عمان- سيف الجنيني - أول من أمس دقت هيئة تنظيم قطاع الكهرباء، ناقوس الخطر فيما يتعلق بنقص الطاقة في المملكة وما سيرافقها من ارتفاع الكلف الفعلية لإنتاج الكهرباء إلى أرقام كبيرة جداً وازدياد الخسائر المتراكمة على شركة الكهرباء الوطنية .
وبالأرقام أيضا، أظهرت بيانات دائرة الإحصاءات العامة حول التجارة الخارجية ارتفاع فاتورة الطاقة المستوردة للأردن بنسبة 56% في تشرين الثاني الماضي مقارنة مع تشرين الثاني في العام 2010.
ففي بيان صحفي، قدرت هيئة تنظيم قطاع الكهرباء حجم خسائر المملكة في حال استمر انقطاع الغاز المصري هذا العام بنحو 1.7 مليار دينار و بمعدل 5 مليون دينار يوميا، مشيرة الى إن هذه الخسائر سترفع الكلفة الفعلية لإنتاج الكهرباء إلى أرقام كبيرة جداً تزيد عن 156 فلساً لكل كيلو واط/ ساعة. وفي الوقت ذاته، بلغت فاتورة الطاقة 3.4 مليار دينار في تشرين الثاني 2011 وبزيادة قدرها 1.2 مليار دينار عن نفس الفترة من العام 2010، وسط ارتفاع قياسي في حجم الطاقة الكهربائية المستوردة وزيت الوقود الثقيل والسولار بنسب 294%، 245%، 157% على التوالي.
تعكس هذه الأرقام حجم التحديات التي تواجه قطاع الطاقة لأسباب مستوردة أيضا في ظل عدم وجود مصادر طاقة محلية بنسبة تزيد عن 4%، وسط ازدياد في الطلب على المشتقات النفطية والكهربائية.
الإنفاق على النفط في الأردن هو ضعف مثيله في الدول الصناعية ,
ومن شأن هذا الخلل في المعادلة، بين الدول الصناعية والأردن كدولة نامية إن استمر أن يقوض جهود التنمية لاسيما وأن المملكة تنفق أكثر من 20% الناتج المحلي للحصول على الطاقة. ورغم ما تبذله الحكومة من جهود لتوفير مصادر بديلة للطاقة على المدي القصير والمتوسط والبعيد، إلا أن هذه الجهود لا تكفي وحدها بل تتطلب من الأفراد والأسر المساهمة في مواجهة هذا التحدي الذي تفاقم مع عدم وجود حلول جراحية للمشكلة.
في السنوات الماضية، شكل الغاز الطبيعي رافدا لخليط الطاقة الكلية المستخدم في المملكة وبنسبة 34% من إجمالي مصادر الطاقة المستخدمة في الأردن، لكن التفجيرات المتكررة التي تعرض لها خط الغاز المصري المغذي للمملكة ولأكثر من 10 مرات في فترة زمنية لا تتجاوز العام الواحد فاقمت من حدة التحديات التي تواجهها الحكومة في هذا المجال، إذ تشير الأرقام الرسمية الى أن معدل امدادات الغاز المصري انخفضت الى الربع تقريبا ، بعد تراجعه الى 80 مليون قدم مكعب يوميا في العام الماضي، مقابل 300 مليون قدم مكعب يوميا في العام 2009. معدلات التراجع هذه تكبد الحكومة ملايين الدنانير يوميا، حيث بلغ معدل الكلفة الفعلية لإنتاج الكيلو واط ساعة من الكهرباء العام الماضي 112 فلساً، في حين أن معدل كلفة البيع للمستهلك كانت 52 فلساً. علماً بأن معدل الدعم المقدم لمستهلك الطاقة الكهربائية يبلغ 60 فلساً لكل كيلو واط ساعة.
الحكومة وسعيا منها للوصول الى حل استراتيجي، بدأت مساعي جادة للحصول على الغاز الطبيعي من دول عربية أخرى، فعقدت مباحثات الدوحة مطلع العام الجاري وعلى مدار 3 أيام توصل الطرفان الى تشكيل لجنة فنية مشتركة ، لكن نتائج هذه اللجنة لن تظهر قبل 3 أشهر.
وخلال هذه الفترة، تبرز الحاجة مرة أخرى الى شد الأحزمة وضبط استهلاك الفرد والأسرة وتحمل قرارات صعبة اليوم لكنها ضرورية لتجنب أزمات لا يحتملها الاقتصاد الأردني في المستقبل القريب.
في ضوء ذلك، فإن الحكومة مدعوة الى الإسراع في معالجة وقف النزف الحاصل من وصول الدعم الحكومي لغير مستحقيه بوضع آلية واضحة تطبق سريعا، فلا يعقل أن يحصل الأغنياء على 70% من الدعم الحكومي فيما تحصل الطبقات الأقل دخلا على 30% من قيمة هذا الدعم في موازنة تئن تحت عجز يتوقع أن يتجاوز 3 مليار دينار في عام 2012.
المفضلات