لا تجعل نفسك وحيدا امام مواجهة ظروفك النفسية والعصبية . واجعل فكرك يهجس بامكانية :كيف يمكن التوصّل إلى تحقيق الذات حين تصبح (الأنا) مساوية لـ(نحن)؟ تؤدي مشاركة الحياة اليومية بحذافيرها كافة إلى نسيان أنّ تجاربنا الشخصية تغذّي علاقة الحب بين الزوجين وتتيح لهما البقاء على مسافة من رغباتهما الباطنية.
الحياة أشبه برحلة نقوم بها يومياً لغزو العالم ونعود منها مساءً بعد الاغتناء من الاستكشافات المحقّقة. في حال الامتناع عن خوض هذه التجربة، يحرم المرء نفسه من الأمور التي تساهم في نضج شخصيّته. من هنا تبرز أهمية البحث، خارج إطار العلاقة الزوجية، عن الحوافز الفكرية والروحية والعاطفية الضرورية لتفتّح شخصية كل طرف من العلاقة الثنائية.
مرحلة التماهي
صحيح أنّ الحياة الزوجية المشتركة تحتّم على الشريكين التخلّي عن جزء من حرّيتهما، لكن لا يعني ذلك الوقوع في فخ التنازلات المستمرة. في البداية، تنقلب الأمور رأساً على عقب: تصبح النشاطات الرياضية أمراً منسيّاً وتتراجع الرغبة في مقابلة الأصدقاء وفي ممارسة نشاطات ترفيهية أو فنية سابقة... لكن بعد مرور هذه الفترة السحرية الأولى، يشعر كلا الطرفين بالحاجة إلى استعادة نمط حياتهما الطبيعي لتجنّب الوقوع في الاكتئاب وتعزيز التبادل والحفاظ على حيوية العلاقة.
تنمية الحياة الداخلية
ما نعيشه داخلياً يساهم في إغناء العلاقة الزوجية التي تتعزز من خلال تنمية الشخصيتين معاً. عند التخلي عن خصوصية كل طرف من الزوجين، يبدأ الملل بالتسلّل إلى العلاقة. يسمع أطباء النفس خلال جلسات العلاج النفسي أشخاصاً يتذمّرون من الشريك لأن تصرّفاته أصبحت متوقّعة إلى درجة مزعجة، وبالتالي لا وجود لعامل المفاجأة والتشويق في العلاقة. سرعان ما يستعيد الأصدقاء أهميتهم بالنسبة إلى المرء، ما يساهم في إعادة التوازن إلى العلاقة الثنائية. في الواقع، يساعد وجود الأصدقاء في إثبات الشخصية الفردية ومشاركة المشاعر مع الآخرين. الأصدقاء هم مصدر غنى دائم ورفقتهم هي طريقة مختلفة للشعور بحب الآخر ورؤية العالم من منظور جديد.
الشوق يولد الرغبة
لا يمكن الاستمتاع بلقاء الآخر في حال ملازمته طوال الوقت. تتذمر إحدى النساء المتزوجات منذ 10 سنوات من أنها بدأت تشعر بالاختناق من زواجها: “حصر زوجي حياته ضمن العائلة والعمل ولم يعد يقابل أصدقاءه ولا يمارس هواياته الموسيقية السابقة مع أنه كان يعشق الموسيقى. لم أعد أرغب في رفقته لأنه يبقى دائماً معي. كنت أدفعه إلى استعادة شغفه بالأمور التي يحبها والخروج وحده لأشتاق إليه!”. يُعتبر إشعال الرغبة بين الزوجين من وقت لآخر طريقة مناسبة لترسيخ الرابط الزوجي الذي يخفّ قليلاً بعد الشعور بدفء الاستقرار.
إيجاد مساحة مناسبة
كما جميع الأمور في الحياة، لا بدّ من إيجاد توازن في العلاقة. قد ينزعج أحد الطرفين من هوايات الشريك التي لا تشمل الزوجين معاً. لكن يؤكد علماء النفس ضرورة إيجاد النقطة التي تفصل بين التفتّح الشخصي والتنازل في سبيل الحياة المشتركة. الأهم هو عدم المبالغة في الأمرين.
أسباب التعلق بالآخر
وفقاً لعلماء النفس، على الزوجين أن يحبّا المساحة التي تفصل بينهما وألا يخافا منها. إنها أحد الجوانب الشائكة في أي علاقة عاطفية. بنظر الكثيرين، قد تكون كلمة {أحبك} مساوية لعبارة {أنت ملكي}. لا يجيد الجميع تخطّي انعدام الأمان العاطفي المرتبط غالباً بقلة الثقة بالنفس. بالنسبة إلى الآخرين، التماهي في الحب طريقة هروب ممتعة لتجنّب الاحتكاك بالحياة أو تحديد معالم الشخصية الحقيقية. تتعدّد الحالات التي يعيش فيها الزوجان حالة من الاتكال الكلي على الذات حيث يؤدي الشريك دور الشخص الذي يدعم الآخر وينسى نفسه، فيتحول الواقع إلى حياة شائبة.
قد يفكّر البعض أنّ مفهومي الفردية وتفتّح الشخصية يتعارضان مع الحياة الزوجية لأنهما يحتلان مساحة كبيرة من الروتين اليومي. لكنّ الأمر ليس صحيحاً بالضرورة. لا بدّ من التذكير بأنّ أفضل طريقة لإسعاد الآخر تكمن في إسعاد الذات أولاً.
المفضلات