الرياض - خالد الشايع
أنعشت الانتخابات البلدية السعودية سوق الإعلانات وسط تقديرات إنفاق 5323 مرشحا أكثر من مليار ريال ضمن حملاتهم التي استمرت 11 يوما، بمتوسط إنفاق 200 ألف ريال لكل مرشح.
وحازت إعلانات الصحف نصيب الأسد من تلك المصاريف بعد ظهور بعض المرشحين على صدر صفحاتها الأولى، حيث تقدر تكلفة الإعلان في الصفحة الأولى ما بين 40 و90 ألف ريال. ولم يتخلف الإعلام الجديد عن الركب فامتلأت أبرز مواقع الإنترنت بإعلانات المرشحين. وعجت الشوارع بصور وشعارات المرشحين في مختلف المدن والأحياء، إذ تكلف لوحة الإعلان على الطرقات 30 ألف ريال في أسبوعين. وفضل بعض المرشحين افتتاح مواقع خاصة بهم للتواصل مع الناخبين وشرح برنامجهم الانتخابي.
وقدّر الخبير في سوق الإعلانات فهد الصرامي متوسط تكلفة الحملة الانتخابية في مدن الرياض وجدة والدمام بأكثر من 5 ملايين ريال، بينما في المدن الأخرى بمليون ريال.
وقال الصرامي لـ"العربية.نت" إن البعض يعمد إلى تخفيض التكلفة بالمراهنة على العشائرية أو التواصل المباشر مع الجمهور. وأضاف أن "نفقات الحملات باهظة في الغالب، بسبب ارتفاع تكلفة الإعلانات الصحفية وإعلانات الشوارع، لكنها نشطت السوق الإعلانية بشكل فاق حجم ما شهدته الدورة الأولى، خاصة بعد أن منعت لجان الانتخابات توزيع المنشورات وتعليق الصور العادية".
نفقات مبالغ فيهامن جهته، استغرب الخبير المالي فضل أبو العينين هذا الإنفاق الكبير الذي لا يتواكب مع ما سيحصل عليه المرشح في حال فوزه بالانتخابات، معتبرا أن ما يحدث لا يعدو كونه مجرد وجاهة اجتماعية لا أكثر.
وقال، في حديث مع "العربية.نت"، إن الحملات الانتخابية مهمة للمرشحين لإيصال صوتهم للناخبين، لكن يبقى حجم الإنفاق على تلك الحملات وتناسبها مع الاحتياجات الحقيقية للمرشح. فمن غير المنطقي أن يعمد المرشح إلى استغلال بعض الوسائل الإعلامية المكلفة للتواصل مع عدد محدود من الناس يمكن الوصول إليهم بطريقة أقل تكلفة وأكثر فاعلية.
وأوضح أنه على سبيل المثال عندما يستهدف المرشح من 2000 إلى 3000 ناخب فيمكن الوصول إليهم من خلال مجالس الأحياء والمقار الانتخابية، وليس عبر الصحف اليومية.
وأشار إلى أن "التكلفة الأكبر تذهب إلى جانبين أساسين: الأول يتمثل بالإعلانات الصحفية التي باتت منتشرة بشكل لافت، خاصة أن بعض المرشحين يلجأون للصفحات الأولى وبحجم نصف صفحة وهي ذات تكلفة عالية جدا وميزانية ضخمة، والجانب الآخر هو الإنفاق على المركز الانتخابي ويتضمن تقديم الأطعمة والمشروبات من المطاعم الراقية، وهذا إسراف كبير يخرج العملية الانتخابية عن مسارها الرئيسي".
وشدد أبو العينين على أن هذا الإنفاق غير مبرر، خاصة أن الفائز بمقعد في المجلس لا يملك صلاحيات تجعله يدفع الملايين للفوز به. وأكد أن معظم المرشحين، خاصة الميسورين، يتقدمون لهذه المجالس بهدف الشهرة والوجاهة الاجتماعية وكثير منهم لا يقومون بخدمة المجتمع ولا بتقديم أي أفكار أو دعم لهذه المجالس.
وسائل خاطئةوقلل الخبير المالي من جدوى الإعلانات في توصيل رسائل المرشحين، قائلا "إن الإعلانات والمقار الانتخابية لا تهدف إلى تقديم الأفكار والطموحات التي يرغب المرشح بتنفيذها، بل هي لإعلام الآخرين باسم المرشح ورقمه الانتخابي، وهذه الفكرة يمكن إيصالها دون هذا البذخ في المصاريف".
وتابع أن "هناك بعض الرسائل التي تبث من خلال تلك الإعلانات لا تتواكب مع مهام المجالس البلدية، فعضو المجلس إذا ما فاز فلن يستطيع تحقيق ما قدمه من وعود للناخبين، والسبب هو أن ما قدمه لا يتواكب مع أنظمة ومهام المجالس البلدية".
وانتقد أبو العينين منع اللجنة العامة للانتخابات استخدام المرشحين لرسائل الجوال، معتبرا أن هذا المنع هو ما دفعهم لتحمل نفقات وسائل إعلانية مكلفة.
وأضاف أنه "من الممكن تقسيم المرشحين إلى ثلاث فئات: الأولى تتمثل بالمبذرين الذين احتلت إعلاناتهم الصفحات الأولى من صحف رئيسية، والثانية تتمثل بمن حاول طرق باب الإعلانات الصحفية لكن بنفقات أقل، أما الشريحة الثالثة فهي ربما تكون من محدودي الدخل الذين لا يستطيعون الإنفاق على مقار انتخابية وإعلانات، معتمدين على علاقاتهم الشخصية والتواصل الاجتماعي".
المفضلات