الباعة».. عندما يتوقفون عن المناداة «أحمر يا زر البندورة»
سرايا - هل تبددت حمرة "البندورة" بلونها القاني ، وقد كان لونها حتى زمن قريب يزين موائدنا،.. ولا ندري ان كانت موجات الحر التي دهمت المنطقة اخيرا ومن ضمنها بلدنا الحبيب ، قد اسهمت بمعاونة حشرة حفار الانفاق في البندورة بجعل باعة الخضار يتراجعون عن غنائهم القشيب في الترويج لبضائعم في الاسواق الشعبية وفي جولاتهم على الاحياء في "البك اب" المكدس بالخضروات وهم ينادون بصوت موسيقي "احمر يا زر البندورة"،.
بصراحة.. البندورة لم تعد حمراء ، وقد امتزج شكلها بالوان خضراء وصفراء وثقوب سوداء ، وغاب طعمها المعتاد ، وباتت شبيهة بالورد الصناعي "بلا طعم او رائحة"،. وفوق ذلك اسعارها في العلالي ، لاتخضع لاي اعتبار،.
"زر البندورة" الذي كان يكتسي بلونه "الدحنوني" ، وما له في الذاكرة حتى وقت قريب وفي قلوب الفقراء من رومانسية محببة.. لان "الطفر" له رومانسيته ايضا.. خاصة ان الاتصال شبه مقطوع مع "قلاية" البندورة.. والطريق الى صحن السلطة سالكة بصعوبة ، فيما تتجه البوصلة الان نحو "صينية الكفتة" بالطحينية.. وليس بالبندورة،.. لاسباب ليست مجهولة ، ولا تحتاج لضارب كف او منجم مغربي ليفك رموزها وطلاسمها،.
.. والله انها عزيزة على النفس ، مرهقة للجيب.. ونقصد "البندورة" تلك الحلوة "الغندورة" التي تسللت لشغاف القلوب وجدران الروح ، حتى اصبحت غناء اطفالنا ، وهم يطلقون العنان لبراءتهم المنسكبة فوق مقاعد الدراسة وساحات المدارس ، كانوا يرددون "انا البندورة الحمرا.. مزروعة بين الخضرا"..
وكما قال عندليب الجزيرة "محمد عبده" في رائعته الغنائية "من بادي الوقت": الوقت لو زان لك يا صاح ما دام ، لا بد تعترض دربك بلاويها،. فقد تحولت البندورة من عروس الخضار بحمرتها الجميلة ، الى عجوز شمطاء "ممعوطة ومقحوطة" بفستان باهت مزركش بالوان غير متناسقة على الاطلاق ، ومهرها سيبقى مرتفعا ، حتى اشعار آخر.
عن الدستور
المفضلات