بالرغم من ورش العمل والمحاضرات التوعوية التي تعقد في أرجاء المملكة حول العنف الأسري، إلا أن هناك 19% من النساء الأردنيات يوافقن على أن للرجل الحق في معاقبة زوجته كما ظهر في مسح السكان والصحة الأسرية الذي أجرته دائرة الإحصاءات للعام 2007 . فلماذا يكون الضرب هو الحل الفعّال في فض الخلافات؟.. ولماذا يحق للزوج ضرب زوجته؟
مسموح وغير مقبول
تقول إيمان عبدالله (موظفة قطاع خاص) إن ضرب الزوجة مسموح في حالات وغير مقبول فى حالات أخرى، ولكن أظن أن الزوج العاقل لا يضرب زوجته إلا عندما تسد فى وجهه كل الحلول ولا يجد مفراً من هذا الأسلوب البغيض، ولكن في كثير من الأحيان تضطر الزوجة الزوج للقيام بضربها بالعناد والوقوف أمام زوجها في أشياء لا تستدعي الخناق.
وترى سارة العطار أن المرأة العاقلة تتعامل مع المشاكل بكل عقلانية، وتحافظ على بيتها ولا تحاول استفزاز الزوج. وتضيف ''هناك بعض النساء لا يُجدن التعامل مع أزواجهن ولكن لا تصل الأمور إلى الضرب وإنما التفاهم أفضل طريقة لإنجاح الحياة الزوجية''.
وتشير ''كما هو مطلوب من الزوجة أن تتفهم الزوج أيضاً يجب على كل زوج أن يتحلى بصفات جميلة تحقق التآلف بين الزوجين لتضفي على الحياه الزوجية مزيدا من الحب والحنان وان يكون بعيدا كل البعد عن الانانية التي يتصف بها الكثير من الرجال''.
ويؤكد علي خليفات أن هناك من النساء من تستحق الضرب أحياناً، ويستدرك ''الضرب والعنف ليسا الوسيلة التي من خلالها تحل أي قضية، فما أجمل أن يكون الإقناع هو لغة الحوار، فبالحوار تحل الأمور لا بالضرب وأن كرامة الزوجة من كرامة الزوج وإهانتها هي إهانة له ودليل على عجزه في إدارة أمور البيت والعائلة بالمنطق السليم وبالتي هي أحسن''.
ويتابع ''كيف تستمر الحياة الزوجية إذا كان الضرب هو أداة التفاهم بين الزوجين وكيف تنشأ أسرة كريمة وأفراد صالحون يساهمون في بناء مجتمع سليم''.
الحوار مطلوب
وتقول الطالبة منال عبد الهادي (الجامعة الأردنية) إنه يوجد أزواج لا يعرفون معنى التفاهم ولا يعرفون إلا الأوامر وإن لم تنفذ أوامرهم يلجأون إلى ضرب زوجاتهم حتى إذا كانت أوامرهم هذه خطأ. وتضيف ''لا يجوز أن يسيء الزوج استخدام الحقوق والسلطات الزوجية التي أعطاه الله إياها أو يستخدمها بأسلوب ظالم''.
وتبين الموظفة مايا النجار أن أغلب ما نراه في مجتمعاتنا اليوم لا يمكن وصفه بضرب تأديب وإنما مصارعة بين طرفين غير متكافئين في القوة فكثير من الأزواج يلجأ للضرب دون أسباب منطقية تستدعي ذلك فقط لأنه عصبي أو لأن مزاجه مقلوب. وتتابع ''يبقى ضرب الزوج لزوجته من أبشع أنواع المعاملات لأنه يحطم الثقة والأمان اللذين تشعر بهما الزوجة تجاه زوجها وحتى إن أخطأت الزوجة فان الضرب مرفوض''.
نعم للضرب
وحول المواقف التي تؤيد فيها النساء ضرب الزوجة -كما ترى رانيا منصور- العناد وطــولة اللســان فـ''إذا لا تحترم المرأة الرجل وتتحدى أو تطــيل لسانها ولم ينفع معها وعظ ولا هجر فإنها تضــرب''، مشيرة ''على المرأة ألا تعرض نفسهــا للضرب وعليها احترام نفسها قبل كل شيء. أما إن كان الزوج من النوع الغضوب ويده تسبق لسانه فتوجد أساليب عديــدة للتفاهم معه''. وتضيف ''لا أتخيل زوجاً يضرب امرأته بلا سبب إلا إذا كان مريضاً نفسيا فواجبها طاعته واحترامه لتقوى المودة والرحمة بينهما وإن غضب لا تقف بوجهه الند للند وتجاوبه كلمة بكلمة''. ويوافقها الرأي ناصر حمدان بأن لسان المرأة هو ما يؤدي بها إلى التهلكة، فبعض النساء ترى زوجها في قمة غضبه فتقف في وجهه وترد عليه الكلمة بعشر، فماذا ننتظر من زوجها وخصوصاً إذا من النوع العصبي جداً، ويضيف ..ان ارى بان الزوجة اذا رأت زوجها غاضب سواء كان على صواب أو خطاء عليها التزام الصمت وتدعه يقول مايريد ،ثم بعد ان يهدأ تحاول أن تتفهمه وتحاوره لكي لا يصل الأمر إلى أن يضرب الرجل زوجته.
وفي السياق ذاته يقول أستاذ الشريعة الإسلامية في الجامعة الأردنية الدكتور عبد المجيد الصلاحين إن موضوع ضرب الأزواج للنساء ليس على اطلاقه، وهذا وارد في قوله تعالى ''واللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُن فَعِظُوهُنَّ وَاهْجُرُوهُنَّ فِي الْمَضَاجِعِ وَاضْرِبُوهُنَّ فَإِن أَطَعْنَكُمْ فَلاَ تَبْغُواْ عَلَيْهِنَّ سَبِيلاً إِنَّ اللّهَ كَان عَلِيًّا كَبِيرًا''، فالآية الكريمة توضح ان الضرب ليس هو الخطوة الأولى وإنما هو الخطوة الأخيرة، أي أن الأسباب التي تستدعي أن يلجأ الزوج الى ضرب زوجته هو نشوز الزوجة ومعنى نشوزها الخروج عن طاعته .
ويزيد: لم يضع الإسلام الضرب كعقاب الا بعد مرحتلين هما الموعظة أولا لعل الزوجة تتراجع عن نشوزها، فإذا تمسكت برأيها فهنا يلجأ الزوج الى أمر آخر نفسي هو الهجر في المضاجع فان لم تقتنع وتعود الى صوابها فهنا اللجوء الى الضرب وليس أي ضرب وانما حدد الإسلام أيضاً شروطاً للضرب رأفة بالمرأة وهو ألا يكون مبرحا ، وقد ذكر الفقهاء والمفسرون أن الضرب يجب ان يكون لإظهار الامتعاض وألا تكون فيه إهانة للزوجة وهذا يدل أن الضرب الوارد في الآية الكريمة إنما هو لإظهار ضيق الزوج لسلوك زوجته ونشوزها وليس مراداً ولا مقصوداً لذاته. ويضيف أن الضرب هو الخطوة الأخيرة بعد مجموعة من الخطوات كما يشترط فيه عدم الإيذاء بل أن الفقهاء نصوا على أن الضرب يكون بسواك رقيق، وكما هو معروف ان السواك لايؤذي بل حتى انه لا يؤلم وإنما الغاية منه إظهار غضب وضيق الزوج على تصرفات الزوجة. وبين الصلاحين ان السيرة النبوية تحتوي على مئات الحوادث التي تؤكد عدم استخدام الرسول صلى الله عليه وسلم للضرب كوسيلة مع زوجاته أو بناته، وبما أن السنة هي كل ما ورد عن الرسول من قول أو فعل أو تقرير، فيجدر بنا أن نتخذ من الرسول قدوة لقوله تعالى ''ولكم في رسول الله أسوة حسنة '' لان الإيمان متكامل، فلا يمكن لنا أن نأخذ من الدين ما يلبي احتياجاتنا وننسى ما هو واجب علينا، وفي الآيات والأحاديث العديد من الوصايا التي توصينا بالتراحم فيما بيننا فعن الرسول ''إن المؤمنين كالجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر البدن بالسهر والحمى '' فها هي المرأة تشتكي وهي جزء رئيس في المجتمع لا يمكن لنا تجاهله ولا يمكن لنا تطوير المجتمع دونها، فاستمرار بقاء المرأة مهانة لا يمكن أن يطور المجتمع، فهي من تربي الأطفال، وفاقد الشيء لا يعطيه، فإذا كانت نساؤنا مهزوزات غير قادرات على اتخاذ القرار فأجيالنا القادمة ستكون بنفس المستوى.
ويضيف ''لا تخلو بطاقة دعوة لزفاف من الآية القرآنية ''ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة إن في ذلك لآيات لقوم يتفكرون'' وقد توضع هذه الآية في بطاقة الزفاف دون أن يعرف الناس أبعاد دعوتها الإنسانية والتي تدعوا إلى التراحم بين الأزواج والى الهدف الرئيسي من الزواج .
المفضلات