خلال استقباله رئيس المحكمة الدستورية واعضاء المحكمة أعاد جلالة الملك عبدالله الثاني تذكير الاردنيين جميعاً باحتفاء جلالته شخصياً بهذا الحدث الدستوري الكبير الذي شكل قفزة نوعية على طريق تكريس الاردن دولة قانون وفصل اكيد بين السلطات الثلاث وحفظاً للتوازن بينها ودائما في مراقبة احترام سيادة القانون وبما هي ايضاً ضمانة ومرجعية لتعزيز مسيرة البناء والاصلاح والتطوير في جميع المجالات.
من هنا, جاء تأكيد جلالته مرة اخرى ومن خلال تصريح ملكي خاص للزميلة وكالة الانباء الاردنية (بترا) على ان انشاء المحكمة الدستورية يرسخ مبدأ احترام الدستور والفصل بين السلطات ومنع تغول احداها على الاخرى وحماية حقوق المواطنين وصيانة الحريات, لتضيء على مسألة غاية في الأهمية وهي ان المنجز التاريخي الذي تمثل في انشاء المحكمة الدستورية انما هو نتاج طبيعي للتعديلات الدستورية وما سبقها من انجازات حقيقية وملموسة على ارض الواقع وفي اطار خارطة الطريق للاصلاح.
ولأن جلالة الملك يولي اهمية خاصة للاستحقاق الاردني الكبير الذي يتمثل في الانتخابات النيابية والتي بدأ العد التنازلي لها بل أخذ يتسارع بعد انتهاء فترة التسجيل يوم امس ووصول اعداد الذين سجلوا وحصلوا على البطاقة الانتخابية اكثر من مليونين وربع مليون مواطن في اطار عملية تسجيل شفافة ومريحة ومضبوطة وتحت الاضواء, فإن قائد الوطن لفت الى مسألة مهمة وهي ان هذا الاقبال الشعبي انما يعكس حرص فئة واسعة من الاردنيين ورغبتهم في المشاركة بفعالية وبشكل مباشر في معالجة مختلف التحديات التي تواجه الوطن ادراكا شعبياً عميقاً بأن اي تغيير حقيقي وملموس لا يمكن ان يحدث إلاّ بطرقة ديمقراطية وعبر المؤسسات والقنوات الدستورية.
وإذ نوّه جلالته بما تحمله الانتخابات المقبلة من ميزات ايجابية تحدث لأول مرة في تاريخ الاردن وهي القوائم الوطنية التي تمكّن المواطن من انتخاب مرشحين على مستوى المملكة, فإن جلالته رأى عن حق ان هذا الحدث اللافت انما يسهم في تطوير الحياة الحزبية على مدار الدورات البرلمانية القادمةوخصوصاً ان الانتخابات ستدار لأول مرة أيضاً في تاريخ الاردن من قبل واشراف هيئة مستقلة للانتخاب لافراز مجلس نيابي جديد يعكس ارادة الاردنيين ويعبّر عن رغبتهم في التغيير الايجابي.
ولعل اشارة جلالة الملك للافتة والموسعة حول الحراكات التي قام من خلالها الاردنيون بالتعبير عن ارائهم بطريقة سلمية وحضارية وبأسلوب نموذجي هاف وبناء واطمئنان جلالته الى وطنية هذه الشرائح وانها اسهمت في المساعدة على تسريع وتيرة الاصلاح وتزيد من الثقة بأننا نسير في الاتجاه الصحيح وان الطريق كان مفتوحاً باتساعه كي يمارس الاردنيون كافة حقوقهم الدستورية في التعبير عن ارائهم عبر الحراكات ضمن سيادة القانون وسيكون لكل ابناء الاردن فرصة لممارسة حقهم الدستوري الاخر من خلال صناديق الاقتراع التي تضمن التعبير عن ارادتهم ومشاركتهم في عملية صنع القرار وبناء غدٍ أفضل, مع ضرورة الانتباه الى أن استغلال بعض الدخلاء للحراكات بهدف اختطاف الشارع لتنفيذ اجندات خاصة هو أمر مرفوض من الجميع في هذا البلد الطيب الذين يتوفرون على وعي عميق وحرص على بناء الاردن النموذج والمستقبل الواعد لكل الاردنيين.
قصارى القول ان جلالة الملك اوضح يوم امس في شكل لا يخضع للتأويل او الاجتهاد أننا بصدد استحقاق كبير يجب ان تتوفر كل اسباب الدعم لانجاحه وايصاله الى نهايته المرجوة وبالتالي فإن ابرز مهمة للحكومة الجديدة تتمثل في دعم عمل الهيئة المستقلة للانتخاب التي ستتولى ادارة الانتخابات المبكرة من الالف الى الياء, وفق افضل معايير النزاهة والحياد والشفافية, اضافة بالطبع الى باقي الملفات والقضايا المهمة والحيوية الموضوعة على اجندتها وخصوصاً تولي مسألة انعكاسات الواقع الاقتصادي الصعب على المواطنين بما هم الاولوية الاولى على جدول اعمال جلالة الملك الشخصي.