السلط - إسلام النسور - انتظرت دعاء ثمانية أعوام منذ تخرجت من الجامعة حتى صدر قرار تعيينها في إحدى المؤسسات ،لكنها استنكفت عن الالتحاق بالوظيفة لرفض زوجها فكرة العمل وترك الأبناء دون أم تشرف عليهم.
تقول دعاء ليس لدي أي خيار آخر سوى الإنصياع لرغبة زوجي في الإستنكاف عن التعيين والتفرغ لتربية أبنائي الثلاثة،والتي تتراوح أعمارهم بين سنتين وست سنوات رغم أنني أستطيع أن أجمع بين الوظيفة والبيت وتربية الأبناء والواجبات الإجتماعية في الوقت نفسه .
وتبقى دعاء حائرة بين رغبة زوجها في عدم الخروج من البيت بهدف الوظيفة ورغبتها في أن تصبح موظفة والتي بقيت بإنتظار هذه اللحظة سنوات عديدة .
حال دعاء كحال العديد من الفتيات في محافظة البلقاء اللواتي يواجهن تحديات ومعيقات تحارب التطور الاجتماعي وتحول دون النهوض بالمرأة في المجتمع المحلي وإثبات دورها كشريك أساسي وفاعل للرجل في إحداث التنمية المستدامة وإنخراطها في كافة مجالات الحياة .
ممثلات القطاعات النسائية في محافظة البلقاء أجمعن على أنه وبالرغم من الإعتراف المتزايد من المجتمع بأهمية الدور الذي تتطلع به المرأة ورغم تنامي دورها في الحياة الإجتماعية والسياسية والإقتصادية إلا أن هنالك تحديات تقف في وجه المرأة .
رئيسة تجمع لجان المرأة الوطني الأردني ألفيرا جريسات أكدت أن المرأة في محافظة البلقاء تواجه عدة تحديات أهمها التحدي الإقتصادي وإرتفاع نسبة البطالة ونقص فرص العمل مما يترتب عليه تحديات أخرى أبرزها التحديات المؤسسية وضعف مشاركة المرأة في مؤسسات المجتمع المدني والحياة العامة بالإضافة إلى التحديات الذاتية وعدم معرفتها بحقوقها وواجباتها .
وركزت جريسات على التحديات الثقافية والإجتماعية المتعلقة بالواقع الإجتماعي والعادات والتقاليد التي ما زالت ترسم الدور النمطي للمرأة وما يترتب عليها من ضعف مشاركة المرأة في الحياة السياسية ومواقع صنع القرار .
وفيما يتعلق بمشاركة المرأة في الحياة السياسية أكدت جريسات أن الزيادة المتنامية لمشاركة المرأة في الحياة السياسية جاءت نتيجة لقرار سياسي «الكوتا» وليس لتطور مفاجئ في الأعراف والتقاليد .
رئيسة الإتحاد النسائي في محافظة البلقاء عجايب هديرس أوضحت أن المعيقات التي تقف في وجه المرأة بشكل عام هي المنظمات التي تعتني بالمرأة الأردنية مما يجعلها متعثرة بينها حيث تعمل كل منظمة على وتر معين مشيرة إلى أن هناك تخبطا وعدم تنسيق بين المؤسسات التي تعنى بالمرأة ولا يوجد أي تعاون يذكر مما يولد الإحباط للمرأة .
وترى هديرس أن العادات والتقاليد لا يجوز النظر لها بشكل سلبي ولا تعد تحديا يواجه المرأة كما أن المجال السياسي مفتوح لدى المرأة من حيث الإنتخابات والأحزاب والكوتا النسائية ولكن يبقى التحدي الإقتصادي والحياه الإقتصادية هي التي تحد من نشاط المرأة .
مديرة فرع إتحاد المرأة في السلط سحر حلاوة أشارت إلى أن قضية المراة هي قضية المجتمع وان النساء شريكات في مواجهة التحديات العامة وفي صياغة توجيهات المستقبل وبان الاقرار بحقوق المراة هو الالتزام بقيم المساواة والعدل والحرية والكرامة الانسانية لكل البشر بدون تتميز وبان تتمتع المراة بحقوقها شرط أساسي لتحقيق محاور التنمية والتقدم والازدهار والامن للاسرة والمجتمع والانسانية وضرورة من ضرورات التنمية وان مشاركة المراة في الحياه العامة والحياة السياسية هي الديمقراطية.
وشملت حلاوة مجمل التحديات التي تعاني منها المرأة في محافظة البلقاء وأهمها عدم وجود برامج في مجال الامية الابجدية والقانونية والتربية المدنيه وحقوق المواطنة ومهارات الاتصالات والقيادة والتمكين الذاتي لبناء اسس المجتمع وعدم الاهتمام بالعمل التطوعي العام وغياب المراة عن المجتمع العام نظرا لانشغالها الدائم بالاسرة والمنزل (...).
وزادت «سوء الوضع الاقتصادي ادى الى ابتعادها عن الحياه العامه فضلاً عن عدم وجود فرص عمل نتيجة عدم وجود مشاريع انتاجية ادى الى وجود بطالة في صفوف الشابات المتعلمات مما يؤدي بهن الى حالة من الاحباط وعزوفهن عن الانخراط في الحياه العامة .
وإعتبرت ان وجود النساء يكاد يكون معدوما في المجالس الاستشارية ومراكز صنع القراروانعدام وجود مراكز متخصصة لتنظيم البرامج التثقيفية لمعرفة الحقوق واعطاء الاولوية لاهتمامات النساء لتمكينهن من معرفة هذه الحقوق والدفاع عنها وعرض نماذج لقيادات نسائية اسهمت في اعطاء المزيد من الحقوق وزيادة مكتسباتها.
وقالت إنه من أبرز ما يواجه المرأة في محافظة البلقاء بالإضافة إلى سيطرة الرجل والعنف الاسري يعد سيفا مسلطا على رقاب نسائنا وبناتنا وامتلاكهن لعقدة الخوف من الاهل ( الاخ,الاب,الزوج) تحد كبير ما زال يداهم حياتنا.
رئيسة الشبكة الأردنية «المرأة لدعم المرأة» ماري حتر أوضحت أنه لا توجد طروحات جاذبة للعمل النسوي في محافظة البلقاء مشيرة إلى ان المشاركة النسوية ضيقة ،ولا يتجاوز عدد النساء في كل المؤسسات النسائية في محافظة البلقاء 500 عضو لا يوجد منهن سوى 50 عضوا فاعلا فقط .
أستاذ علم الإجتماع في كلية الأميرة رحمة الجامعية في جامعة البلقاء التطبيقية الدكتور حسين الخزاعي قال « أن القضايا التي تتعلق بالمرأة في الأردن تختلف عنها في المجتمع العربي حيث أن المرأة إستطاعت المشاركة في كافة مجالات التنمية السياسية والإقتصادية والإجتماعية وأثبتت وجودها على أرض الواقع بفضل وعي المجتمع الأردني بضرورة مشاركة المرأة في كافة مجالات الحياة وقدرتها على تحمل المسؤولية التي تتطلبها مواقع صنع القرار .
وحول أبرز تحد يواجه المرأة في محافظة البلقاء وهو التحدي الإقتصادي والبطالة دعا الخزاعي المرأة إلى تبني مشاريع إنتاجية لإثبات نفسها وإنضمامها إلى المؤسسات والهيئات التي تعنى بالمرأة وتحسين وضعها الإقتصادي وضرورة مشاركتها في العمل التطوعي والذي يوفر لها الفرصة بمعرفة إحتياجات سوق العمل والعلاقات الإجتماعية الجيدة .
وطالب بضرورة تشجيع الطالبات وهن على مقاعد الدراسة للبحث عن عمل وعدم إنتظار العمل المناسب والراتب المناسب وضرورة إعطاء الفتاة المزيد من الحرية المسؤولة في تنظيم أمور الحياة المتعلقة بالتعليم والسفر .
المفضلات