تهديد أبي مازن الحقيقي
في مقابلة صحفية بذلها الرئيس الفلسطيني محمود عباس في المدة الاخيرة للقناة الثانية رفض فكرة الاعلان من طرف واحد باقامة دولة فلسطينية، لانه يدرك ان معنى ذلك الاكتفاء بجزء صغير من الضفة الغربية مع جعل النزاع القومي بين الجانبين نزاعا عاديا على حدود.
وهو يدرك ايضا أن التهديد بأن تقوم غربي النهر دولة «اسراطين»، بحسب نظرية «كبير الزعماء العرب»، معمر القذافي الهاذي، هو تهديد أجوف، وذلك لان كل رئيس حكومة اسرائيلي يفضل انسحابا من جانب واحد على موافقة على دولة ثنائية القومية.
ورفض أبو مازن خيار العنف في أوضح صورة وأحدها. هو يعلم أن العنف قد يضر باسرائيل لكن ثمن الدماء الأعلى سيدفعه الفلسطينيون كما هي الحال دائما. لم يتحدث علنا عن التهديد الحقيقي. لكن يوجد حوله قريبا من يتحدث عن ذلك بلا تردد.
القصد الى حل السلطة الفلسطينية اذا لم ينجح التفاوض مع اسرائيل. يعلم عباس أنه حتى اذا اقترح اوباما خطة منه، على خلفية فشل ممكن للمفاوضات، فان اسرائيل تستطيع ان تعارض وأن تثير ما لا يحصى من التحفظات عليها.
وهو يدرك ايضا أن الاتيان بخطة كهذه ليجيزها مجلس الامن لن يفضي الى شيء.
فالامم المتحدة مثلا لم تتبن قط اتفاقات كامب ديفيد في 1978 لكنها تبنت «خريطة الطريق» بحماسة. السلاح الفعال الوحيد الذي يملكه أبو مازن هو أن يقول لاسرائيل ما يلي: في اطار اتفاقات اوسلو اقيمت سلطة فلسطينية ومؤسسات. كان يفترض ان تقوم السلطة مدة خمس سنين وأن تحل محلها دولة فلسطينية. اذا أراد الفلسطينيون اقامة دولة فانهم يحتاجون الى اتفاق مع اسرائيل. أقيمت دولة بلا اتفاق في المؤتمر الفلسطيني في 1988 ولا يوجد لها أي معنى.
أنشأنا مؤسسات، وأنشأنا جهازا أمنيا، وشباننا دربهم جنرالات أمريكيون، سيقول عباس، بيد أننا يتهمنا جمهورنا (والمستوطنون ايضا) بأننا اصبحنا جزءا من جهاز الأمن الاسرائيلي. نحن نتلقى منحا من دول في العالم ونغطي بأنفسنا جميع نفقات الحكم في المناطق، بعد عشرات السنين التي انفقت فيها اسرائيل على ذلك مليارات كثيرة من الدولارات. أصبحنا، على قدر كبير، مقاولين ثانويين لاسرائيل في حفظ الاحتلال. وافقنا على ذلك لاننا قدرنا أن هذه فترة انتقالية تمهيدا لاقامة دولة فلسطينية في الضفة الغربية كلها و (غزة). مرت 16 سنة. لم يخطر في بالنا في أسوأ احلامنا ان يستمر هذا زمنا طويلا الى هذا الحد. لنا نصيب من الذنب لكن لا يمكن ان يستمر هذا.
صحيح، نحن نعُمل عشرات الآلاف، وعندنا شروط أجور وحساب نفقات ولا يسهل علينا التخلي من كل هذا. لكن كلما استمر هذا الوضع المتكلف سيصعب علينا تغييره. بدأت الدول المانحة أيضا تضييق ذرعا بالنفقة على أجور الجهاز المضطر.
لهذا اذا تبين ان محادثات التقارب محاولة أخرى لكسب الوقت؛ واذا كانت الفجوة الحقيقية التي ستتبين فيها أكبر من أن يعقد جسر فوقها فسنقوم بعمل. سنقدم لكم على طبق من الفضة مقاليد المناطق التي احتللتموها في 1967. شكرا على الرئاسة، وعلى رئاسة الحكومة وعلى السيارات. عودوا لتدبير أمورنا.
يوسي بيلين
اسرائيل اليوم الاسرائيلية
المفضلات