وزير التعليم العالي على خطى وزراء التأزيم !
كتب الدكتور يوسف ربابعة
لم يمض وقت طويل على تنفس رئيس الوزراء الصعداء بعد أن تخلص مما كان يسمى وزراء التأزيم بعد التعديل على الحكومة قبل شهر، ومحاولة إغلاق بعض الملفات الحرجة وفتح الحوار بعد أن كان مغلقا مع الأحزاب والقطاعات الشعبية.
هذه الراحة يبدو أنها غير مرضية بعد تصريحات وزير التعليم العالي على التلفزيون الأردني والتي جاءت مفاجئة وغريبة في الوقت ذاته، فقد حمل معالي الوزير على الأساتذة ويريد منعهم من دخول بوابات الجامعات الحكومية "لأنهم يحبون السيارات" على حد تعبيره !!
وتكشف تصريحات الوزير عن ارتباك واضح بعد أن احتج اساتذة الجامعات على قرار منع النشر في المجلات الأردنية، وهي نوع من المناكفة والانتقام، إذ لم يكن معاليه يتوقع يوما من الأساتذة – وهو واحد منهم – أن يكون لهم صوت ولو خافتا، وقد نسي معاليه أن الاحتجاج لم يكن على سياسات كثيرة من المفترض أن لا يقبل بها الأساتذة ولكن كان فقط على قضية أكاديمية بسيطة، فكيف لو طالب أساتذة الجامعات برابطة أو نقابة؟ بالتاكيد كان سيخرج علينا معالي الوزير ليطالبنا بحلق لحانا والاستحمام اليومي!!
لقد استبشر أساتذة الجامعات بقدوم الدكتور المعاني وأنا واحد منهم، ذلك لما كنا نسمع منه من نظريات عن تطوير التعليم والنهوض به، ولكنه لم يكن قادرا على تجاوز أول اختبار ديموقراطي، إذ غضب عند أول مطالبة شرعية وحقوقية، فلو أن هذا الكلام قاله سابقا لما أثار استغرابنا فنحن جميعا نعلم أن هناك مشاكل في طرق التدريس والضعف في البحث والضعف الأكاديمي، ولكن لم يكن الوزير يتبنى هذه الآراء من قبل حيث كان رئيسا لأهم جامعة في الأردن ولم تكن تعيياناته مبنية على الأسس التي ينادي بها اليوم، وقد دخل بوابة الجامعة في عهده أساتذة يريد اليوم أن يغلق الباب دونهم، فأين كانت الرؤية حين ذلك!
إن تصريحات معالي الوزير بهذا الشكل هي جزء من ازمة قادمة لم تكن بالحسبان، فأساتذة الجامعات سوف يفتحون عيونهم بعد أن أغمضوها سنوات، وإن هذه التصريحات التي تطلق تعميما هي الشرارة التي ربما ستخلق أزمة للحكومة التي "تشهدت" بعد أن خفت أزماتها خلال الأيام الأخيرة، وربما سنشهد في قادم الأيام ململة وتحركا لأساتذة الجامعات لم يكن موجودا من قبل، ومن حقهم الاحتجاج أمام اتهامات وزير التعليم العالي.
إن الاحتجاج وطلب الحقوق ليس مطلبا فرديا وترفيا بل هو مطلب إنساني، فقد نص القانون الدولي لحقوق الإنسان والصادر عام 1948 والقانون الدولي cescr الصادر في عام 1966 في المادة (13) علي أن الحرية الأكاديمية في الجامعة هي من حق الأساتذة والطلبة كأفراد وكمجموعات.. وعلى أن يكون لهم الحرية في التعلم والبحث ونشر الأفكار عبر المناقشة الحرة والكتابة وكل أنواع الفنون، وكذلك الحق في نقد إدارة المؤسسة التعليمية بدون الخوف من أي اضطهاد أو عقاب، وينص الجزء الثاني من المادة 13 علي أنه لا بد أن تدار الجامعات كمؤسسات حرة مستقلة بعيدة عن النفوذ الحكومي.
المفضلات