أبواب
ظاهرة تعاطي الكحول في سن المراهقة
تشير الدراسات النفسية الواسعة أن هناك زيادة طردية في لجوء الاطفال ومن هم في سن المراهقة لتعاطي الكحول لتصل في بعض المجتمعات إلى 13%.ويترافق مع هذا التزايد استخدام الماريغوانا والتوباكو، فهو المدخل الرئيسي للجوء إلى المخدرات بأنواعها، ومما لا شك فيه ان هذا السن الحرج (12-17) عام يتصف بالاندفاعية، وحب الاستطلاع وخوض التجربة الجديدة، وغلبة النزوات والغرائز، وتدني الخوف من المخاطر، وتدني الوازع الديني والترجيح العقلاني ، وسهولة إقامة العلاقات الشخصية مما يسهل السقوط في هذا المآزق الخطير وما ينجم عنه من عواقب وخيمة وبالرغم من ذلك فهناك أسباب أخرى مهمة منها الأسباب العائلية والاجتماعية : كتصدع العائلة، وتدني عاطفة الأبوين، والتساهل العائلي والاجتماعي، وضعف التشريعات الاجتماعية، ووجود البيئة التي تنخر فيها سوسة الإقبال على الكحول.
وللأسباب النفسية دور بارز أيضا،خاصة ما يعرف (باضطراب السلوك الاجتماعي) المتميز بالتهور، وعدم المسؤولية والعنف، والتشرد من المنزل والمدرسة وكره العائلة والمجتمع (Conduct disorder) واضطراب الحركة الزائدة لدى الاطفال وسن المراهقة، والكآبة النفسية والهوس، والقلق خاصة قلق المواجهة، والضغوطات النفسية الشديدة من فقدان احد الأبوين أو الاعتداءات الجنسية.
والخطورة في هذه المرحلة اشد واعتى من الإقدام على تعاطي الكحول في سن اكبر من ذلك(بعد سن العشرين ) خاصة الإدمان في سن مبكر بسبب ارتفاع عتبة الشعور بالنشوة الناجمة عن تناول الكحول(درجة الشعور بنفس اللذة النفسية للتأثير الكحولي ) نتيجة للنمو الجسماني المتواصل في هذه المرحلة، ولذلك نراهم اكثر شربا لكميات اكبر من غيرهم. ويشكل الكحول لدى هذه الفئة العمرية أكثر أسباب الانتحار والقتل، والاغتصاب، والسرقة، وحوادث السير وأشكال العنف المتعددة والبطالة، والفشل الدراسي واضطراب العلاقات الشخصية والعائلية والاجتماعية، والتسبب في اضطرابات المزاج المتعددة والتي تؤدي بهم للدخول في الحلقة المفرغة. ولا بد للأهل من التعرف على الأعراض السلوكية لمن يتعاطى الكحول وذلك حينما تتغير علاقة الطفل او المراهق الاجتماعية السابقة واستبدالها باقران جدد ومنحرفين، والتدهور في التحصيل الدراسي، والسلوك السري الخفي (إغلاق الغرفة لفترة طويلة) والخمول والنوم الفائض، والتذمر بعدم توفر الحرية الشخصية الخاصة، ورائحة الكحول وعدم الاتزان والسلوكيات الجانحة مثل العنف، والسرقة والكذب.
وللتنشئة والمراقبة العائلية والاجتماعية دور أساسي في الحد من هذه الظاهرة وعلاجها، وكذلك تأسيس جمعيات وطنية خاصة لرفض الكحول. وللتكاتف المدرسي والعائلي والاجتماعي دور هام أيضا لان معالجة هذه الحالة صعبة في اغلب الأحيان بسبب طبيعة هذا العمر والمآزق الدراسة والقانونية وتعاطي مواد أخرى مصاحبة ووجود أمراض نفسية أخرى.
د. محمد عبد الكريم الشوبكي
مستشار أمراض النفسية والعصبية
المفضلات