تتصاعد حدَّة الاختناقات المرورية في شوارع مدينة إربد مع انتصاف موسم الصيف وتزامن حلول شهر رمضان الفضيل، وسط مخاوف مواطنين من أن تصلَ ذروتها خلال العشر الأواخر.
ويعتبر العديد من المواطنين أنَّ الأزمات في فصل الصيف، خصوصا في أوقات الذروة، باتت مظهرا من مظاهر المدينة، الأمر الذي يعكس في النفس، وفقَ تعبير بعضهم، حالة من اليأس في إيجاد الحلول.
وتتبايَنُ وجهات النظر بين المواطنين حول تحميل مسؤولية تزايد الازدحام المروري عاما بعد عام، بين منْ يرى بأنَّ الجهات المعنية هي المسؤول الأول والأخير، وأنَّ عليها اتخاذ الإجراءات للحد من الظاهرة، وبين من يقرُّ بأنَّ نسبة كبيرة من الأزمات يختلقها السائقون أنفسهم من خلال عدم التقيُّد بالأنظمة والقوانين، إضافة إلى إدراكهم بأن حجم المركبات بات يفوق سعة الشوارع.
باستعراض وجهات النظر التي تحمل الجهات المعنية مسؤولية إيجاد حلول للأزمات، فإنَّ أصحابَها يَروْنَ بأنَّ الجهاتَ المعنية لم تتخذ أية إجراءات فاعلة تجاه الحد من الأزمات، متسائلين عمَّا يُمكنُ أنْ تؤولَ إليه الأوضاع خلال السنوات المقبلة، إذا ما أخذ بمقياس تزايد المشكلة عاما بعد عام.
ويشير السائق تيسير محمد إلى أنَّ الأوضاع تزداد سوءا، مبينا أنه في المقابل لم تشهد المدينة أية حلول جذرية. ورأى أنَّ استمرار الأوضاع كما هي عليه سيؤدي الى صعوبة السير بشوارع المدينة.
وأمام ما يمكن اعتباره مبالغة في وجهة النظر السابقة، يؤكدُ السائق نزار عدنان أنه لا يمكن إنكار وجود أزمات سير خانقة، خصوصا في أوقات الذروة، مشدِّدا على ضرورة أن تسارعَ الجهاتُ المعنية باتخاذ خطوات فاعلة.
بيْدَ أنَّ مواطنين آخرين يرون بأن نسبة كبيرة من مشكلة الاختناقات المرورية التي تشهدها شوارع المدينة سبَبُها سلوكيات بعض السائقين، من حيث الاصطفاف المزدوج أو عدم الاصطفاف في الأماكن المخصصة، إضافة إلى عدم الالتزام بقاعدة إعطاء الأولوية، خصوصا عند التقاطعات، وهو ما يتسبَّبُ بتعطيل حركة السير.
ويرى السائق خالد البطاينة أنَّ سلوكيات بعض السائقين لها أثر كبير في اختلاق الأزمات، مؤكدا أنَّ تعطل حركة السير في الشوارع، وخصوصا شوارع وسط المدينة يعود إلى طريقة الوقوف المزدوج.
ويُضيفُ أنِّ المشكلة بحاجة أكثر إلى التوعية المرورية، على أن لا تكون من خلال ما أسماه "مخالفات صارمة".
إلا أنَّ البطاينة لم يعفِ الجهات المعنية من مسؤولية ظاهرة الاختناقات المرورية، والتي تتطلبُ من وجهة نظره "اتخاذ إجراءات مناسبة".
وأمام واقع الحال تبذل الجهات المعنية ومنذ سنوات وبخاصة بلدية اربد الكبرى، جهودا نحو الحدِّ من الظاهرة من خلال استحداث ميادين عند نقاط الازدحام، وإزالة أخرى، وإنشاء إشارات ضوئية، وتغيير اتجاه بعض الشوارع، وإغلاق وفتح الفتحات في الجزر الوسطية في وقت ما تزال فيه المشكلة تراوح مكانها.
ويُقرُّ رئيس بلدية إربد الكبرى المحامي عبد الرؤوف التل بوجود "اختناقات مرورية"، مبينا أنها تحتاجُ جهودا مشتركة للحدِّ منها.
ويلفت التل إلى أنَّ من أهمِّ أسباب الاختناقات المرورية كثرة المركبات التي تدخلُ إلى مدينة إربد بشكل يومي، خصوصا في فصل الصيف حيث يتراوح عددها بين
الـ 100 ألف الى 150 ألفا.
ويشير التل إلى أنَّ شوارعَ المدينة لا تتسعُ لهذا الكم من المركبات، وبالتالي فإنَّ وجودَ اختناقات مرورية في بعض الشوارع، من الأمور المفروضة التي تسعى الجهات المعنية إلى الحدِّ منها.
ورغم قناعات التل بأنَّ سعة شوارع المدينة باتت لا تتناسب وحجم المركبات، إلا أنه يَرفضٌ خيارَ توسعة الشوارع، مبرِّرا ذلك بأنَّ توسعتها قد يغيِّر طابع إربد، إضافة إلى أن أيَّ توسعة في الشوارع القديمة سيكونُ على حساب الأرصفة التي تعاني هي الأخرى من ضيق في مساحتها.
وأمام صعوبة تنفيذ اقتراح توسعة الشوارع، يُشيرُ التل إلى أنَّ الحدَّ من المشكلة يأتي من خلال الطرق الدائرية والتي تعتبر منفذا بديلا عن العبور من وسط المدينة للمتجهين من طرف إلى آخر.
ويُعلقُ التل أمالا على أنْ يُسهمَ الطريق الدائري الذي سيلتف حول المدينة، في الحدِّ من الاختناقات المرورية من خلال منع دخول المركبات المتجهة من جنوب مدخل المدينة إلى شمالها وبالعكس.
ولفت إلى أنَّ فكرة الطرق الدائرية أثبتت نجاحها، مستشهدا بأحد الطرق الذي أنجز أخيرا، والذي يَمتدُّ من ميدان الثقافة في الجهة الجنوبية الشرقية من المدينة باتجاه المناطق الواقعة شمالا، من دون المرور في وسط المدينة، الأمرُ الذي يُعفي المركبات المتجهة إلى المنطقتين من دخول وسط المدينة.
ولفت إلى أنَّ الطريقَ بالرغم من حداثته، إلا أنه بدأ يشهدُ حركة مرورية أسهمت في تخفيف الضغط عن شوارع وسط المدينة من قبل المتجهين من جهة الجنوب إلى المناطق والألوية الواقعة في شمال المدينة.
كما بيَّن التل أنَّ أحد الحلول التي تسهمُ في الحدِّ من الاختناقات "مشروع وسط المدينة"، والذي بصدد طرح عطائه للمرة الثانية بعد رفض وزارة البلديات للطرح الأول.
وتوقعَ أنْ يُسهمَ المشروع في الحد من دخول المركبات الى وسط المدينة بخاصة وأنه يتضمن إزالة "الحسبة" وإيجاد ساحات عامة، وتحويل بعض الشوارع للاستخدام من قبل المشاة فقط.
المفضلات