[gdwl][/gdwl]مبادرة الطلحي ...... مناورة تسقط ورقة التوت عن القذافي.
خاص- تقرير- ليبيا اليوم
دار الجدل يوم أمس حول الرد الذي أدلى به رئيس المجلس الوطني المؤقت إزاء العرض الذي أدلى به المهندس جاد الله عزوز الطلحي في القناة الرسمية الليبية بين مؤيد ومعارض. الإختلافات تناولت جوانب عدة منها طريقة الرد من قبل المجلس وسرعته في إشارة إلى أن ما حدث لم يكن سوى إعلان و الرد عليه بهذه السرعة من قبل رئيس المجلس الوطني المؤقت، قد يلقي ظلالا وتساؤلات حول خبرة المجلس في التعاطي مع هكذا شئون وطبيعة موازين القوى على أرض الواقع ، ومن جهة أخرى حول أحقية المجلس في التنازل عن الدماء التي سفكت والأرواح التي أزهقت من قبل نظام باب العزيزية ، وفي إتجاه آخر يدفع البعض إلى أن العرض غير جاد وهو محاولة لكسب الوقت وذر الرماد في العيون إزاء الضغوط الدولية التي يتعرض لها نظام القذافي وابناءه ويؤيدون هذا بجرائم القتل والترويع والهدم التي يرتكبها هذا النظام في مدينة الزاوية ومصراتة وطرابلس وبقية المدن في الغرب وكذلك على الجبهة تزامنا مع هذا العرض، ويستنكرون أن يقبل المجلس النظر في هذا العرض وارواح الليبيين تزهق بالآلة العسكرية الحديثة تحت مرآى ومسمع من العالم . وفي الإتجاه المقابل يدفع المؤيديون لوجهة نظر المجلس أن التعاطي مع مثل هكذا عروض سيبين للعالم بما لا يدع مجالا للشك أن القذافي غير جاد في حقن الدماء و أنه فقط يحاول كسب الوقت، مما سيزيد من الضغط الدولي عليه، ومن جهة أخرى فإن سفك الدماء الذي يتم في المدن الغربية بحق المدنيين العزل لابد أن يتوقف بكل الطرق وهذه أولوية ومسئولية للمجلس يجب أن يتحملها.
حقن الدماء
أيا كانت التجاذبات والإختلافات حول التعاطي مع هذا العرض وطبيعة تناوله وهل هو محاولة لخلط الأوراق أو لتداعيات الواقع الميداني ، إلا أن هناك بعض الجوانب التي يجب تسليط الضوء عليها في خضم هذا التفاعل، يأتي في مقدمتها الأولوية التي دفعت رئيس المجلس الوطني المؤقت المستشار مصطفى عبدالجليل وهي أولوية حقن الدماء وهي مصلحة معتبرة لا يشكك فيها أحد من أبناء الشعب الليبي لكن التعاطي مع الأمر بهذه السرعة وبالشروط المجتزئة سيحيله إلى نقاط قوة يستفيد منها القذافي ويوظفها لصالحه وخصوصا وان الأمر لم يتطرق إلى كتائبه الأمنية ومصيرها فإيقاف إطلاق النار على المدنيين لا يعني بالضرورة حل هذه الكتائب أو كسر شوكتها وقياداتها الميدانية التي أجرمت في حق الشعب الليبي مما يعني خطرا آخر سيتجرعه الشعب الليبي في شكل حرب عصابات من المرتزقة لا تدع مجتمعا أتت عليها إلا جعلته كالهشيم، وايضا الأمر لم يتطرق إلى أموال القذافي وأولاده والعناصر المحسوبة عليه ، التي جمدت في الخارج و ربما غيرها الكثير الذي لم يكشف بعد، فعلاوة على أنها من حقوق الشعب الليبي التي نهبت خلال اربعة عقود ، فهي ستوظف حتما من قبل القذافي لإثارة الفتن والقلاقل في ليبيا ، وهذا دور غير مستغرب عليه فقد نفذه في بعض الدول التي تعرف بقدرتها الإستخباراتية وقوتها لأنها أعمال تنفذ في جنح الظلام وعلى ايدي مرتزقة مأجورين، و كذلك لم يتناول المكان الذي سيقيم فيه القذافي وابنائه والشروط التي يجب أن تتعهد بها الدولة التي تقبل إقامته على اراضيها من تقييد لنشاطه وإتصالاته بشكل يضمن سلامة الشعب الليبي والوطن من عمليات إنتقامية قد يخطط لها من جديد. و الأمر المهم هو حق أهالي الضحايا في مقاضاته إذ أن ما نفذه نظام القذافي ضد الشعب الليبي يفوق اضعاف اضعاف ما عليه من مطالبات إزاء المجتمع الدولين، وبالتالي فإنه من المستغرب أن يعلن عن إمكانية إسقاط ملاحقته جنائيا عما ارتكبه في حق الشعب بهذه السهولة في امر لا يملكه إلا اولياء الضحايا انفسهم.
موقف المجتمع الدولي.
الجانب الثاني يتمحور حول ما يشاع من إتصالات بين دول غربية و شخصيات محسوبة على المجلس الوطني المؤقت تدفع إلى هذا الحل حقنا منها للدماء وتجنيبا لمواجهات قد تمتد مدة من الزمن. والسؤال الذي يطرح نفسه هنا هو ، هل بات الحل المقترح من المجتمع الدولي ومن الدول العظمى إزاء الجرائم ضد الإنسانية هو السعي لإسقاط الملاحقة الجنائية عن مجرمي الحرب عوض التضييق على أدوات الجريمة من مراقبة لموضوع تجنيد المرتزقة، والمراقبة للشخصيات التي توفر الغطاء اللوجستي لها ، والتضييق على الصفقات المشبوهة لإستجلاب الآليات والمعدات لهذه الجرائم؟. إن الجرائم التي ترتكب في حق الشعب الليبي ما كان لها أن تتم لولا الموقف الدولي المتردد والبطئ والفج و المشبوه من قبل سدنة المصالح التي لا تمت للإنسانية بأية صلة. لقد كان حريا بالمجلس ان يضع مطالب محددة على مائدة المجتمع الدولي من شأنها أن تحقن الدماء وتوقف آلة الموت التي يطلقها هذا النظام على شعب أعزل بل وعلى النساء والأطفال في البيوت ويحاول تسويقها إعلاميا لتضع المجتمع الدولي امام مسئولياته ، ولقد كان حريا بالمجلس الوطني أن يطالب بالإعتراف به كجهة رسمية تمثل الشعب الليبي عوض التفريط في نقاط القوة التي يملكها .
الكتائب الامنية ومصيرها المجهول.
الجانب الثالث وهو يتعلق بالكتائب الأمنية التي لم تزل على ولائها لنظام القذافي و ابنائه، بالرغم من بشاعة الجرائم التي يرتكبها في حق ابناء وطنهم ، وبالرغم من عناصر المرتزقة الذين يستجلبهم، و هاهو أخيرا يسقط ورقة التوت الأخيرة عن برغماتية شنيعة يتعامل بها مع أقرب المقربين إليه ، فهو يفاوض على سلامته هو و أبنائه من أية أضرار أو ملاحقة جنائية قد يتعرضون لها مستقبلا ، مما يعني أنه سيترك هذه الكتائب وعناصرها لمواجهة المصير المحتوم و نقمة الشعب الليبي، الأمر الذي يجب أن يدفع هذه الكتائب وقادتها لإعادة حساباتهم الشخصية ،إن لم يحي ضمائرهم القتل والدمار الذي يتعرض له شعبهم، و أن يخافوا على أنفسهم ومستقبل أبنائهم ، لأنهم هم وحدهم من سيبقى ليواجه الموت و عقوبات هذه الجرائم.
المفضلات