفير "مظلة" تمكن الفلسطينيين من التفاوض حول مستقبلهم كجزء من وفد أردني - فلسطيني مشترك.
وتعتبر معاهدة السلام الموقعة بين الأردن وإسرائيل عام 1994 خطوة رئيسية نحو تحقيق سلام عادل وشامل ودائم في الشرق الأوسط.
كما عمل الملك الحسين على حل الخلافات بين الدول العربية، فقد بذل جهوداً جبارة خلال أزمة الخليج بين عامي 1990 - 1991 لضمان انسحاب عراقي سلمي واستعادة الكويت لسيادتها وصدر عن الدولة الأردنية الكتاب الأبيض الذي يشرح الموقف الحقيقي والعقلاني للقيادة الأردنية من أزمة الخليج تلك.
كذلك كان سعيه هذا إلى تحقيق مصالحة عربية حقيقية، حافزة للتوسط في الحرب الأهلية اليمنية. وعلاوة على ذلك، كان جلالته ينادي في معظم خطاباته ومن معظم المنابر بتقديم مساعدة إنسانية دولية للتخفيف من المعاناة اليومية للشعب العراقي.
أسهم التزام الملك الحسين بالديمقراطية والحريات المدنية وحقوق الإنسان في جعل الأردن نموذجاً يحتذى بين دول المنطقة. وتحظى المملكة باعتراف دولي بأن سجل حقوق الإنسان لديها في الشرق الأوسط، في الوقت الذي فتحت فيه الإصلاحات الأخيرة الباب أمام الأردن ليستأنف خياره الديمقراطي الذي لا رجعة عنه.
وفي سنة 1990، عين الملك الحسين لجنة ملكية تمثل جميع أطياف الفكر السياسي الأردني لوضع مسودة الميثاق الوطني، الذي يعتبر اليوم - جنباً إلى جنب مع الدستور الأردني- بمثابة خطوط توجيهية لعملية المأسسة الديمقراطية والتعددية السياسية في البلاد.
وقد أجرى الأردن في الأعوام 1989 و1993 و1997 انتخابات برلمانية كانت باعتراف العالم من أكثر الانتخابات حرية وعدالة في تاريخ منطقة الشرق الأوسط.
والأردن منذ النشأة وهو يقوم بدوره الوطني والقومي، فرغم نعومة أظفاره كدولة الا انه وقف الى جانب الأشقاء في سوريا في مقاومة الاحتلال والاستعمار.
كانت الفترة من عام 1923 - 1946م مليئة بالأحداث ، ولعل ابرزها أيضا ذلك الإنذار الذي وجهته بريطانيا الى سمو الأمير عبدالله بإلغاء نيابة العشائر التي أنشئت في الحكومة، وان تبسط بريطانيا مراقبتها الكاملة على الأمور المالية بدون شرط، وجرت مفاوضات شاقة مع البريطانيين تم الاتفاق بعدها على حلول وسط تضمن سيادة الاردن ومكانته.
مرحلة التطوير والتحديث
وجاء التاسع من حزيران من عام 1999م ليحتفل الاردن بجلوس جلالة الملك عبدالله الثاني على العرش، عندما انتقلت الرّاية إليه بعد حقبة حافلة رعاها الباني جلالة الملك الحسين -طيب الله ثراه- وهو يبني مؤسسات الدولة.
ابتدأ جلالة الملك عبدالله الثاني عهده بالقَسَم يوم السابع من شباط من عام 1999م، معاهدًا الوطن إخلاصًا، والدستور حفاظًا عليه، قَسَم كل أردني للإخلاص للأمة والملك والحفاظ على الدستور، والتقدم نحو الإنجاز.
ويبدأ جلالته من يومه مرحلة جديدة هي ثورة شاملة في أسلوب العمل والإدارة، وكيفية إشراك جميع شرائح المجتمع في التنمية، فكانت مبادرات جلالته التي لا تتوقف وهي تدعو الجميع للإبداع الخلاق والتفوق على الذات في سبيل تحسين نوعية الحياة، مع الإدراك بأن مسيرة التقدم في العالم لا تتوقف، ولا تنتظر أحدًا، وأنه علينا أن نواكب العصر لندخل مرحلة الدولة العصرية العالمية ذات الفكر المفتوح، والوسطية والاعتدال، ولديها قيم العلم في الاستفادة من التغيير الذي أضحى إرادة واقعية، فكان النجاح بترسيخ إرادة التغيير، لتصبح إرادة التغيير فعلاً وطنيًّا أردنيًّا في كل مجالات التنمية.
ورأى جلالة الملك عبدالله الثاني أن المرحلة الجديدة تتطلب الخروج إلى العالم والانفتاح عليه، والتعريف بالأردن، والعمل تحت ضوء الشمس ونحن نحافظ على الثوابت والقيم الراسخة في مجتمع أردني عربي إسلامي هويته واضحة عميقة العروبة، فيتوجه اهتمام جلالته إلى الإنسان الأردني أولاً في وطن الأردن أولاً، فكان الاستثمار في الإنسان تدريبًا وتعليمًا وتأهيلاً محور كل خطط التنمية، ويدعو جلالته إلى الاستثمار في الموارد البشرية وتأهيل الإنسان الأردني لأنه أساس نجاح الاستثمار بمجمله، وبوعيه وإنتاجيته تنجح المشاريع الاقتصادية، ويتقدم التعليم، وتتطور السياحة وتنهض الزراعة ويتحقق النمو على كل صعيد.
وينطلق جلالته في الاهتمام بالإنسان الأردني بتوجيه العناية لفئة الشباب الذين يشكلون أكثر من 60 بالمائة من سكان الأردن، فلا يكاد يخلو خطاب أو حديث لجلالته إلا ويتناول الشباب ويؤكد على أهمية دورهم في البناء وتقدم المجتمع، ويحرص جلالته على المشاركة في مؤتمراتهم وملتقياتهم فيتبادل الحديث معهم، ويصل الى أماكنهم في المدرسة والجامعة، ويفسح المجال أمامهم للمشاركة في لقاءات عالمية، يرافقون جلالته فيها، وقد شهد الملتقى الاقتصادي الثالث في البحر الميت حضورًا مميزًا للشباب الأردني فيه.
ويقول جلالته: "لا بدَّ من التركيز على عنصر الشباب ورعايتهم وتفعيل دورهم، ومشاركتهم في عملية التنمية، وإحداث التغيير، وبناء المستقبل، ضمن رؤية شاملة واضحة، وعمل بروح الفريق الواحد.. المنتمي.. المؤمن برسالته.. وبرؤيته وقدرته على تحقيق الإنجازات".
ويفخر الأردن بمؤسساته الشبابية التي تنمو كل يوم، وتوسع من قاعدة شموليتها لكل الشباب لتتناسب مع تطبيق الخطط والاستراتيجيات الشبابية التي تستهدف دمجهم في التنمية المستدامة.
"نحن نفكر في المستقبل.. ونفكر بجيل الشباب.. وكيفية تحقيق آمالهم.. ونسعى إلى تذليل الصعاب أمامهم.. وتوفير التعليم الجيد لهم؛ لأننا نرى أن هذا الأمر سيساهم في الحد من الفقر والبطالة، وسيساعد على رفد وتعزيز مبادراتنا لتطوير الأردن، والارتقاء بمستوى معيشة شعبنا".
والشباب هم أيضًا عماد العملية التربوية، فتأتي توجيهات جلالته باستمرار للنهوض بالتربية والتعليم، فأطلق جلالته مبادرة تطوير التعليم عن طريق رفع قدرات النظام التربوي لتأهيل الأردن ليكون أحد المصادر العالمية في توفير الخبرات المتعلقة بالنظام الإلكتروني واقتصاد المعرفة، فأصبح الأردن يملك المعاهد التي تؤهل المدربين لإعداد المتدربين في مجال التعليم التكنولوجي. وتشير إحصائيات منظمة اليونسكو إلى أن ترتيب الأردن الثامن عشر من بين أربع وتسعين دولة في مستوى التعليم.
ويهتم الأردن بتعميم التعليم الإلكتروني، فقد أتم مشروع حوسبة التعليم من خلال إدخال هذا التحديث والتطير على الاف المدارس، إضافة لإكمال بناء شبكة الألياف الضوئية بهدف اعتماد تكنولوجيا المعلومات لتشمل المدارس والجامعات وكليات المجتمع، وبمشاركة القطاع الخاص. ولا تخلو جامعة أردنية من كليات تكنولوجيا المعلومات أو من مساقات متخصصة، فأصبحت هذه المعرفة مدخلاً أساسيًا لكل أنواع العلوم .
وفي مجال التعليم فإن المبادرات الملكية وصلت إلى الاهتمام بتوفير التعليم ومساعدة الطلبة من خلال صندوق الملك عبدالله الثاني للتميز، والذي له فروع مختلفة في مختلف الجامعات، وأساس فكرة الصندوق، هي أن التعليم حق للجميع، ويجب أن لا تحول الأحوال المادية لبعض الطلبة دون الاستفادة من فرص التعليم ودون الكشف عن قدراتهم.
وتوجيهات جلالته لتأمين السكن المناسب في كثير من المناطق النائية، والتي أضحت الآن قرى نموذجية، إضافة لإيجاد المشاريع في ذات المناطق لتوفير فرص العمل للقاطنين .
ففي مجال الاقتصاد والصناعة والتجارة، فإن الأردن يشهد نموًا متزايدًا تمثل في ازدياد الرساميل الوافدة للأردن للاستثمار فيه بسبب التسهيلات الجيدة والتشريعات الحازمة والأمن والاستقرار فيه، وتتعدد المشاريع وتتنوع، ويحرص جلالته على رعاية العديد منها، فكان مشروع بوابة الأردن ، إضافة لمشاريع منطقة العقبة الاقتصادية في المدن المتكاملة التي ستغير وجه العقبه وستزيد الاستثمارات فيها عن مليار دينار أردني، عدا عن مشاريع البنية التحتية في المحافظات الأردنية، الى جانب إطلاق مناطق تنموية في كثير من محافظات المملكة.
وتشهد حركة التجارة البينية العربية نشاطًا خاصة بعد توقيع اتفاقية التجارة البينية العربية التي يشارك فيها الأردن، وتدل المؤشرات الإحصائية على تحقيق نمو ملموس في الاقتصاد الوطني الأردني.
ويؤشر حجم التجارة الخارجية حراك تجاري واسع ينفذه القطاعان العام والخاص، ويوجه الأردن اهتمامًا خاصًا للمديونية، التي يتعامل معها بشفافية ومصداقية.
ومنذ أن تولى جلالة الملك عبدالله الثاني أمانة المسؤولية، حرص على إيلاء تنمية الموارد البشرية عناية خاصة، ورفع سوية الخدمات الحكومية الأساسية، والإسراع في تنفيذ المشروعات الوطنية الكبرى في المياه والطاقة والبنية التحتية، ومشاركة رأس المال الوطني فيها.. وتنفيذ برامج مكافحة الفقر.. وإيجاد فرص عمل للحد من البطالة.. من خلال برامج تنمية المحافظات.. ودعم المشروعات الصغيرة، ولدعم التنمية في المحافظات أعطى جلالته المحافظين صلاحيات واسعة للإشراف على تنفيذ البرامج التنموية.
ويحقق جلالة الملك عبدالله الثاني النجاح تلو النجاح في جولاته العالمية وهو يشرح واقع الاقتصاد الأردني وطموحات الأردن الذي يضع نصب عينيه خطة شاملة لاقتصاد من شأنها استقطاب الاستثمارات الخارجية، وما توفره تلك الاستثمارات من فرص عمل للأردنيين.
ويأتي التركيز على تنمية المحافظات وتوزيع مكتسبات التنمية من اولويات الخطط التنموية، فكانت مبادرة جلالته لتقسم المملكة إلى أقاليم تنموية ثلاثة، ذات مجالس تنموية منتخبة وهيئات حكم محلي (بلديات) منتخبة أيضًا، إضافة لبرلمان سياسي واحد للدولة، لتحقيق حالة من التفاعل، والتركيز في تنفيذ خطط التطوير والتقدم (...) والتأكيد على الإدارة اللامركزية والأقاليم، بهدف توسيع قاعدة المشاركة الشعبية في صنع القرارات.. وترتيب أولويات وضع الخطط والبرامج المتعلقة بمسيرتنا التنموية، وقال جلالته:
(رؤيتنا في الوصول الى أردن حديث يلبي طموحات المواطن الأردني في التقدم والازدهار، يجب توحيد وتضافر الجهود في القطاعين العام والخاص، ومجلس الأمة، ومؤسسات المجتمع المدني في الإعلام والصحافة، من أجل وضع أجندة شاملة تحتوي على الأهداف الوطنية التي تجسد رؤية الجميع، وتحديد البرامج الاستراتيجية والسياسات الوطنية التي سيشكل تحقيقها التزامًا على الحكومات المتعاقبة) .
ويؤكد جلالته على الحاجة إلى الإصلاح... فمن مراجعة الماضي القريب والبعيد قليلاً، فإن مسار الدولة يحتاج إلى المداخلات التي تخلصه من التخبط والعشوائية أو الجهوية والرؤى الضيقة.
والأجندة الوطنية تجيب على تساؤل كيف يمكن للأردنيين أن يوحدوا جهودهم، وهي أجندة لا تقبل غير الرؤية الوطنية الصادقة التي لا تحتمل تأويلاً لمن هو الأردني، ولا تقبل مفهومًا للوطن غير أردنيته الخالصة، ولا معنى للهوية غير الهوية الأردنية الوطنية الواحدة .
وجاءت الأجندة الوطنية لتتصدى للتحديات التي ستواجه المملكة على مدى السنوات العشر المقبلة في مختلف القطاعات التنموية والسياسية، وهي رؤية وطنية توافقية متكاملة، تستشرف المستقبل، وتجعل الوطن على استعداد لمواجهة المتغيرات وتمنع المفاجأة.
وتأتي الرؤية الملكية للإعلام لتأكيد استقلاله، والنهوض بإعلام وطني تتعزز فيه الحريات الصحفية.. فكانت توجيهات جلالته الداعمة للمؤسسات الإعلامية لتدار برؤية وفلسفة جديدة تهدف لبناء نموذج إعلامي جديد، مع التأكيد على حرية الصحافة وضمان ذلك بالتشريعات القانونية التي تمنح المساحة الكافية للتعبير للوصول إلى إعلام ينطق بضمير الأمة ويعبر عن هويته، ويدرك معنى الأردن أولاً، ومضامين الأجندة الوطنية، ورؤى الإصلاح الشامل الذي ينبع من الداخل.
وكانت رسالة عمّان التي تشرح منهج الإسلام القائم على احترام قيم الإنسان ونبذ العنف والتطرف، والدعوة للحوار00 وتبرز صورة الإسلام الحقيقية، المبنية على أسس الخير والعدالة، والتسامح والاعتدال والوسطية، هي رسالة تجد التفهم والقبول من جميع الأوساط العالمية00 وحملت الرسالة معاني الإسلام العظيمة في الرحمة والتكريم للإنسانية والتَّواد بين بني البشر واحترام المواثيق والعهود، وحث علماء الأمة على أن يفعلوا ما ينيروا حقيقة الإسلام وقيمه السامية.
وتمكن الاردن، بقيادته الهاشمية، تسجيل حضور على مستوى المنطقة والعالم، خصوصا في دفاعه عن قضايا أمته، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، التي تعتبر قضيته المركزية، الى جانب وقوف الاردن الى جانب جميع الأشقاء العرب، ودعم قضاياهم.
وكان لسياسة الشفافية والانفتاح، والاعتدال في الطرح، التي رسختها القيادة الهاشمية، من العوامل الأساسية، التي جعلت من الاردن محط اهتمام دوليا وعالميا، في الطرح وتقديم الرؤى والأفكار، لمواجهة التحديات وتجاوز العقبات التي تواجهها المنطقة.
وهنا نستذكر، خطاب جلالة الملك عبدالله الثاني التاريخي امام مجلس الكونجرس الاميركي، والذي عكس سياسة الشفافية والوضوح والاعتدال، التي ينتهجها الاردن في الدفاع عن قضايا أمته والإنسانية جمعاء.إذ يعكس الحضور الأردني في تقديم المساعدة الإنسانية لجميع أبناء المعمورة الدور الحضاري والإنساني.
مسيرة الاردن منذ التأسيس والاستقلال الى الان... تعكس نجاحا اردنيا، بذل الأردنيون الغالي والنفيس من أجل تسطيرها بقيادة هاشمية فذة وحكيمة.
المفضلات