الملك ينتصر للشعب.. ماذا تبقى للمعارضة من حجج
الحقيقة الدولية ـ عمان عمر العبادي
غمرت الفرحة قلوب 70 نائبا على وجه التحديد لإقالة رئيس الوزراء الأسبق معروف البخيت وتكليف الدكتور عون الخصاونة بدلا منه، وشاركهم فيها عدد كبير من التيار المعارض لا يمكن الجزم أو الحسم بأنها جاءت استجابة ملكية للمذكرة التي رفعها النواب لجلالة الملك بتغيير رئيس الوزراء لعدم قدرته على إدارة العديد من الملفات.
جلالة الملك وهو الأقرب إلى نبض الشارع جاءت مواقفه منسجمة تماما مع تطلعات الشعب التي رأت في الدكتور البخيت بأنه تصدر المواجهة مع المعارضة الأردنية، ووقف أمام رغبة المواطنين فيما يتعلق بالبلديات وعدم القدرة على ضبط الارتفاع المتصاعد للأسعار.
الحراك الملكي جاء كذلك منسجما مع مواقف التيارات التي تطالب بكف يد الأجهزة الأمنية عن العمل العام من خلال تغيير مدير المخابرات السابق محمد الرقاد وتعيين اللواء فيصل الشوبكي بدلا منه.
الشخصيتان الأبرز في التغيير الواسع على المقاعد الأساس في الدولة كانتا مثار جدل شعبي وامتعاض من الحالة التي وصلت إليها الدولة وتجرؤ البعض على النيل من هيبتها جهارا نهارا دون رادع.
الشخصية البديلة الأولى وهي لرئيس الوزراء، فإن طبيعة عمله قاضيا ما يعني أنه يعرف جيدا القانون والحقوق والواجبات والأقدر على التعامل مع قضايا ملحة مثل قانون الانتخاب والأحزاب بما يحقق التنمية السياسية المطلوبة، وبما يكفل مشاركة كافة أطياف الشعب في الانتخابات النيابية المقبلة.
كما أن الخصاونة وهو الأقدر على التعامل مع القضايا الدولية بصفته كان قاضيا في محكمة العدل العليا في لاهي، فضلا عن كونه كان رئيسا للديوان الملكي وهو بيت الأردنيين جميعا، بمعنى أنه كان قريبا جدا من مؤسسة القصر حيث عمل رئيسا للديوان الملكي في وقت سابق.
ويؤمل بأن المرحلة الحالية وهي مرحلة "التغيير" بأن تكون هناك لمسات واضحة للخصاونة من خلال التعاون مع السلطة القضائية لتطوير سلك القضاء والارتقاء به بما يحقق المزيد من العدل والمساواة، من خلال تطوير التشريعات والقوانين، وبما يتواكب مع التطورات التي تشهدها المملكة.
ويرى مراقبون بأن اختيار قاض كبير عمل في محكمة عالمية "لاهاي" فضلا عن كونه كان يعمل في الفترة بين 1980-1985 مسؤول القانون الدولي والمنظمات الدولية في وزارة الخارجية، ثم رئيس قسم القانون الدولي من 1985-1990، سيكون له الأثر الملموس على القضاء وبما يحقق الإصلاح الذي ينشده الجميع.
وفيما يتعلق بشخصية مدير المخابرات فيصل الشوبكي، فإنه عرف عنه عمله في الحقل الدبلوماسي، بمعنى أنه يتقن لغة الحوار التي يرى الكثيرون بأنها اللغة المطلوبة في هذه المرحلة على وجه الخصوص لتقريب وجهات النظر المعارضة، لما يتم من عمليات إصلاحية وبما ترغب به الدولة والاستحقاقات الدولية والظروف الإقليمية.
ويرى المواطن العادي بأن من أهم الملفات التي يتوجب على الدولة التعامل معها من خلال الحكومة ملفات الفساد وبشكل قانوني، حيث أن الخصاونة وهو رجل القانون الأقدر والأقوى على إدارة تلك الملفات التي شكلت منعطفا وتحولا كبيرا لدى المواطن الأردني، فيما يتعلق بالولاء والانتماء والجدية في اجتثاث تلك الآفة.
وبين ما يقوم به جلالة الملك وما تعلن عنه القوى المعارضة عن حاجتها للإصلاح تبقى هناك مساحة كبيرة للمناورة الشعبية، التي تجد في تلك التغييرات استجابة ملكية لنبض الشارع وأنها لم تأت نتيجة أية ضغوطات، كون جلالة الملك كان وما يزال نصير المواطن في الكثير من القضايا.
ويرى المراقب بأن تغيير حكومة البخيت لا تعني إقالة رئيس الوزراء فقط وإنما تتطلب إجراء جملة من التغييرات الجذرية بما يزيل حالة الاحتقان التي سادت المواطنين، وبخاصة فيما يتعلق بموضوع البلديات والانتخابات، حيث يرى البعض أن المطلوب هو توفير إرادة سياسية جادة وقادرة على إجراء الانتخابات عمليا وليس إعلاميا بكل نزاهة وشفافية، مع الأخذ بعين الاعتبار مطالب المواطنين وإعطائهم مساحة من الوقت لتدبر أمورهم وترشيح من يرغبون برئاسة البلدية وتحديدا البلديات المستحدثة، بمعنى أن لا تترك عملية انتخاب رئاسة تلك البلديات لما بعد الانتخابات.
وفيما يتعلق بقضية الطلبة الأردنيين العائدين من دول الثورات، فإنه يتوجب على الحكومة الجديدة القدرة على التعاطي مع قضايا التعليم بما يحقق طموحات المواطن والحفاظ على سمعة التعليم في الأردن.
الأشهر القليلة المقبلة ستكون محط انتباه وترقب المواطن العادي والنخب السياسية؛ لما يتمخض عن الحكومة الجديدة وقدرتها على احتواء كافة ردات الفعل التي خيمت على المعارضة في وقت سابق نتيجة المواقف المتشنجة بينها وبين الحكومة السابقة.
ويعتبر البعض أن المرحلة المقبلة ستكون غاية في الأهمية من حيث التعاطي مع الكثير من الملفات على الصعيد الاقتصادي، خصوصا بعد ارتفاع الدين العام للملكة بشكل لافت أو على الصعيد الاجتماعي وارتفاع نسب الفقر وقلة المشاريع الإنتاجية.
ويضاف إلى ما ذكر الملف السياسي وهو الأكثر تعقيدا بين الملفات المفتوحة وهي بقايا تركة الحكومات المتعاقبة، وبخاصة فيما يتعلق بموضوع قانون الانتخاب الذي يجد المراقب السياسي بأنه مفتاح الحل للكثير من القضايا، والذي من خلاله من الممكن أن تشهد الدولة تنمية سياسية حقيقية بعيدا عن أي خطاب إنشائي.
ويدفع المتابعون للشأن السياسي باتجاه التهدئة وإفساح المجال للحكومة الجديدة بأن تعمل بما يحقق الإصلاحات المنشودة والابتعاد عن أية مواجهة وتأزيم المواقف بين أي طرف؛ كون الأردن بلد طيب وأبناؤه المشاغبون سرعان ما يعودون إلى حضن الوطن ويعملون على رفع شأنه ورفعته وبما يحقق الازدهار والتقدم والحفاظ على الأمن والاستقرار.
وفي نهاية القول يؤكد المراقبون للشأن السياسي بأن الملك انتصر للشعب وتعرت المعارضة حيث لم يتبق لها حجج تتذرع بها.
المصدر: الحقيقة الدولية ـ عمان عمر العبادي
10/17/2011 4:08:20 pm
المفضلات