قاموسنا وقاموسهم!
حلمي الأسمر
5/30/2009
قصة حل الدولتين وبقية الحلول التي كانت مطروحة على طاولة الإسرائيليين بشأن القضية الفلسطينية ، كلها كانت حبرا على ورق ، بل ربما لا تستحق الحبر الذي كتبت به ، أذكر حينما كان العرب يتحدثون عن مقولة "حالة اللاحرب واللاسلم" كان الإسرائيليون وبلسان حكيمهم بيريز يقولون أن حالة اللاحرب واللاسلم حالة بلاغية عربية ، لا وجود لها في قاموسهم ، فنحن نعيش سلاما حققته الحرب ، فهم لا ينتظرون حلولا ، كما نحن العرب ، لأنهم يعيشون واقعا صنعوه بقوتهم ، وفي الأثناء يبيعون المجتمع الدولي ، والأطراف العربية المهتمة بضاعة فاسدة تسمى مفاوضات من أجل المفاوضات ، أما على الأرض ، فثمة شأن آخر: أسوار عازلة ومستوطنات وحواجز ، وتغيير جذري في ديمغرافيا الأرض والسكان ، وفي هذا السياق نفهم مشروع ألداد ، الذي سرعان ما تجاوب معه أعضاء البرلمان الإسرائيلي وأيدوه بأغلبية ساحقة،
ما جرى في الكنيست ليس رأي النخب السياسية الحاكمة فقط ، بل هو رأي الشارع الإسرائيلي ، انظروا معي إلى استطلاع جماهيري جرى قبل عدة أشهر ، بيّن أن (89%) من الإسرائيليين يؤيدون إعادة احتلال شبه جزيرة سيناء المصرية ، كليًا أو جزئيًا. الاستطلاع أجراه المعهد الإسرائيلي للديمقراطية لمناسبة مرور 30 عامًا على توقيع معاهدة السلام المصرية - الإسرائيلية ، وقد رأى (33%) من الإسرائيليين أن على إسرائيل إعادة احتلال شبه جزيرة سيناء ، و(19%) أيدوا إعادة احتلال معظمها ، و(29%) يؤيدون احتلال جزء منها ، و8% يؤيدون احتلال جزء صغير ، وفقط (11%) لا يؤيدون "استرجاع" أي جزء ولو صغير منها ، هذا فيما يتعلق بسيناء ، فكيف يكون الأمر بالنسبة إلى "يهودا والسامرة" كما يسمونها ، اعني الضفة الغربية؟
لقد حان الوقت الذي ندرك فيه أن طريق التسويات السياسية طريق مسدود ، ولا يفضي إلى شيء ، وأن المواجهة العسكرية والقوة فقط هي ما يمكن أن يغير الواقع ، وحمل إسرائيل على الانصياع لطاولة التفاوض الحقيقية ، ليس من أجل تفاوض لا نهائي ولا يفضي الى شيء ، بل تفاوض يجبرها على الانسحاب ، وهذه هي الطريقة التي أثمرت حين أجبرت إسرائيل على الانسحاب من جنوب لبنان ، ومن غزة ايضا ، وهي سابقة لم تحصل في تاريخ صراعنا مع اليهود ، أما قصة أننا لا نستطيع مواجهة القوة الإسرائيلية فهذه المقولة تهاوت تحت ضربات مقاومة لبنان ومقاومة فلسطين ، وبوسائل شبه بدائية..
الإرادة الصلبة والعزيمة الصادقة تستطيع أن تصمد وأن تناجز ، وتغطي على ميزان القوى الذي يميل لصالح العدو ، ولكن المشكلة أن إرادة القتال شطبت من قاموس النظام السياسي العربي ، والنضال الحقيقي يجب أن يتجه لإعادة هذه الكلمة لهذا القاموس ، الذي يجد في "خيار السلام" حلا مريحا لتخدير القلوب والعقول ، وهو يدرك أن هذا محض سراب،
المفضلات