قـال عـنـتـرة:
طـَالَ الثــَّـوَاءُ عَـلى رُسُومِ المَنزل ِ*** بَينَ الـلـَّكـِيكِ وبَينَ ذاتِ الحَـرمـَـل ِ
فـَوَقـَفـْتُ في عـَرَصاتِها مـُتـَحيِّراً *** أَسَلُ الدِّيارَ كـَفِعـْل ِمـَنْ لـَمْ يَِذهـَل
لعِبَتْ بهِ الأَنـْواءُ بعدَ أنيسِها *** والرَّامِساتُ وكُلُ جُونٍ مـُسـْبـِل
أفـَمـِنْ بُكـَاءِ حَمامَةٍ في أيـْكـَـةٍ *** ذَرِفـَتْ دُموعـُكَ فـَوْقَ ظـَهْر ِالمـَحْمـَل
كالدُّرِّ أو فَضَض ِالجُمَان ِتَقَطـَّعَتْ *** منهُ عَقـَائِدُ سِلكِهِ لـَم تـُوصَل
لـَمَّا سَمِعتُ دُعاءَ مـُرَّةَ إذ دَعا *** ودُعَاءَ عَبس ٍفِي الوَغَى وَمـُحَلـِل
نـَادَيتُ عَبسا ًفـَاستَجَابوا بِالقـَنَا *** وبـِكـُل أبْيـَضَ صَارِم ٍلـَم يَنـحَـل
حَتـَّى اسـْتـَباحُوا آلَ عَوفٍ عَـنـْوَةً *** بِالمَشـْرَفِيِّ و بِالوَشِيـج ِ الذ ُّبـَّل
إنـّي امْرُؤٌ مـِن خَير ِعَبس ٍمَنصِبا ً*** شَطْري وأحْمِي سَائِري بِالمُنصَل
إن يَلحَقوا أكْرُرْ وإن يَسْـتـَلحِمُوا *** أشْدُدْ وإن يُـلـْفـَوْا بِضَنـْك ٍأنـْز ِل
حِينَ النـُزولُ يَكـُونُ غَايَةَ مِثـْلِنَا **** ويَفـِرُ كـُلُ مُضَلـَّل ٍمُسْتـَوْهـَل
وإذا الكَتيبَة ُأحْجَمَتْ وتَلاحَظَتْ *** ألفِيتُ خَيرا ًمِن مُعِمٍّ مُخْو ِل
والخـَيلُ تـَعلـَمُ والفـَوارِسُ أنـَّني *** فـَرَّقتُ جَمْعَهُمُ بِطـَعنَةِ فَيصَل
إذ لا أبادِرُ فِي المَضِيقِ فَوارِسِي *** ولا أوَكـَّلُ بالرَّعـِيل ِالأوَّل
ولقدْ غـَدَوتُ أمامَ رايةِ غـَالِبٍ *** يَومَ الهـِيَاج ِومِا غـَدَوةُ بأعْزَل
بَكـَرَتْ تُخَوفُنِي الحُتوفَ كأنـَّني *** أصْبَحْتُ عَنْ غَرَض ِالحُتوفِ بمَعْزَل
فأجَبتُهَا إنَّ المَنِيَّة َمَنزلٌ *** لابُدَّ أن أسْـقـَى بكـَأس ِالمَنهـَل
فاقـْنِي حَيَاءَكِ لاأبَالـَكِ واعْلـَمِي *** أنـِّي امْرُؤٌ سَأمُوتُ إن لـَمْ أقـْتـَل
إنَّ المَنِيَّة لـَوْ تـَمـَثــَّـلُ مُـثــِّلتْ *** مِثلِي إذا نَزَلـُوا بضَنـْكِ المَنزِل
والخـَيلُ سَاهِمَتُ الوُجُوهِ كـَأنـَّمَا *** تـُسْقـَى فـَوارسُهَا نـَقِيعَ الحَنظـَل
وإذا حَمَلتُ عَلى الكـَريهَةِ لـَم أقـُلْ *** بَعْدِ الكـَريهَةِ لـَيْتـَنِي لـَم أفـْعَـل
عَجـِبَتْ عُبَيْلـَة ُمِنْ فـَتىً مُتـَبَذ ِّلٍ *** عَاري الأشاجِع ِشاحِب ٍكالمُنـْصُل
شـَعْثِ المَفارق ِمُنـْهِج ٍسِرْبالـَهُ *** لـَم يَدَّهِنْ حَوْلا ًولـَم يَتـَرَجَّـل
لا يَكـْتـَسِي إلا الحَديدَ إذا اكـْتـَسَى *** وكـَذاكَ كـُلُ مُغاوِرٍ مُسْتـَبْسِل
قـَدْ طـَالَ مَا لـَبـِسَ الحَديدَ فـَإنـَّما *** صَدَأ الحَديدِ بجـِلـْدِهِ لم يُغـْسَل
فتـَضَاحَكـَتْ عَجَبا ًوقالـَتْ قـَوْلـَة ً*** لا خـَيْرَ فِيكَ كأنـَّهَا لم تـَحْفـَل
فعَجـِبْتُ مِنها كيفَ زَلـَّتْ عَينـُها *** عَن مَاجِدٍ طـَلـْق ِاليَدَيْن ِشـَمَرْدَل
لا تَصْرمينِي يا عُبَيلَ وراجِعي *** فِيَّ البَصِيرَة َنـَظْرَتَ المُتـَأمَّـل
فـَلـَرُبَّ أمْلـَحَ مِنْكِ دَلا ًفاعْلـَمِي *** وأقـَرَّ فِي الدُنـْيا لِعَيْن ِالمُجْـتـَلِي
وصَلـَتْ حِبالِي بِالـَّذي أنا أهْلـُهُ *** مِنْ وُدِّهَا وأنا رَخِيُ المِطـْوَل
ياعَبـْلَ ُ كـَمْ مِن غـَمْرَةٍ باشـَرتـُها *** بالنفس ِما كادَتْ لـَعَمْرُكِ تـَنـْجَلي
فيهَا لـَوامِعُ لـَو رَأيتِ زُهاءَهَا *** لـَسَلـَوْتِ بَعدَ تـَخَضُبٍ وتـَكـَحُّـل
إما تَرَيْنِي قـَدْ نَحَلـْتُ ومَنْ يَكـُن *** غَرَضًا لأطـْرافِ الأسِنـَّةِ يَنـْحَل
فلـَرُبَ أبْلـَجَ مِثـْلَ بَعْلِكِ بادِنٍ *** ضَخْمٍ عَلى ظـَهْرِ الجَوادِ مُهَبَّل
غادَرْتـُهُ مُتـَعَفِرا ًأوْصالـُهُ *** والقـَومُ بَينَ مُجَرَّحٍ ومُجَـدَّل
فيهـِمْ أخُو ثِقـَةٍ يُضَارِبُ نازِلا ً*** بالمَشْرَّفِيِّ و فارسٌ لم يَنـْزِل
و رِماحُنا تـَكِفُ النـَّجيعَ صُدورُها *** وسُيوفـُنا تَخْلِي الرِقـَابَ فـَتَخْتـَلِي
والهَامُ تـَنْدُرُ بالصَّعِيدِ كأنـَّها *** تلـْقـَى السُّيوفُ بهَا رُؤُسَ الحَنـْظـَل
ولـَقدْ لـَقِيْتُ المَوتَ يَومَ لـَقِيتُهُ *** مُتـَسَرْبلا ًوالسَّيفُ لم يَتسَرْبَل
فرَأيْـتـَنا ما بَينـَنا مِن حاجِز ٍ*** إلا المِجَنَّ ونـَصْلُ أبْيَضَ مِفـْصَل
ذَكـَرٌ أشـُقُ بهِ الجَماجِمَ فِي الوَغى *** وأقولُ لا تـُقـْطَعْ يَمِينُ الصَيقـَل
ولـَرُبَّ مُشْعَلـَةٍ وَزَعْتُ رِعَالـَها *** بمُقـَلـَّص ٍنـَهْدِ المَرَاكِل ِهَيْكـَل
سَلِس ِالمُعَذ َّر ِلاحِق ٍأقـْرَابَهُ *** مُتـَقـَلِب ٍعَبَثا ًبفأس ِالمِسْحَل
نِهْدِ القـَطـَاةِ كأنها مِن صَخرَة ٍ*** مَلـْساءَ يَغـْشاها المَسِيلُ بمَحْفـَل
وكأنَّ هَادِيَهُ إذا اسْتـَقـْبَلـْتـَهُ *** جِذْعٌ أُذِلَّ وكانَ غَيرَ مُذَلـَّـل
وكأنَّ مَخرَجَ روحِهِ مِن وَجهِهِ *** سِرْبَان ِكانا مَولِجَيْن ِلِجَيْئـِل
وكأنَّ مَتـْنـَيْهِ إذا جَرَدْتـَهُ *** ونَزَعْتَ عَنهُ الجُلَّ مَتـْنا أيـِّـل
ولـَهُ حَوَافِرُ مُوثـَقٌ تـَركِيبُها *** صُمُّ النـُسُور ِكأنها مِن جَنـْدَل
ولـَهُ عَسِيبٌ ذو سَبيبٍ سابِغٍ *** مِثلَ الرِداءِ عَلى الغـَنِي المـُفـْضِل
سَلِس ِالعِنان ِإلى القِتال ِفعَينُهُ *** قـَبْلاءُ شاخِصَة ٌكـَعَيْن ِالأحْوَل
وكأنَّ مِشْيَتـَهُ إذا نـَهْـنـَهْـتـَهُ *** بالنـَّكـْل ِمِشْيَة شاربٍ مُسْـتـَعْجـِل
فعَلـَيهِ أقـْتـَحِمُ الهـِيَّاجَ تـَقـَّحُّمًا *** فيها وأنـْقـَضُ انـْقِضَاضَ الأجْدَل
المفضلات