رأينا .. جريدة الرأي
في بلاغة وايجاز لخص جلالة الملك عبدالله الثاني الحدث الدبلوماسي الاردني الابرز هذه الايام والذي جسده تصويت دول المعمورة للاردن كي يشغل عضوية مجلس الامن الدولي المولج حماية ورعاية الامن والسلم الدوليين والسهر عليهما, ممثلا دول اسيا والمحيط الهادئ للعامين 2014 - 2015, قال جلالته: «ان انتخاب الاردن لعضوية مجلس الامن, مسؤولية كبيرة نحن أهل لها بإذن الله, وفقنا الله لخدمة شعبنا وأمتنا العربية والاسلامية والانسانية».
هكذا يرى الاردن المهمة النبيلة التي انتدبته لها الاسرة الدولية, في تقدير واحترام للدور الذي تنهض به الدبلوماسية الاردنية في المشهدين الدولي والاقليمي وبما استطاعت ان تكرسه وتجسده على ارض الواقع من انحياز للشرعية الدولية والقانون الدولي والانتصار لقضايا الشعوب في التنمية والحرية والاستقلال واختيار الانظمة التي تريدها بعيداً عن الوصاية والهيمنة والتبعية.
في الاطار ذاته جاءت هذه الخطوة لتزيد من مسؤولية الاردن ولتضعه في المؤسسة الدولية الأعلى والابرز على الصعيد العالمي ولتؤكد ان عضوية مجلس الأمن ليست مهمة سهلة بل تفرض أعلى درجات اليقظة والحيطة والحذر في عالم يعج بالمشكلات والحروب والمجالات وتفتقد غالبية شعوبه الحد الادنى من الفرص والعيش الكريم وتسهم الظروف المناخية في مفاقمة ازماته وتفرض عليه تحديات يجب ان يواجهها, ناهيك عمّا يمكن للغة الحوار وثقافة السلام ان تحرزه من انجازات وان تصيبه من نجاحات درءاً للحروب وإبعاداً للدماء وسفك الدماء وزيادة معاناة الشعوب, التي تذهب ضحية التطرف والتعصب والجشع.
يدرك الاردن ان انتخابه لعضوية مجلس الامن -وهي ليست المرة الاولى بالمناسبة فقد شغل بلدنا المقعد المرموق هذا مرتين من قبل- يتطلب منه بذل المزيد من الجهود والدفع قدماً لخدمة القضايا العربية والاسلامية والدولية العادلة ومن ابرزها القضية الفلسطينية التي يعتبرها الاردن مصلحة وطنية اردنية عليا.. فضلاً عن كونها جوهر الصراع وعدم الاستقرار في المنطقة.
اولوية الاردن في هذه المرحلة التي احتل فيها مقعداً في مجلس الأمن, تتمثل في الوصول الى حل سلمي شامل يضمن قيام الدولة الفلسطينية بما هي منطلق كل الازمات, ما يوفر بالفعل الأمن والاستقرار للمنطقة بأسرها, دولها وشعوبها. ولا يغيب عن البال ما يمكن للازمة السورية ان تشكله من تحديات على امن واستقرار العالم بأسره وليس فقط الدول المجاورة ومنطقة الشرق الاوسط في شكل عام والذي يتحمل الاردن فيها اعباء غير عادية جراء تدفق اكثر من نصف مليون لاجيء سوري على اراضيه ما اسهم في استنزاف موارده المحدودة على اي حال وفي الضغط الهائل على مرافقه وخدماته وبناه التحتية وارهق اقتصاده الوطني ما يعني وبالضرورة قيام المجتمع الدولي بمسؤولياته في هذا الاتجاه كي يواصل الاردن تقديم خدماته الانسانية والاغاثية لهؤلاء اللاجئين.
فقصارى القول ان هذا المنبر الدولي الابرز والمؤثر في قضايا وملفات العالم بأسره, سيشكل فرصة اخرى متجددة امام الدبلوماسية المؤهلة وذات الخبرة والحيوية والديناميكية المشهود لها ان تخدم القضايا العربية والاسلامية والانسانية وان تنحاز للعدل والسلام والحرية وان تنتصر للشعوب وتسهم في تخفيف الكوارث والاوبئة التي تفتك بدول الجنوب وتدافع عن حقوقها في التنمية والتمتع بثرواتها والعيش بكرامة.
المفضلات