بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد :
هل اختلاف الأئمة رحمة ؟
كثيرا ما نقول أن اختلاف الأئمة رحمة
و أن هذا الاختلاف توسعة على الأمة !
لكن كل هذه الأقوال ليس لها أساس في كتاب الله تعالى و سنة حبيبه عليه الصلاة و السلام
بل هي أقوال مشايخ المقلدين أما نحن أهل السنة لا يجب علينا قول هذا .
فإن الآيات الواردة في النهى عن الاختلاف في الدين , و الأمر بالاتفاق فيه كثيرة , و سنذكر بعضها على سبيل المثال
قال الله تعالى :
{ و لا تنازعوا فتفشلوا و تذهب ريحكم }
و قال تعالى :
{ و لا يزالون مختلفين . إلا من رحم ربك }
فإذا كان من رحم ربك لا يختلفون , و إنما يختلف أهل الباطل ؛ فكيف يعقل أن يكون الاختلاف رحمة ؟!
و كل من يحتجون على ذلك بحديث – طالما كرروه في مثل هذه المناسبة رادين به على أنصار السنة -:
( اختلاف أمتي رحمة ) فهذا حديث لا يصح , بل هو باطل لا اصل له ؛ قال العلامة السبكى :
" لم أقف له على سند صحيح , و لا ضعيف , و لا موضوع " .
أما الحديثين التاليين ( ..... اختلاف أصحابي لكم رحمة )
و ( أصحابي كالنجوم ؛ فبأيهم اقتديتم اهتديتم)
فكلاهما لا يصح : فالأول واه جدا , و الأخر موضوع ,
و قد حقق الشيخ الألباني القول في ذلك كله في
" سلسلة الأحاديث الضعيفة والموضوعة"
( رقم 58 و 59 و 61)
فأما اختلاف الصحابة ؛ فإنما كان عن ضرورة و اختلاف طبيعي منهم في الفهم ؛ لا اختيارا منهم للخلاف ,
و لكنهم كانوا ينكرون الاختلاف , ويفرون منه ما استطاعوا إلى ذلك سبيلا .
قال ابن القاسم : ( سمعت مالكا و الليث يقولان في اختلاف أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم :
ليس كما قال ناس : " فيه توسعة " ؛ ليس كذلك , إنما هو خطأ و صواب " )
و قال أشهب : ( سئل مالك عمن أخذ بحديث حدثه ثقة
عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم ؛ أتراه من ذلك في سعة ؟ فقال : لا و الله حتى يصيب الحق ,
ما الحق إلا واحد , قولان مختلفان يكونان صوابا جميعا ؟ ! ما الحق إلا واحد )
و قال المزنى صاحب الإمام الشافعي : ( و قد اختلف أصحاب رسول الله صلى الله عليه و سلم , فخطأ بعضهم بعضا , و نظر بعضهم في أقاويل بعض و تعقبها و لو كان قولهم كله صوابا عندهم , لما فعلوا ذلك )
و قال ابن عبد البر (2/88) : ( و لو كان الصواب في وجهين متدافعين ؛ ما خطأ السلف بعضهم بعضا فى اجتهادهم و قضائهم و فتواهم , و النظر يأبى أن يكون الشيء و ضده صوابا كله , و لقد أحسن من قال :
إثبات ضدين معا في حال أقبح ما يأتي من المحال )
فثبت أن الخلاف شر كله , و ليس رحمة , و لكن منه ما يؤاخذ على الإنسان ؛ كخلاف المتعصبة للمذاهب ,
و منه ما لا يؤاخذ عليه ؛ كخلاف الصحابة و من تابعهم من الأئمة ؛ حشرنا الله في زمرتهم , ووفقنا لاتباعهم.
جُمع و رُتب من كلام الشيخ العلامة
" محمد ناصر الدين الألباني " رحمه الله
جزى الله من جمعه خيراً
و الكلام السابق موجود في كتاب صفة صلاة النبي
عليه الصلاة و السلام للشيخ الألباني رحمه الله
فأنصح الجميع باقتنائه
الطبعة الثانية للطبعة الجديدة 1996
مكتبة المعارف للنشر و التوزيع
منقول
والحمد لله رب العالمين
المفضلات