قال الله تعالى ((وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَّسْئُولُونَ)) الصافات الايه 24
قفوهم حتى يسألوا عن أعمالهم وأقوالهم وأفعالهم ، التي صدرت عنهم في الدار الدنيا.
وقال ( صلى الله عليه وسلم ) ...* - نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس الصحة والفراغ
الراوي: عبدالله بن عباس المحدث: الألباني - المصدر: صحيح ابن ماجه ، خلاصة حكم المحدث: صحيح
( بن باز )** نعم، هذا حديث صحيح ، يعني كثيرٌ من الناس تضيع صحته، وفراغه بغير فائدة، صحيح الجسم معافى في بدنه، وعنده فراغ، ولكن لا يستعمل ذلك فيما ينفعه، وفيما يقربه من الله، وفيما ينفعه في الدنيا، فهذا مغبون في هاتين النعمتين، وإنما ينبغي للمؤمن أن يستغل هذه النعمة فيما يرضي الله، وفيما ينفعه كالتجارة، وأنواع الكسب الحلال، والاستكثار من الصوم والصلاة، والذكر والطاعات، وعيادة المرضى، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والدعوة إلى الله -عز وجل- إلى غير هذا من وجوه الخير، فالمؤمن يشغلهما بما يرضي الله، وبما ينفعه في دنياه من الحلال، فإذا ترك هاتين النعمتين، لم يستعملها فيما ينفعه فقد غبن، وهذا الغبن قد يكون محرماً، وقد يكون لا يضره، فإذا لم يستعملها في معاصي الله، وأدى الواجب، لم يضره هذا الغبن، أما إذا كانت الصحة مستعملة في معاصي الله؛ ضره ذلك، أو الفراغ مستعمل في معاصي الله ضره ذلك، أما إذا كان، لا، لم يستعمل ذلك في معاصي الله، ولكن لم يستكثر في الحسنات المستحبة، ولم يستعمل هذا الفراغ والصحة فيما ينفعه في دنياه، ولكنه عنده ما يقوم بحاله و ويقوم بحال عائلته وليس مضطراً إلى الكسب ونحو ذلك، فإن ذلك لا يضره ولكنه نوع من الغبن، لو استعمل الصحة فيما ينفعه، من الذكر والطاعة، وأنواع الطاعات المشروعة، وفي المكاسب الحلال الطيبة يتصدق منها، ويحسن لكان خيراً له.
ونظراً لاهمية الوقت وتأثيره على حياة الفرد منا كان لا بد من استثماره على أكمل وجه بما فيه الفائدة وذلك لارضاء الله عز وجل لانه كما بينا سابقاً في الايه 24 من سورة الصافات حيث يخبرنا سبحانه وتعالى عن مشهد من مشاهد يوم القيامة وهو أن الناس سوف يسألون عن أعمالهم في الحياة الدنيا .
أخواني الاحبه
أن أخطر الاوقات على الانسان هو ذلك الوقت الذي يكون فيه بلا عمل يشغل به نفسه فتتصارع في نفسه قوى الخير التي تدعوه الى العمل بما يرضي الله عز وجل من الطاعات والعبادات ،وقوى الشر التي تدفع به الى الهاوية العميقة ...... الى جهنم والتي أعدها الله للعاصين من الناس .
## أما قوى الشر...... والتي تنبع من تعدد الوسائل العلمية الحديثة والتطور الهائل والمتسارع للتكنولوجيا والتي بها من المغريات ما بها . فالنفس الامارة بالسؤ تدفعه الى المعاصي لقتل الوقت كما يتهيأ له والعياذ بالله . ووقت الغراغ يدفع الكثيرين الى التفكير للبحث عن سد هذا الفراغ بتجربة اشياء محرمة بعيدةٌ كل البعد عن طريق الخير والصلاح مثل التفكير بزيادة دخله عن طريق السرقة بشتى مجالاتها وهذا يدفعه بالتالي الى تجربة المخدرات والمشروبات المحرمة ، وما هي الا جرعةٌ واحدةٌ وينزلق الى الهاوية التي تؤدي به الى نار جهنم وبأس المصير ، ويتأتى ذلك ايضاً بالبحث عن رفقاء السؤ الذين يصورون له هذه الطريق بانها طريق الخلاص من هذا الفراغ القاتل بدعمٍ ومؤازرة من الشيطان الذي يجد طريقه سهلة الى النفس المحطمة البعيدة كل البعد عن الطاعات وطلب رضا الله عز وجل ، وهذا الانسان وفي هذه الحالة قد يسلب منه التسديد الالهي والتوفيق والبركة في جميع أعماله ، ولا ننسى في هذا المقام ان الاعمال الجنونية التي يكون هدفها ايذاء الناس اما بالقيادة المتهورة للسيارة او بحراثة الشوارع والصراخ والكلام البذيء للناس الامنين ، أيضاً يقوم بها الانسان بدافع القضاء على الوقت ( وقت الفراغ )
## أما قوى الخير..... فتدفعه الى العمل واشغال الوقت بكل الاعمال التي من شأنها التقرب الى الله ونيل رضاه ، وهذا لا يعني ان نترك الحياة بما فيها من مباحات احلها الله لنا ولكن ان نعيش بالتوازن ما بين العمل بالمباحات والعمل بما يتطلبه منا ديننا الحنيف من صلاة وصوم وارتياد المساجد وقراءة القرأن الكريم والسير على خطى الحبيب ( صلى الله عليه وسلم ) .
وقال الله تعالى في سورة الذاريات الايه 56
(وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) ولا يقصد هنا فقط العبادة ولا شيء غيرها بل يقصد بها تنمية المواهب بمزيدٍ من المعرفة في شتى مجالات الحياة والعمل بما تعلم ليستفيد من عمله هذا كافة الناس ، ذاك العمل الذي يرضي الله ويكون هدفه التقرب اليه ونيل رضاه والثواب بالدنيا والاخرة وان تعددت صور هذا العمل وتنوعت وبالتالي يدفعنا ذلك الى البحث عن ما هو جديد وعملي من اختراعات ومدارك كبيرةٍ تكون مكتنزة داخل العقل البشري و هي بحاجةٍ الى الوعي ونقاء الذهن وصفاء الروح والهدف الاسمى والامل الكبير في دخول الجنة مع الانبياء والصالحين والمشفعين من حبيبنا محمد ( صلى الله عليه وسلم ) يوم القيامة .
ويخطىء من يظن ان استثمار وقت الفراغ لا يتم الا بعمل الطاعات والتوجه الى الله بالصلاة ونحوها لان هذه الطاعات ما هي الا اساسيات الايمان بالله عز وجل ولكن بوقت الفراغ يتم زيادة المجهود بها لاكثار الاعمال الصالحة التي بدورها تعطي النفس والذهن البشري مساحاتٍ اوسع للتفكر ببديع خلق الله .وتنمية مهرات القراءة والكتابة والبحث والتقصي في جميع المجالات العلمية والمهارات العملية المتاحة لها
وفي النهاية فأن الامة الاسلامية بحاجة الى الطبيب الماهر الذي يضع نصب عينيه مخافة الله ، والى المعلم الذي يعطي لا من أجل مكاسب دنيوية زائلة بل يعطي من اجل تبليغ الامانة التى يحملها والتي كلُف بها من الله عز وجل ، وقس على ذلك جميع مجالات الحياة بشتى اعمالها والتي يبُغى من ورائها رضا الله .
.
.
المفضلات