بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
أنواع الكفر :
الكفر نوعان : كفر أكبر ، وكفر أصغر .
فالكفر الأكبر هو الموجب للخلود في النار ، والأصغر موجب لاستحقاق الوعيد دون الخلود .
أولا : الكفر الأكبر .
وهو خمسة أنواع :
أ- كفر التكذيب
وهو اعتقاد كذب الرسل عليهم السلام ، فمن كذبهم فيما جاؤوا به ظاهرا أو باطنا فقد كفر ، والدليل قوله تعالى :
{ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أَوْ كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِلْكَافِرِينَ } (العنكبوت : 68) .
2 - كفر الإباء والاستكبار
وذلك بأن يكون عالما بصدق الرسول ، وأنه جاء بالحق من عند الله ، لكن لا ينقاد لحكمه ولا يذعن لأمره ، استكبارا وعنادا ، والدليل قوله تعالى : { وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ فَسَجَدُوا إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى وَاسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنَ الْكَافِرِينَ } (البقرة : 34) .
3 - كفر الشك
وهو التردد ، وعدم الجزم بصدق الرسل ، ويقال له كفر الظن ، وهو ضد الجزم واليقين .
والدليل قوله تعالى : { وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا }{ وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا }{ قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا }{ لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا } (الكهف : 35- 38) .
4 - كفر الإعراض
والمراد الإعراض الكلي عن الدين ، بأن يعرض بسمعه وقلبه وعلمه عما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم ، والدليل قوله تعالى : { وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ } (الأحقاف : 3) .
5 - كفر النفاق
والمراد النفاق الاعتقادي بأن يظهر الإيمان ويبطن الكفر ، والدليل قوله تعالى : { ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لَا يَفْقَهُونَ } (المنافقون : 3) .
والنفاق على ضربين :
1 - نفاق اعتقاد وهو كفر أكبر ناقل من الملة وهو ستة أنواع : تكذيب الرسول ، أو تكذيب بعض ما جاء به ، أو بغض الرسول ، أو بغض ما جاء به ، أو المسرة بانخفاض دين الرسول ، أو الكراهية لانتصار دين الرسول .
2 - ونفاق عملي وهو كفر أصغر لا ينقل من الملة ، إلا أنه جريمة كبيرة وإثم عظيم ، ومنه ما ذكره النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث حيث قال : « أربع من كن فيه كان منافقا خالصا ، ومن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يدعها : إذا اؤتمن خان ، وإذا حدث كذب ، وإذا عاهد غدر ، وإذا خاصم فجر » متفق عليه .
وقال عليه الصلاة والسلام : « آية المنافق ثلاث : إذا حدث كذب ، وإذا وعد أخلف ، وإذا أؤتمن خان » ، رواه البخاري .
ثانيا : الكفر الأصغر
وهو لا يخرج صاحبه من الملة ولا يوجب الخلود في النار وإنما عليه الوعيد الشديد ، وهو كفر النعمة ، وجميع ما ورد في النصوص من ذكر الكفر الذي لا يصل إلى حد الكفر الأكبر . ومن الأمثلة عليه :
ما ورد في قوله تعالى : { وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ }{ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ } (النحل : 112) .
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : « اثنتان في الناس هما بهم كفر ، الطعن في النسب والنياحة على الميت » ، رواه مسلم .
وفي قوله صلى الله عليه وسلم : « لا ترجعوا بعدي كفارا يضرب بعضكم رقاب بعض » ، رواه البخاري ومسلم .
فهذا وأمثاله كفر دون كفر وهو لا يخرج من الملة الإسلامية .
قوله تعالى : { وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ }{ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ } (الحجرات : 9 ، 10) ، فسماهم الله عز وجل مؤمنين مع الاقتتال .
ولقوله تعالى : { إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرَى إِثْمًا عَظِيمًا } (النساء : 48) ، فدلت الآية الكريمة على أن كل ذنب دون الشرك تحت المشيئة أي إن شاء الله عذبه بقدر ذنبه وإن شاء عفا عنه من أول وهلة ، إلا الشرك به فإن الله لا يغفره كما هو صريح في الآية وقوله تعالى : { إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ } (المائدة : 72) .
من كتاب " أصول الإيمان في ضوء الكتاب والسنة " ج1 ص84
والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
المفضلات