البوح في حضرة الملك
الملوك نوعان , ملك يمتلك السلطة , وملك يمتلك القلوب والسلطة , ملك يتربع على عرش مملكته , وملك يتربع على عرش القلوب وعرش المملكة . فأما الذي يمتلك القلوب قبل السلطة والعرش فانه الذي يعيش شعبه في قلبه وفكره وخاطره فترى في عينيه الرحمة والحب والاشفاق وتراه يكون حيث يخشى أن هناك من يعاني وهناك من لايبذل جهدا لرفع المعاناة , وتراه يمشي في الليل بين شعبه باحثا عن أنين ضعيف أو بكاء طفل جائع أو فقير متعفف , وتراه يتفقدهم في النهار علنا وخفية ظاهرا ومتخفيا , فترى علامات السهر والارق بادية على جفنيه والحزن والحزم نورا في محياه .
الاردنيون عندك لايختفون في غياهب السجون كما بعض العرب في بعض أرض العروبة , والضيوف عندك يعودون الى أهليهم آمنين لا كما في بعض أرض العرب يدخل الضيف ولا يعود ولانجد له أثرا .
والاردنيون عندك يرفعون رؤوسهم أينما حلوا ويرفعون أصواتهم في وجه الحيف بعزة لا كما في بعض أرض العرب يحني الناس رؤوسهم ويغلقون أفواههم بذلة .
ودم الاردني عندك حرام وعرضه مصان لا كما في بعض أرض العرب دم العربي مسفوك وعرضه مستباح في مراكز الامن ودوائر المخابرات .
ولقد فوجئت أن الاردنيين لايخشون وزارة الداخلية ولا دائرة الامن ولا دائرة المخابرات ويتحدثون عنها كما يتحدثون عن دائرة الاراضي ودائرة الجوازات بينما لايجرؤ كثير من العرب في أرض العرب على المرور من محيط وزارة الداخلية ولا التفكير بدائرة المخابرات حتى في المنام .
رأيت الشرطي والجندي والضابط والجنرال عندك محترما في هندامه ومظهره ومشيته لا كما في كثير أرض العرب يمشي الشرطي والجندي متراخيا وقد أفلت حذاءه وتهلهل سرواله وأطلق لحيته , يجلسون في المقاهي برتبهم ونجومهم التي أنطفأ بريقها على أكتاف متهدلة , وما هذا وذاك الا اشارة عن مكانتهم لدى قيادتهم وموقعهم في بلدهم وروحهم المعنوية .
ورأيت موظفي الادارة الحكومية عندك يتسابقون لخدمة الغريب والضيف ويقدمونه على أبن البلد ويضعون أيديهم على قلوبهم خوفا على سمعة الاردن , ورأيتهم في بعض أرض العرب اما ينظرون الينا باستعلاء وعجرفة واما يتسابقون لخدمة من يدفع بقدر ما يدفع .
رأيت الناس عندك كراما أطيابا ما تزال النخوة تسري في عروقهم لايتألم قربهم جار الا أسعفوه ولا يفجع لديهم جار بعزيز الا أجتمعوا اليه , ولقد حدثني قبل حين من رآهم من أقصى الشمال الى أقصى الجنوب يبحثون عن طفل في عمر الورد أختفى أو تاه في قرية نائية ويعلقون صورته في الحافلات ويتبرعون برصد الجوائز لمن يعثر عليه .
ورأيت الارض عندك خضراء برحمة الله مزهرة عامرة على شح الموارد هواؤها عليل ودفئها جميل وظلها ظليل ومزنها مطير وخيرها وفير لا كما في بعض أرض العرب مال كثير ورمل له صرير , وشمس كأنها قطعة من العذاب , وسحاب لايشبه السحاب .
ياسيدى الملك لست بحاجة الى التخفي بين الاردنيين لتلمس حاجاتهم فقد وجدت أنك في قلوبهم ووجدت أنهم قادرون على أن تصلك أصواتهم .
وثمة سيدة عربية تقول للأردنيين تذكروا قول الله تعالى ( وأما بنعمة ربك فحدث ) صدق الله العظيم.
منقول عن كاتبة امارتية تعشق ثرى الاردن .......
المفضلات