بصدور الارادة الملكية السامية بتعيين رئيس واعضاء المحكمة الدستورية يمكن القول ان القانون رقم 15 لسنة 2012 قد اخذ طريقه الى التنفيذ وان الاجراءات الدستورية والقانونية قد باتت منجزة وان المحكمة الدستورية قد غدت جزءاً اصيلاً وحيوياً ومهماً في المشهد الاردني وماتم انجازه من قوانين اصلاحية احدثت قطيعة مع الماضي وباتت اشارات ساطعة على طريق الاصلاح التي قطعت شوطاً مهماً فيه وها هي عجلة التنفيذ قد انطلقت والتي ستصل باذن الله الى الاستحقاق الأبرز وهو الانتخابات النيابية نهاية العام الجاري في اصرار وارادة سياسية صلبة اراد جلالة الملك عبدالله الثاني ان تكون الخطوات اليها مدروسة وعميقة وتحظى برضى الأردنيين وتأييدهم بدءاً بالتعديلات الدستورية وليس انتهاء برزمة القوانين التي تم اقرارها كقانون الاحزاب والهيئة المستقلة للانتخاب وقانون الانتخاب ذاته الذي ستجري الانتخابات المقبلة على اساسه بعد ان تم تعديل عدد مقاعد القائمة النسبية ليغدو 27 مقعداً بعد ان كان سبعة عشر مقعداً فقط وفي ذلك اشارة الى رغبة ملكية واضحة بان يكون القانون اكثر عدالة وتمثيلاً..
من هنا جاءت رسالة جلالة الملك عبدالله الثاني التي وجهها الى رئيس واعضاء المحكمة الدستورية يوم امس لتضع الامور في نصابها الصحيح ولتؤكد للأردنيين كافة اننا نسير في الاتجاه الصحيح وان لا شيء سيدفعنا للتراجع عن مسيرة الاصلاح وان مبدأ الرقابة على دستورية التشريعات لم يغب يوماً عن حياتنا السياسية ولا عن مؤسساتنا الوطنية العريقة..
وخصوصاً في اعتبار قائد الوطن عن حق ان المحكمة الدستورية هي انجاز أردني بارز ورائد تتجسد الآن في ايلاء مهمة الرقابة على دستورية القوانين والأنظمة النافذة الى محكمة متخصصة بعد ان تصدى المجلس العالي لتفسير الدستور لهذه المهمة قبل اقرار قانون المحكمة الدستورية وقد نهض القائمون عليه بمهمتهم النبيلة على اكمل وجه.
المحكمة الدستورية كما يعلم الجميع تشكل ضمانة هامة ومرجعية اساسية لتكريس مبدأ احترام الدستور وترسيخ الفصل والتوازن بين السلطات وايضاً ودائماً في ان تكون حامية لحقوق المواطنين وحرياتهم الأساسية ومعززة للثقة بينهم وبين الدولة، وهي امور اضاءت عليها الرسالة الملكية طويلاً كي يتأكد ابناء شعبنا ان تكريس الأردن انموذجاً يحتذى في الديمقراطية والتعددية ودولة القانون والمؤسسات واحترام حقوق الانسان قد بدأ وهو الآن يتقدم على هذه الطريق بثقة وأمل بالمستقبل وفي رهان على ارادة الأردنيين وقدرتهم على مواجهة التحديات والمراكمة على الانجازات.
كما يكتسب الوصف الذي اطلقته الرسالة الملكية على رئيس واعضاء المحكمة الدستورية اهمية اضافية «حراس العدل» بكل ما يعنيه هذا المصطلح من عمق وايحاءات ودلالات وما يمثله وجود المحكمة من ضمان في المستقبل القريب عند انتخاب مجلس نواب جديد وايضا ضوابط لتعزيز الفصل والتوازن بين السلطات ومراقباً لاحترام سيادة القانون والشرعية وبخاصة ان تلك الانتخابات ستجري في الأردن لأول مرة بادارة واشراف الهيئة المستقلة للانتخاب والتي تعد هي الاخرى انجازاً اصلاحياً آخر يدعو للاعتزاز والفخر.
المحكمة الدستورية خطوة نوعية على طريق الاصلاح تكرس بلدنا دولة للقانون وحمى للحريات وتجسد في الوقت نفسه رمزا للحيادية والاستقلالية والشفافية لا تأثير لأحد على قراراتها وجملة ما ورد في قانون انشائها يشكل ضمانة لها ولقضائها على الدوام وهو امر طالما حرص جلالة الملك شخصياً على ان يكون جزءاً اصيلاً وثابتاً في مسيرة الاصلاح والتحديث والعصرنة.
المفضلات