قطاف الخيرات في الشتاء
الحمد لله الذي جعل في كل فصل موسما للخيرات، وخلق الشتاء رحمة للأرض والإنسان والحيوان، فالحمد لله عدد قطرات السماء منذ خلقها إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها؛
قال تعالى: " وَاللَّهُ أَنزَلَ مِنْ السَّمَاءِ مَاءً فَأَحْيَا بِهِ الأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَةً لِقَوْمٍ يَسْمَعُونَ (65) سورة النحل
نعمة ومنة و فضل من الله عظيم، تلك الآية العظيمة التي تنزل من السماء بإذن الخالق الواحد الأحد، تزيد الجمال رونقا لا يشعر به إلا العباد الذين يتفكرون في هذه الآية العظيمة
قال تعالى:"
إِنَّمَا مَثَلُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا كَمَاءٍ أَنْزَلْنَاهُ مِنْ السَّمَاءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَبَاتُ الأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالأَنْعَامُ حَتَّى إِذَا أَخَذَتْ الأَرْضُ زُخْرُفَهَا وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُهَا أَنَّهُمْ قَادِرُونَ عَلَيْهَا أَتَاهَا أَمْرُنَا لَيْلاً أَوْ نَهَاراً فَجَعَلْنَاهَا حَصِيداً كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالأَمْسِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (24) سورة يونس
قطاف الخيرات في الشتاء كثيرة فأول قطفة هي عبادة التفكر التي تعدل عند الله سنين طويلة في العبادة:
ولهذا أثنى على المتفكرين في قوله تعالى :" إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الألباب 190 الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى" جنوبهم ويتفكرون في خلق السموات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا سبحانك فقنا عذاب النار 191 " (آل عمران).
و أثناء هذه العبادة الراقية التي نتذكر فيها الحبيب محمد "صلى الله عليه وسلم ، ونتذكر فيها سننه القولية والفعلية
"عندما كان يكشف رأسه للمطر ويمسح به على وجهه و يقول: انه حديث العهد بربي."
ثم تعلمنا كيف ندعو الله فالدعاء عند نزول المطر مستجاب و من منا لا يحتاج إلى الدعاء.
فقد علمنا صلى الله عليه وسلم ان نقول عند نزول المطر " اللهم صيبا نافعا " .
و عند اشتداد المطر اللهم حوالينا ولا علينا ، اللهم على الآكام ، والظراب ، وبطون الأودية ، ومنابت الشجر).
فالمسلم الناجح هو من سارع في اخذ نصيب له في فصل القطاف
و الفشل ليس الفشل في امتحان في وظيفة أو جامعة أو رخصة سواقة إنما الفشل الحقيقي يكمن عند من خسر فصل القطاف هذا .....
مسكين.......... من جعل أيام الشتاء و حبات المطر و الثلج تمر هكذا دون تدبر وتفكر
مسكين............. من جعل حبات المطر تنزل و تغسل الأرض و الشجر و الحجر و لما يجعلها تغسل شيئا من ذنوبه...................
أما القطفة الثانية التي لن تعوضها أرباح الدنانير و لا المليارات
هي العبادة في الليل
قال تعالى : (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ (16) َلَا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ (17)}السجدة
فأعمار امة محمد قصيرة بين الستين و السبعين ، لا تكفي الحسنات في هذه الأعمار لدخول الجنات ، لذلك وضع الله لنا في كل عام مواسم كثيرة للخيرات ، حتى تزداد الحسنات لدخول الجنة برحمة من الله ؛ و ها هو العام انقضى بعد إن عشنا مواسم الخيرات في رمضان و ذي الحجة و الآن أمامنا موسم خير عظيم و هو فصل الشتاء الذي يمتاز بقصر نهاره للصيام و طول ليله للقيام
و النجاح الحقيقي في هذه القطفة ليس قي من تفنن في الملذات في ليله الطويل و ليس فيمن اتخذ صحبة في لعب "الشدة و النرد" و ليس فيمن قلب القنوات و ملأ بطنه بالمأكولات و ما طاب من الحلويات ، فنام عن أغلى قطفة ، و ذهب العام تلو العام ، و الفصل تلو الفصل ، و القطاف تلو القطاف , لينام في قبر، الحياة فيه أطول بكثير من حياته في الدنيا ..
النجاح الحقيقي فيمن تدبر في ليله الطويل، و تفنن في صنوف العبادات, من تدبر و تلاوة للقران و دعاء و مناجاة و سماع محاضرات و اشتغال بالعلم و الصلاة في الليل..........
عندها فقط سيكون من أولئك الذين ربحوا قطاف الخيرات في الشتاء و تقلدوا وسام النجاح في الدنيا و الآخرة و اتخذوا قوله تعالى :" و ما خلقت الجن و الإنس إلا ليعبدون " نبراسا لهم في حياتهم مهما تتالت الفصول و تقلبت المناخات .
أخي في الله يا من قرأت هذه المنظومة الدعوية الخاصة بفصل الشتاء لا تدع موسم القطاف يفوتك ........................................ ....
بقلم الكاتبة سناء ابو هلال
المفضلات