خبرني - رحيله أبكى من لا يعرفه، فالسمعة العطرة والانجازات الكبيرة التي ارتبطت بمسيرته المتميزة، كانت كفيله بأن تذرف دموع من لا يعرفه، فكيف من عرفه عن قرب، وكان شاهداً على خصال العز والكبرياء والشهامة والجودة، وهي خصال لا تزال تحضر بقوة عندما تذكر سيرة ومسيرة الراحل الشيخ مصطفى ماجد العدوان – فقيد الرياضة الاردنية بل فقيد الوطن.
الخميس 20 ايار حلت الذكرى السابعة عشرة لرحيل الشيخ مصطفى، فعقارب الساعة وقفت عند السابعة مساء الاربعاء من 20 ايار 1992 ليخطف القدر رجل الموقف والمبادى والشهامة، فكانت الفاجعة التي لا تزال حسرتها في القلب حتى اللحظة وكأن الفراق كان اليوم وليس قبل 18 عاماً، والجرح الذي خلفه رحيل الشيخ مطصفى لا يزال ينزف وبنفس غزارة لحظة الفراق.
وتمضي السنوات على فراق مصطفى الكبرياء والشهامة، وصورته لا تزال راسخة بل ومتوهجة في افئدة كل من عرفه عن قرب، وصورته مرتسمة على جدران النادي الفيصلي، حيث افنى سنوات حياته، فأعطى وأجزل العطاء، ليعلو شأن الفيصلي النادي والمؤسسة، ليشكل وشقيقه الاكبر معالي الشيخ سلطان ماجد العدوان حالة فريدة من الانجاز رسمت طريق ابداع وتميز الفيصلي.
وفي شخصية مصطفى ومنذ ان طرق ابواب النادي الفيصلي لاعباً فذاً وبارعاً، سمات القوة والحكمة والذكاء وسرعة البديهة، وجميعها شكلت صورة الربان الماهر الذي استطاع ان يقود مركب الفيصلي وسط امواج متلاطمة الى شواطىء الامان، وهي بالطبع شواطىء الالقاب والانجاز، ليسيطر النادي الفيصلي خلال فترة قيادته للمركب على القاب كرة القدم الاردنية وعلى امتداد مواسم طويلة، جعلن النادي عنواناً بارزاً للنجاح والتألق والانجاز، وفي المدرجات حيث الجماهير الوفية التي تصدح بحناجرها للفيصلي الفريق، كان الشيخ مصطفى يتوسط الجماهير، وهي أي الجماهير لا تزال تهمس حتى يومنا هذا، الشيخ مصطفى كان يجلس هنا بل هنا، وتستذكره مع كل هدف يسجل للفيصلي ومع كل انتصار وانجاز يتحقق، فهو كان الاقرب للجماهير والاقرب للاعبين كافة، وكان بارعاً بنسج خيوط المحبة والالفة مع كل اسرة النادي الفيصلي.
وعطاء مصطفى لم يقتصر على النادي الفيصلي بل لاندية الوطن كافة، وعندما كان يتحمل مسؤولية الموقع في اتحاد كرة القدم، فأنه كان الصوت الاول المدافع عن الاندية كافة، وقبل ان يتحدث عن الفيصلي، ولهوى الاردن الغالي في قلب مصطفى حكاية عشق ابدية، وبصفاء ينابيع الماء العذب، ليحفر حروف اسمه بسجلات ذهبية بين رموز الدولة الذين قدموا للوطن الكثير والكثير، وفي ردهات النادي الفيصلي لا يزال صدى كلماته يجلجل المكان " حب الوطن لا يعلو عليه حب".
قومية مصطفى تجسدت بحرصه على بناء العلاقات الوطيدة والمتميزة مع الاندية العربية، فكان الفيصلي يمثل البيت المضياف لكل الاندية العربية التي تزور الاردن، وللاندية الفلسطينية خصوصية لدى مصطفى، وهو الذي تشرف تفاصيل العلاقة التلاحمية مع الاهل والاشقاء في فلسطين من والده الشيخ ماجد العدوان – شيخ مشايخ البلقاء – فكان مصطفى حريصاً على تقديم كل دعم ممكن للاندية الفلسطينية، لتتجسد تلك المكانة بالمشاركة العربية والفلسطينية على وجه الخصوص في تشييع جثمانه الطاهر، كما اوفد الرئيس الراحل ياسر عرفات انذاك مندوباً خاصاً عنه للمشاركة في تشييع الجثمان.
تمضي السنوات على رحيل الشيخ مصطفى والسيرة والمسيرة لا تزال تشكل العنوان الابرز لذكرى فارس وشيخ اثرى الرياضة الاردنية وقدم للوطن بوفاء واخلاص، وكما توقعها والده الشيخ ماجد العدوان منذ نعومة اظفار مصطفى " سيكون لمصطفى شأناً كبيراً وستكون مسيرته مرتبطة بالانجاز" وهي كما توقعها سيرة ومسيرة انجاز.
رحم الله الشيخ مصطفى العدوان.
2010/5/21
المفضلات