الحق أقول لك: أنت وحدك نموذج المستضعفين في تلك الأماكن البعيدة. وكأنك، من فرط صبرك، تعيد وراء الصوت الآتي من البرية الآمنة:: oأعطنا خبزنا كفاف يومنا ...a
***
وحدك.. تأتي من البعيد، وإلى البعيد تمضي.. وأراك حاملا كيس خبز تعبر به الدروب، فتختصر الأزمنة، مجسدا حالة تعب البشرية في سعيها وراء هذا الرغيف.
***
تعب أنت.. الدرب واضح، وسواده لا ينتهي.
والأراضي جرداء، حولك، لا قمح فيها، ولا بركة، ولا نبع ماء.
وأنت وحدك مكتوب على جبينك: ( أنت مذ بدء التكوين تحمل خبزا، هو ليس لك،..ستتلقفه الطير من على رأسك، دون أن تدري).
ومكتوب أيضا: (تعبك هو من نصيب غيرك.. وحصتك محسوبة، ومحسومة: كلما مشيت أكثر قلّ رزقك، وتضاءلت حصتك، وتعالى لهاثك، وانقطع حبل صوتك، وزاغت عيناك، واهترأ نعلك، وخفّ نبض قلبك، وانطفأت روحك.. تلك معايير فقراء زمن العولمة).
***
مرهق أنت..
ضجر، تنتظر لحظة بلوغ نهاية الدرب كي ترمي ما على رأسك، وتلقي الكيس من يدك، وتطلق عقارب ساعتك، ثم تنثر أرغفة الخبز على المعذبين في الأرض، لتصير مخازن حنطة تختصر مساحة الجوع في القرى والمدن.
المفضلات