أبواب
فخر الزمان
مرة أخرى، تجلس صامتا، الآن..
ما زلت منهمكا في فرز الحب من الزوان.. وأنت الوحيد الذي اعتزلت الشكوى والضجيج، وانسحبت من سطوة الاسمنت والحديد، ثم اخترت خلاصك على ما تبقى من مساحة للتراب والصخر والقمح والمتعبين.. كم أنت حزين!!
***
وأرى، فيما أرى، أنك وحدك من آثر أن يتم مهمته، كما كان الأجداد الأوائل يفعلون.
كل شيء كان القدماء يعرفون، وكانوا يجتهدون، وفي نهاية اليوم يأكلون مما يحصدون.. لكن هل تفز أيها المتعب هنا، برغيف خبز، واستراحة رضى، كما كان الحال عند الأولين؟!
***
وكأن الشهود الحاضرون يعلمون بسيرة المنتهى..
ها هم ماثلون على الواقعة؛ أكياس مكدسة، وبقايا حصاد، وصخور قابعة، كأنها تنبىء بالقارعة..
كلهم يعلمون أن ذاكرة المتعب منهكة، من كثرة ما مر عليها من سنوات عجاف.. يا الله.. حتى الحصاد صار يتشابه عليه، وهو يفكر في الماضي المعذب، ويهذي رعبا من مستقبل لا مكان فيه للزرع، ولا للضرع، ولا للصابرين من «ربعه» الخائفين من حيف الزمان!!
***
وأرى، فيما أرى، ما سيأتي بعد فيض من السنين والأيام:
أنت وحدك.. ما تزال جالسا.. صامتا، تستنطق خير الأرض، وتستمطر ضرع السماء.. وحدك، صامدا، بينما كل من حولك ينظرك فخرا للزمان.. وينتظرك حنطة حلم، ورغيف أمان!!
مفلح العدوان
المفضلات