محطة رفع الغاز المصري لكيان العدو .. إحتلال غير مباشر لسيناء

**رمز الوفاء** · 03-11-2009, 09:40 AM

يثير وجودها العديد من الاحتجاجات السياسية الرافضة و"الحقيقة الدولية" تفتح الملف
محطة رفع الغاز المصري لكيان العدو .. إحتلال غير مباشر لسيناء

الحقيقة الدولية – سيناء – محمد الحر

من كان يصدق أن ارض سيناء التي دنسها الصهاينة عندما قاموا باحتلالها وخاضت مصر عدة حروب ضارية حتى استطاعت أن تحررها كاملة من براثن الكيان الإسرائيلي هي ذاتها التي تحتضن اليوم المواسير العملاقة التي تنقل "الغاز" المصري إلى "إسرائيل" لتعمل به المحطات والشركات وتستخرج عبره الكهرباء لتنير طرق وبيوت الصهاينة، ليس هذا فحسب بل أن مدينة الشيخ زويد الواقعة على بعد 10 كم من الحدود المصرية مع إسرائيل تقام بها محطة رفع الغاز من الأنبوب العملاق القادم من القاهرة إلى تل أبيب وسط حراسة أمنية مشددة، في الوقت الذي تعاني منه محافظة شمال سيناء من أزمات خانقة في الغاز الذي يباع لإسرائيل بأسعار شبه مجانية بينما يباع لأهل سيناء بسعر بأسعار عالية.

وكانت شركة غاز شرق المتوسط التي أنشأها رجل الأعمال المصري حسين سالم والإسرائيلي يوسف ميمان، قامت ببناء خط أنابيب تحت الماء لنقل الغاز المصري إلى إسرائيل، حيث يمر مسار خط الغاز لإسرائيل بشمال سيناء ويبدأ من خلف الحيز العمراني لمدينة العريش إلى الشرق مرورا بقرية "لحفن" ثم منطقة الجريعة الواقعة على حدود الشيخ زويد مع وسط سيناء ثم يمر بقرية المهدية إلى التجمع البدوي في أولاد علي، ثم منطقة أبوعجيلة الحدودية الشهيرة، ثم أم شيحان، ثم قرية المنبطح وقرية القسيمة، ثم قرية بئر بدا، ثم منطقة الكونتيلا، ثم رأس النقب إلي طابا، وصولا إلى إسرائيل.

وقال عدد من بدو سيناء، طلبوا عدم ذكر أسمائهم، إن شركة "شرق المتوسط" قامت خلال تنفيذ الخط بدفع تعويضات للمتضررين من مساره رغم أنها حاولت تفادي أي تجمعات بدوية أو زراعية، ووصلت التعويضات إلى ٣٠٠ جنيه عن كل شجرة، كما خصصت رواتب شهرية لبعض مشايخ البدو الذين يتداخل الخط مع نفوذهم بواقع 600 جنيها شهريا، وأيضا 600 جنيها لخفراء تم تعيينهم للحراسة بجميع المناطق التي يمر بها الخط، خصوصا المناطق القريبة من مسار الخط أو محطات التعبئة أو التجميع. وأكدت أن هذه الرواتب يتم دفعها بعقود رسمية تنظم علاقة المشايخ والخفراء مع الشركة.

وتقام محطة تصدير الغاز لإسرائيل والتي تشبه الحصن المنيع على مساحة تقارب خمسة أفدنة وتقع على ربوة عالية قريبة من ساحل البحر في مدينة الشيخ زويد وسط حراسة أمنية مشددة، وقد ظل مبنى المحطة مجهولا بالنسبة لسكان المنطقة ثم أعلنت الجهات الرسمية بان المبنى سيخصص لإقامة بئر لاستخراج الغاز الطبيعي إلا أن المفاجأة كانت مدوية عندما تبين لاحقا إنها محطة لرفع الغاز إلى الكيان الاسرائيلي.

ثكنة أمنية

يقول الناشط السياسي مصطفى سنجر، عضو لجنة حقوق المواطن بسيناء، أن وجود محطة تصدير الغاز إلى إسرائيل أثارت حفيظة سكان المنطقة من أبناء القبائل البدوية، وقد أعلنوا مرارا وتكرارا غضبهم واستياءهم لوجود المحطة بجوار منازلهم ولما ينتج عنها من أصوات وروائح بالإضافة إلى تحويل المنطقة إلى ثكنة أمنية، حيث أن المكان الذي تقع به المحطة يلفه سياج من الأسلاك الشائكة وقوات الشرطة المرابطة في المكان وتمنع سكان المنطقة من متابعة أراضيهم المجاورة لمحطة تصدير الغاز.

وأضاف أن هناك حادثة شهيرة لسيدة بدوية من منطقة الشيخ زويد تم اعتقالها من قبل الأجهزة الأمنية لقيامها برعي أغنامها بالقرب من سور المحطة وأفرج عنها بع اتصالات وتدخلات من قبل شيوخ ووجهاء بدو مقيمون بذات المنطقة.

ويشير القيادي سنجر إلى أن تأمين المحطة لا يقتصر على الأجهزة الأمنية المصرية فقط، فقد أوكلت إدارة المحطة، التابعة لشركة شرق المتوسط، عمليات الحراسة داخل أسوار المحطة إلى شركة متخصصة، في حين استعانت بقصاصي أثر من البدو لتعقب أي محاولة للاقتراب من أسوار المحطة، ويتقاضى هؤلاء القصاصون رواتب شهرية تصل إلى 1500 جنيه (نحو 300 دولار) فضلاً عن المبالغ "السخية" التي تدفع لبعض شيوخ القبائل ممن تقع المحطة في مناطق نفوذهم، لضمان "تأمين" المحطة ضد أي خطر محتمل، كما لا يسمح لأي شخص بالاقتراب من الشاطئ المواجه للمحطة، ولا يسمح كذلك لمراكب الصيد بالاقتراب من الساحل المواجه للمحطة.

حماية دولية

وعلى رأس الطريق المؤدي إلى المحطة، تعسكر قوات حفظ السلام متعددة الجنسيات الموجودة بعد تطبيق اتفاق السلام بين مصر وإسرائيل، للتأكد من إخلاء القطاع الثالث من سيناء من أي وجود عسكري مصري، وهو القطاع الذي تقع به المحطة.

ويخترق خط الغاز المصري إلى داخل "إسرائيل" العديد من القرى المصرية حتى وصوله إلى الحدود، ويحظى الخط بتأمين كثيف حتى وصوله إلى خارج الحدود المصرية، لاسيما بعد أن ورد أن المحطة وخط الغاز بين الأهداف التي تسعى عدة تنظيمات تم القبض على عناصرها في الفترة الأخيرة، إلى تفجيرها.

وتقول مصادر أمنية إن أي محاولة أو حتى تهديد باستهداف المحطة وخط الغاز تؤخذ على محمل الجد، ويتم التصدي لها بكل صرامة.

ويشرف على إدارة المحطة مهندس كندي من أصل مصري، ويعاونه طواقم إيطالية وتركية، كما تحدثت المصادر عن الاستعانة بخبراء إسرائيليين للإشراف على تحقيق أمان التشغيل، لاسيما أن خط الغاز يسير تحت مياه البحر المتوسط حتى مدينة "عسقلان" في الأراضي المحتلة.

وتقع غرفة التحكم بالمحطة تحت الأرض خشية أي عمليات استهداف، في حين تتزود المحطة بالمياه النقية للشرب من خلال بلدية الشيخ زويد، حيث يتم تزويدها بنحو 200 صهريج للمياه، في حين يعاني السكان المحليون نقصاً حاداً في مياه الشرب.

ويثير وجود المحطة العديد من الاحتجاجات السياسية من المعارضة المصرية الرافضة لتوصيل الغاز إلى "إسرائيل"، إضافة إلى الكثير من المخاوف البيئية، إذ كشف مواطنون ممن يقطنون بالقرب من المحطة عن تصريف المحطة لكميات كبيرة من المخلفات الضارة في خزانات بباطن الأرض، وهو ما يهدد بتلويث الخزان الجوفي للمياه الذي يعتمد عليه سكان المنطقة في حياتهم وزراعتهم، مشيرين إلى وجود عدة شواهد على تلوث المنطقة، ومن بينها جفاف الأشجار المحيطة بالمحطة.

وقد سبق وتعرضت محطة تصدير ورفع الغاز إلى إسرائيل لمحاول تفجر خلال العام الحالي 2009 حيث شوهدت ألسنة من الدخان الأبيض الكثيف تتصاعد من المحطة من خلال بالون هوائي مزود بساعة كاد أن ينفجر بالمحطة ويحولها إلى قطعة من الجحيم إلا أن يقظة الفريق الهندسي المسؤول بالمحطة قد أنقذها من كارثة محقة بإبعاد البالون وإبطال مفعوله قبل أن ينفجر بدقائق.

أحد العاملين في حراسة نقطة التهوية لأتبوب الغاز الناقل للمحطة من بور سعيد إلى الشيخ زويد في منطقة بئر العبد "سلامة . س"، قال لـ "الحقيقة الدولية" انه يخجل من نفسه لكونه يعمل في حراسة خط الغاز الواصل إلى إسرائيل، ولكنه يرمي بالكرة في ملعب الحكومة لكونها لا توفر لهم فرصة عمل تضمن له ولأمثاله حياة كريمة.

وأضاف، اعمل هنا بالتناوب مع شخصين آخرين غيري حيث نتولى حراسة نقطة تهوية لخط الغاز بالتناوب مقابل 600 جنيه لكل منا وهو مبلغ جيد للغاية قياسا بالثمانية ساعات التي اقضيها في راحة تامة بجوار هذه النقطة".

وعاد سلامة، ليبرر عمله في حراسة خط الغاز الواصل إلى إسرائيل ليقول "أنا أتواجد الآن في ارض مصرية وأقوم بحراسة منشأة مصرية ولا يعنيني إلى أين يصل هذا الخط بالنهاية أنا لا أدافع عن خط الغاز بقدر ما أدافع عن قوت أولادي، فلو تركت هذا العمل فهل تستطيع أنت أو غيرك أو الحكومة قيمة المبلغ الذي احصل عليه نتيجة ممارستي لهذا العمل".

سلامه، ومثله الكثيرون تجبرهم ظروفهم الصعبة على عمل يمقتونه ويتهربون من إجابة السؤال الذي يوجه لهم عن عملهم أو طبيعته أو أين يقع؟ لكونهم لا يرضون عنه ولكنها الحاجة، وقصر ذات اليد جعلهم يقبلون بعمل يعتبره الكثيرون من أبناء سيناء عارا عليهم، وربما هذا ما دعا".

المصدر : الحقيقة الدولية – سيناء – محمد الحر 2-11-2009