قبـل حوالـي شهـر ونصـف كنـت أقـرأ موضـوعـا
وكـانت تتابـع معـي طفـله فـي الثامنه مـن عـمـرها ،
والموضـوع كـان يتحـدث عـن عـذاب القبـر ، فـقـالت الطـفـلة :
أنــا أصـلـي
لأننـي أحـب الله ،
فوجئـت واسـتـدرت إلـيـها فـقـرأت عـلـى وجـهـها عــدم
الرضا عن الذي قرأه ، وتابعت الطفلة قائلا : إن زميلا لـها مسلمـا يـدرس فـي مدرسـة
غيـر إسلاميـة ، ومعلمتـه تنـادي علـى أسمـاء الأنبيـاء ، فـإذا مـا نـادت علـى
نبيهـم ، تناثـرت الحلـوى والألعـاب علـى التلاميـذ ، فـعـدت إلــى موضـوعـي
الذي كنت أقرأ ، وقلـت معلقـا : ( إذا كـان هنـاك ترهيـب فهنـاك ترغيـب أيضـا ،
وإذا كان في الآخرة نار محرقة ، فإن فيهـا جنـة عريضـة فيهـا مـالا عيـن رأت ولا
أذن سمعت ولا خطر على قلـب بشـر ، لا بـد مـن مراعـاة هـذا الأمـر ، خصوصـا
إذا كان هناك أطفال ) ، ربما حمل صاحب الموضوع شيئـا فـي نفسـه ،0 ومنـذ ذلـك
اليوم وعلامة استفهام ضخمة ترافقني أينمـا ذهبـت وتستديـر أينمـا استـدرت ! لمـاذا
ن
حن نعبـد الله ؟ أدري أن الأمـر واضـح جلـي لأن الله سبحانـه القائـل فـي الآيـة
السادسة والخمسون من سورة الذاريـات { ومـا خلقـت الجـن والإنـس إلا ليعبـدون }
ولكن السؤال لنا وليس لله سبحانه لماذا نعبده ؟ هل طمعا فـي جنتـه ؟ أم خوفـا منـه ؟
أيضا أعلم أنه علينا أن نخافه فهو سبحانه يطلب منا ذلـك فـي الآيـة 175 مـن سـورة
الذاريات : ( إنما ذلك الشيطان يخوف أولياءه فلا تخافوهم وخافـون إن كنتـم مؤمنيـن )
كما أن علينا أن نطمع في جنته فربنا يدعونا إليها في الآية 133 من سـورة آل عمـران
{ وسارعـوا إلـى مغفـرة مـن ربكـم وجنـة عرضهـا السمـوات والأرض أعــدت
للمتقين }، والآن وصلت إلى ما أريـد بيانـه ، وهـو أن هنـاك حـب آخـر هـو حـب
الطفل الذي قال أنـه يصلـي لأنـه يحـب الله – وحتـى أقـرب الموضـوع ولله المثـل
الأعلى ، أسأل كلا منكم : لماذا تحب أمك ؟ أنت فـي الأصـل لـم تشاهـد فـي مراحلـك
الأولى ما فعلته أمك لك حتى تحبها كل هذا الحـب ، وأقـول : أنـت تحبهـا لأن الحبـل
السري الذي كان يربطـك بهـا ويغذيـك وأنـت فـي بطنهـا ، ظـل مرتبطـا بهـا وإن
قطعوه بعد أن خرجت إلى الدنيا ، وإلا فليفسر لـي أحـد ، لمـاذا عندمـا يبكـي الطفـل
والكل نيام في الليل ، لا تسمعه إلا أمه حتى لـو كـان فـي مكـان بعيـد عنهـا ؟ فهـي
تحبك لأنها ولدتك ؟ فإذا كان هذا هو حب أمك التي ولدتك ، فكـم هـو حـب الله سبحانـه
الذي خلقك ؟ ورحمة أمك لك هي بضع يسير من رحمته سبحانـه ، أفـلا يستحـق هـذا
العظيم أن نحبه لذاته سبحانـه لا طمعـا فـي جنتـه ولا خوفـا مـن نـاره فقـط ، رب
يتنزل عليك بالخير والنعم التي لا تحصى وأنت تصعد إليه بالمعاصـي والنكـران ، ورغـم
ذلك إذا تقربت منه شبرا تقرب منك ذراعا ، وإذا أتيته تمشي أتاك هروله ، ويتوب عليـك
حتى تتوب ، أما وجب علينا أن نحب هذا الرب الكبير العظيم لذاته ، فندعو الناس إليه وإلى
حب ذاته سبحانه بالإضافة إلى جنته وناره ، ما أجمل أن نحب الذي أحبنا أولا وهـو الله 0
يا رب إن كنت أصبت فيما كتبت فلك الحمد والشكـر والمنـة وإن كنـت أخطـأت فإليـك
أتوب وأسألك الغفـران ، وصلـى الله علـى سيدنـا محمـد ، صلـى الله عليـه وسلـم
المفضلات