هل سيبقى الشعب الفلسطيني بنكا للدماء؟ بقلم: عوني حدادين
بقلم: عوني حدادين – نيويورك
يقول ونستون تشرشل رئيس الوزراء البريطاني ابان الحرب العالمية الثانية :" صحيح انك تحارب عدوك بالسلاح لكن المهم أن تغلبه سياسيا لان السياسة هي حرب من نوع أخر" في توصيف يعبر تماما عن حالة الشعب الفلسطيني الذي يخوض حرب تحرير لبلاده المسلوبة منذ ما يزيد عن نصف قرن.
نصف قرن تقريبا على تضحيات الشعب الفلسطيني قدم خلالها انهارا من الدماء الزكية فى حربه المشروعة ضد العدو الصهيوني المغتصب لأرضه مما يجعلنا نطرح السؤال : هل سيبقي الشعب الفلسطيني بنكا للدماء ؟ وهل حان الوقت اللازم لقطف ثمرة هذا النضال الطويل على الأرض ؟ ان المتتبع لمراحل النضال الفلسطيني الجماهيري السلمي والمسلح ورغم الانتصارات السياسية الجزئية الصغيرة هنا او هناك إلا أن انتصارا حقيقيا في دولة كاملة السيادة لم ينجز ولم يكتمل بالشكل الصحيح للدولة .
اننا هنا لا ولن ندعو للتنازل عن الثوابت الوطنية والمقاومة المشروعة ولكن ننظر للعمل السياسي بمنظار لا يقل أهمية وتأثيرا عن قوة السلاح لانتزاع الحقوق الوطنية وفي مقدمتها حق العودة وتقرير المصير وبناء الدولة ذات السيادة الكاملة وهو امر لا يكتمل ولا يمكن له ان يرى النجاح بدون مبادرات خلاقة وجهود تعمل على كسب الأصدقاء والحلفاء وإتقان فن التكتيك السياسي خدمة للبعد الاستراتيجي البعيد في هذا الوقت الذي تضع فيها الإدارة الأمريكية كل جهودها نحو إنجاح العملية السلمية وفي الوقت الذي يخاطب فيه اوباما العالمين العربي والإسلامي من وسط اكبر دولة عربية وواحدة من اكبر الدول الإسلامية فانه لتبدو لنا الفرصة سانحة للعرب وللفلسطينيين بشكل اكبر للاستفادة من هذا الزخم الأمريكي وعملية الدفع باتجاه سلام حقيقي وحل نهائي للقضية بشكل لم نره منذ رحيل الرئيس الأمريكي الأقرب للعرب في تاريخ البيت الأبيض وهنا نتكلم بالضرورة عن جيمي كارتر مع هذه الجهود الأمريكية فإننا نرى بان أمام العرب والفلسطينيين احد خيارين: السلام مع ما تقدمه إدارة اوباما ولكن السلام العادل غير المفرط بحق العودة والقدس او انتظار حكومة إسرائيلية معتدلة او حل أخر قد يكون الأسوأ ونعني هنا الحرب التي لا تميل الكفة فيها لنا مع كل هذه الترسانة التي في حوزة تل أبيب .
اذا أردنا السلام فعلينا ان نكون في ملعب تقديم مبادرات ولو جزئية تربك اليمين الصهيوني امام الإدارة الأمريكية والعالم لإدارة اوباما التي تريد إحلال السلام في المنطقة لان اوباما المثقل بهموم الأزمة المالية وقوى الضغط اليهودي وقوى اليمين الأمريكي المحافظ المتحالف مع اليهود لن يستطيع ان يقدم لنا شيئا ان لم نسانده وان لا نكن عقبة في وجهه بل دعمه بوجه هذه القوى وخاصة حكومة إسرائيل المتطرفة في هذه المرحلة الحساسة والدقيقة يجب علينا كعرب ولا سيما في مصر والسعودية والأردن ان ندفع بثقلنا لتوحيد الصف الفلسطيني وان لا نعطي الإسرائيليين اي ذريعة لتبرير تهربهم من استحقاق السلام بالقول انه لا يوجد شريك فلسطيني نتفاوض معه لوضع ركائز الحل النهائي للصراع قد يكون هناك حجج إسرائيلية بان غزة لها حل مؤجل والضفة لها حل مؤجل إلى جانب حجة الانقسام وذريعة التطرف والإرهاب وإيران التي ستقذفها بوجه اوباما لتعطيل الحل لذا علينا ان نتوحد وان نقر ان حماس هي لاعب رئيسي لا يمكن تجاوزه وعلى الراعي العربي ان يلزم الطرف الفلسطيني في الوحدة وان يكون الحوار ليس حوار طرشان ومضيعة للوقت في التركيز على المحاصصة بين التنظيمات والعصبيات التنظيمية الفارغة لان نتنياهو من مصلحته ان نبقى في نفس الدائرة وان تبقى غزه بيد حماس لإضعاف عباس في التفاوض وبالتالي لا حل .
علينا استغلال هذه الفرصة التي لن تعود مرة أخرى واستغلال طموح اوباما في تفكيك خيوط الصراع وانجاز الحل السلمي و كما قال خلال لقائه مع عباس : اننا لن ننتظر لولاية أخرى لإيجاد حل إذ علينا التركيز على محور مهم وهو على إلزام الفصائل الفلسطينية بالوحدة تحت مظلة(م .ت .ف) حتى لا يتحول الدم الفلسطيني إلى مجرد ثمن فقط لأجندة إقليمية ومزاودات خاصة لان مصلحة إسرائيل وأطراف أخرى تشتيت جهودنا لقضايا أخرى نحن فى غنى عنها الآن.
المفضلات