الخرطوم :نبيل صالح
لا صوت يعلو فوق أهازيج الإستفتاء في الجنوب قبيل ساعات قليلة من انطلاق عملية التصويت لإستفتاء حق تقرير المصير بحيث شهدت جوبا في اليومين الماضيين تظاهرات غير مسبوقة وجابت المسيرات كل أنحاء مدينة جوبا بمكبرات الصوت.
وفي اتصال هاتفي تحدث لنا أجانق وهو عضو في منظمة مجتمع مدني (من أجل الإستفتاء) بأن معنويات الجنوبيين تكاد تلامس السماء ويندفعون بحماس منقطع النظير الى صناديق الإستفتاء وأضاف «أجانق» بأن شباب الجنوب يعتبرون أنفسهم من المحظوظين لأنهم سيشاركون في تقرير مصير إقليمهم.
ويجوب المواطنون الشوارع كأنهم في يوم عيد يترقبون إعلان دولتهم الجديدة (حسب حديث المواطنين) وبالرغم من المخاوف الأمنية إلا أن المدن الكبيرة تشهد حركة دائبة للقادمين من الأجهزة الإعلامية وممثلي الدول الأجنبية. وفي ذات الوقت تعيش مدن الشمال في حالة ترقب لماتنتج عنه التصويت وتشهد العاصمة (الخرطوم) حالة من الهدوء وتسير الحياة بصورة طبيعية في كل مرافقها ويسجل مشهد الإستفتاء صوتاً خافتاً ينحصر في النقاش العام ويبدو أمر الإستفتاء وكأنه يخص الجنوبيين فقط ويأمل مواطنون التقيناهم بأن تمضي هذه الأيام كما مضت الإنتخابات بهدوء وطالبوا بمنع الجنوبيين إقامة الإحتفالات إذا حدث انفصال حتى لا يثيروا حفيظة البعض.
الى ذلك انتشرت القوات الامنية بشكل مكثف أمس في جوبا عاصمة الجنوب عشية الاستفتاء حول مستقبل جنوب السودان، في وبعد الاحتفالات الصاخبة والمسيرات الداعية الى التصويت مع الانفصال التي اقيمت الجمعة، توقفت كل هذه المظاهر السبت بناء على تعليمات مفوضية الاستفتاء التي منعت أية دعاية في اليوم الاخير ما قبل الاستفتاء. ولم يسجل في كامل الجنوب اي نشاط يدعو الى الوحدة طيلة الفترة المخصصة للحملة الانتخابية.
وانتشر حوالى خمسة آلاف عنصر من الجيش الشعبي لتحرير السودان ومن الشرطة الجنوبية في شوارع جوبا استعدادا للحدث الكبير الاحد، وهم كانوا تلقوا تدريبا خاصا لحفظ الامن انتهى مطلع ديسمبر الماضي.
وفي حادث امني قد يعرقل اعمال الاستفتاء في احدى ولايات الجنوب اعلن مسؤول عسكري في الجيش الشعبي لتحرير السودان ان اربعة اشخاص على الاقل قتلوا في هجوم قام به مسلحون تابعون لفصيل جنوبي متمرد صباح أمس على قوات هذا الجيش في ولاية الوحدة.
متجر صغير في جوبا جنوب السودان علقت على احد ابوابه (وسط) لافتة تدعو الى الانشقاق عن الشمال.
وقال فيليب اغوير المتحدث باسم الجيش الشعبي لوكالة فرانس برس «هاجم رجال مسلحون الجيش الشعبي لتحرير السودان وقد وقع اربعة قتلى». وافادت مصادر متطابقة ان الهجوم وقع في ساعة مبكرة من السبت في اقليم مايوم في ولاية الوحدة التي توجد فيها منشآت نفطية. واتهم الجيش الشعبي عناصر تابعة لزعيم ميليشيا مناهض للجيش الشعبي يدعى غاتلواك غاي بالوقوف وراء هذا الهجوم.قام سلفاكير مساء الجمعة بالتوقيع في جوبا على (61) قانوناً لها علاقة بالوضع الدستوري للجنوب خلال مرحلة ما بعد الاستفتاء المقرر الاحد وكأنه بذلك يستبق النتائج. وتتناول هذه القوانين شؤون دمج المسرحين من الجيش الشعبي في المؤسسات المدنية، والدفاع المدني والمؤسسات المدنية ومعاملة معاقي الحرب والسجون والمواصفات والمقاييس.
وبعد التوقيع قال وزير الشؤون القانونية في حكومة جنوب السودان جون لوك جوك إن هذه الخطوة «تأتي ضمن ترتيبات الحكومة لمواجهة الأوضاع في فترة ما بعد الاستفتاء».واضاف ان الجنوب الذي ما زال يرتبط بقوانين ودستور دولة السودان الموحدة سيحتاج إلى صياغة وسن قوانين خاصة به، لأن «القوانين الحالية ستصبح قوانين دولة أجنبية في حال اختيار الجنوبيين للانفصال، وهو ما سيخلق فراغا قانونيا نحاول ان نملأه بهذه القوانين».
واعلنت الامم المتحدة ان اكثر من (120) الف جنوبي كانوا يعيشون في الشمال عادوا الى الجنوب مع اقتراب موعد الاستفتاء الا ان مئات الآلاف من الآخرين لا يزالون في الشمال وهم سيشاركون في استفتاء الجنوب إذا رغبوا بذلك.
المفضلات