العقبة- رياض القطامين
الشعور بفقد عزيز, تجربة لا تستطيع اختصارها أو الهروب منها، هكذا كان مصير عائلة عبد الرحمن احمد الفيومي الذي وقع في قبضة القراصنة الصوماليين طيلة 11 شهرا بعيدا عن الوطن والأهل الذين يعيشون في العقبة.
«أن تفقد أحدا .. معناه أن تقوم بإعادة كتابة الحروف التي سقطت من كتاب الأجل، وأن تحاول التكيف مع وضع قلبك الجديد بآلامه الجديدة»
تصف هذه الكلمات حال والدة عبدالرحمن الفيومي عقب استقبالها ابنها في مطار الملك الحسين الدولي وهو الذي اختطفه قراصنة صوماليون أثناء وجوده على باخرة كضابط بحري ثالث أثناء توجهها من خليج عمان إلى كيينيا .
يقول الفيومي، بعد تنهيدة عميقة، أثناء حديثه لـ (الرأي) أن» تشعر انك فقدت اهلك ووطنك وأنت بين أنياب القراصنة، يعني ان الحزن قام بسرقة ثلاثة أرباع روحك، وأن غصن الشجرة التي ترتاح عندها من عناء رحلة التحليق قد كسر .. وأن الظمأ استعبدك وأنت وسط نبع ماء».
يضيف عبد الرحمن الفيومي ، مستذكرا يوم اختطاف الباخرة:» لم يكن يوما عاديا في حياتي فحين كنا نبحر في باخرتنا باتجاه مقصدنا النهائي فوجئنا بسفينة مجاورة تنزل قواربها المطاطية وعلى متنها أكثر من عشرين شخصا يحملون الأسلحة التي أشهروها في وجوهنا بعد أن دخلوا الباخرة التي تقلنا».
حينذاك طالبونا بإيقاف المركب، وبدا واضحا أنهم قراصنة ...حاول قائد المركب أن يحاورهم دون جدوى، وسرعان ما أعلنوا عن اختطافنا لتبدأ رحلة طويلة من الآلام لي ولكافة ركاب المركب الذين بلغ عددهم (27 شخصا) من دول مختلفة، كنت الوحيد بينهم الذي يحمل الجنسية الأردنية .
وتابع : « تم احتجازنا داخل المركب وسط ظروف اعتقال بشعة كنا بين اللحظة والأخرى مهددين بالقتل من قبل القراصنة الذين كان يبدو عليهم القلق أثناء مفاوضات الإطلاق، خوفا من إخلال الجهات المفاوضة بالاتفاقية او ان تكون المبالغ النقدية التي تدفع مقابل إطلاقنا مزيفة او غير كافية .
حينها ادركت انني سأنام الليل على نصل الذكرى ... المزروع في يمين خاصرتي .. وان فصلا ربيعيا قد ترك الزهور للخريف .. ويأتي فصل الخريف ليحتل قلبي وبقية حياتي ...
وثمن الفيومي جهود الحكومة وكافة الجهات التي كان لها دور في التحرير من اسر القراصنة ويختم الفيومي « صدقوني أحس أنني اليوم ولدت من جديد» ... وفيما كان يقلّب ناظريه في الحشود التي استقبلته كان يتمتم : « ما أجمل أن تعود إلى الوطن وان تتنفس هواءه وتشرب من مائه «.
المفضلات