ما أصعب أن يعيش الإنسان في وسط مقفر قحط لاينبت فية عشب أخضر ولا ورد أحمر وما أقسى أن يعيش في محيط جاف ممحل لاتسقط من سمائه قطرة ماء تروي ظمأه وتسقي زرعه وما أشد أن يعيش مع مجموعة متجمدة الاحاسيس متلبده المشاعر متكلسة العواطف منغلقة العقول يخلو من قلبة نبض الحب ولاتندى مشاعرهم عن نبعة حنان أو كلمة أحسان وفي مثل هذا الوضع الذي يجب ألايكون ألا للانسان أن يحب ويعطي وأن له أن يعمل وينتج وأن له أن يتفائل ويبتسم ويتعامل مع الاخرين ويتعاون معهم أو يحبهم ويصادقهم أو يتودد اليهم وتقرب إليهم وهو يعيش في جو يعج بالشؤم والعويل وينذر بالشر والتبور والوعيد هل يستطيع أحد أن يعيش في جو متلبد سماؤه بالغيوم وملوث هواؤه بالحقد والغيرة؟ وهل يستطيع أحد أن يستمر في حياة خالية من الحب والعطف ومقفرة من الرحمة والاحسان؟ وكيف ستستمر الحياة إذا نضبت من الحب؟ وكيف سيتعاون الناس إن خلت مشاعرهم من العطف والرقة والحنان فهذا وضع غير طبيعي ويجب أن تمجه الانفس وتزدرية
كل هذا يحدث عندما تنضب الحياة من الحب ويجب الا تنضب وتخلو القلوب من الرحمة ويجب ألاتخلو لئلا يتحول الإنسان الى آلة خالية من المشاعر والاحساس إن لم تمتلئ بالكره والحقد والضغينة وحتى لايصبح إنسان يمشي بقلب ميت ومشاعر متحجرة وعواطف متكلسة وعيون منكمشة فلا يشعر بفرح ولا ينتابه أمل بل شؤم وأكتئاب وحزن وغم واغتراب وهذا لايريده إنسان فعندما ينضب الحب ويجب إلا ينضب من قلوب الناس تصبح الحياة صحراء قاحلة لايبزغ فيها أمل ولاينجز فيها عمل بل كسل وخمول وانطواء وأنزواء وفضول وعندما يخبو الحب ويجب ألايخبو تجف الارواح وتقسو النفوس وتتحجر المشاعر ويفقد الإنسان إنسانيته ويصبح متشائما غير قادر على رؤية شيء جميل أوتذوق فن رفيع أو الشعور بفرح بهيج أو تعلم علم مفيد أو أداء عمل خير وعندما يجف الحب ويجب ألا يجف يتلاشى الخير وتكفهر الوجوه وتقسو المعاملة ويموت القلب وتغل الصدور فلا تنفث الا حقدا وضغينة وكرها وحسدا وغيرة
والطامة الكبرى تكون عندما يفتقر الى الحب طفل في سن النشوء أو يتيما محتاجا إلى العناية والحنان أو ضعيفا يرنو إلى العون والدعم والظهير أوضغيرا لايستطيع أن يتدبر أمره أو عاجزا لم يصل بعد إلى السن الذي يمكنه من مؤازرة نفسه بنفسه فعندها يكثر الهدم ويقل البناء وينتشر الشر وينحسر الخير ويتكثف الكره وينضب الحب وتتحول الحياة إلى جحيم لايطاق وهذا ما لا نريده ولا أحد يريده
فلماذا لا نملأ قلوبنا بالحب الذي يجعل الحياة من حولنا حلوة جميلة؟ ولماذا لا نتآلف مع الاخرين لكي نرى الحياة زاهية مشرقة منيرة؟ فالحب هو الذي يطلق الهمم ويحرك الطاقات والعطف هو الذي يجعل الحياة ثرية زخمة تستحق أن تعاش ولها قيمة والروح الحلوه هي التي تضفي على الانسان إنسانيته وتجعله يشعر مع غيره ويتفهم مشاكله ويخفف عنه بعض همومه
فالإنسان العاقل هو الذي يملأ قلبه بالحب وعواطفه بالرحمة والإحسان والانسان العاقل هو الذي يجعل حياته خيرة مثمرة بحبه للآخرين
وإحسانه للفقير وتعاونه مع الضعيف ومساندته للصغير الذي لاسند ولاظهير
فما أجمل من أن نحب ولا أجمل من أن نتراحم ولا أحلى من أن نرسم بسمة على وجه طفل متفتح للحياة ونقدم وردة لإنسان ينبض قلبه بالحب والخير والاحسان ونهدي هدية لشخص يعمل بصمت أناء الليل دون أنتظار للجزاء والاحسان وما أجمل أن ننشر المحبة من حولنا ونزيل الاشواك من طريقنا ونزرع الورد والريحان في دروبنا لكي نتكلم خيرا وننطق حبا وبشرا وننشر أملا وتفاؤلا ونجعل الحياة جميلة منعشة جديرة أن تعاش
المفضلات