الاردن.. تذمر "نخبوي" من اتهامات الفساد التي تتجول بين "الكبار" ونادي "رؤساء الحكومات" يتصدع جراء "تصفية الحسابات"
بعدما تجرات بعض التعبيرات الاعلامية على ذكر اسمه مرة بخجل ومرة بدونه على هامش التحقيقات الاخيرة اندفع رئيس الوزراء السابق نادر الذهبي للدفاع عن نفسه وعن تجربته باكثر من وسيلة وطريقة بعدما اصبح اتهام الحكومة السابقة امرا طبيعيا في عهد اي حكومة لاحقة.
وسائل الذهبي في الدفاع عن الغمزات التي يتداولها سياسيون واحيانا وزراء ومسؤولون عن عهده تنوعت قليلا فالرجل الذي يحاول البعض الان نبش ملفات عمله قبل الرئاسة كرئيس لمفوضي مدينة العقبة، اشار في مناسبتين على الاقل الى انه لم يكن يستطيع وضع قطاعين استراتيجيين في مجال الطاقة في البلاد بين ايدي شركة واحدة مهما كانت نوايا هذه الشركة طيبة ومهما كانت الشركة عملاقة ومطلوبة استثماريا .
وهذه التلمحيات يمكن اعتبارها هجومية الى حد ما من قبل الذهبي على التحرشات التي طالته عندما فتحت حكومة خلفه سمير الرفاعي ملف مصفاة البترول.
وهي تحرشات بدات مع تحويل القضية الى جريمة اقتصادية وانتهت بتحويل مدير القسم الاقتصادي في مقر الرئاسة وموظفين كبيرين في عهد حكومة الذهبي الى القضاء بتهمة الرشوة واستغلال الوظيفة.
والمعنى واضح ومقصود هنا وهو الاشارة الى ان شركة دبي كابيتال التي كان يتراسها الرفاعي قبل توليه الحكومة حصلت في عهد الذهبي ومن قبله على حصة في قطاع الكهرباء وعبرت انذاك عن رغبتها في الحصول على صفقة مصفاة البترول التي اثارت ولا زالت تثير موجات من الجدل واللغط.
تكتيك آخر لجا له الذهبي دفاعا عن تجربته التي اصبحت تلقائيا (متهمة) تفاعلا مع موضة الاتهامات المروجة بالعادة ضد الحكومات السابقة ففي بعض الجلسات الضيقة اشار الذهبي مرتين على الاقل الى قرار باستبعاده من اطار التحقيق على اي نحو في قضية مصفاة البترول.
ويبدو ان متلازمة مثيرة هنا يمكن رصدها على الصعيد السياسي فما عانت منه وزارة الذهبي بعد رحيلها سواء فيما يتعلق بملف مصفاة البترول او ملف الموازنة المالية التي قيل ان حكومة الذهبي تلاعبت بها عانت منه بنفس المقدار حكومة ما قبل الذهبي برئاسة معروف البخيت تحت عنوان ملف الفساد المفترض اداريا على الاقل في قصة كازينو البحر الميت.
انذاك تلقفت حكومة الذهبي ملف الكازينو الشائك لكي تشكك باجراءاته عند بداية تشكيلها فاصبحت تجربة البخيت متهمة فورا بصرف النظر عن واقعية اي حيثيات وبنفس درجتي السرعة والحماس دخلت تجربة الذهبي في زاوية التشكيك والاتهام عندما كان اول قرار اتخذته حكومة الرفاعي تجميد صفقة مصفاة البترول التي كانت اخر مشروعات مرحلة الذهبي كما كانت صفقة الكازينو اخر قرارات حكومة البخيت.
ومع وجود صحافة متربصة بكل صغيرة او كبيرة وصالونات تحترف النميمة اصبحت ظاهرة اتهام الحكومات واحيانا المبالغة في تشويهها مسألة اعتيادية ويومية يتلقفها الراي العام مع جرعات التشويق المفترضة.
لكن اليوم يعاني الجميع من هذه الموجة التي اصبحت تقليدا يرهق كبار الساسة وعبئا حتى على الدولة والنظام خصوصا بعد المجازفة بتحويل واحيانا سجن شخصيات نافذة وبارزة في اكثر من مرة وفي عدة مناسبات تحت عنوان الفساد بنوعيه المالي والاداري علما بان التعاطي اليومي مع هذه الموضة انتهى بحالة تشويه جماعية يتهم فيها الجميع الجميع.
وعلما بان الادارة المتخبطة احيانا لملفات الفساد سواء كانت كيدية او واقعية تسحب من رصيد المصداقية في التعامل مع هذه الملفات.
فوق ذلك يربك اتساع دائرة المتهمين من المسؤولين المتقاعدين والسياسيين وحتى الجنرالات في بعض المفاصل يساهم في تبطيىء ايقاع الحركة المناهضة للفساد الحقيقي وقد يدفع ذلك في بعض الاحيان الى تصعيد قيم موازية على حساب المقاومة الحقيقية للفساد الحقيقي من طراز الحفاظ على الهيبة ومنع تشكل انطباع بوجود غالبية فاسدة في طبقة النخبة واستمرار العمل في ماكينة الجهاز البيروقراطي.
وحتى كبار الساسة اصبحوا يميلون الى الضجر والتذمر من حملات الاتهام الضمنية او الوهمية، الامر الذي انتهى بتصدع مؤسسة نادي رؤساء الحكومات التي ينشغل احيانا بعض اركانها في تصفية الحسابات خصوصا وان صراعات مراكز القوى والتجاذب تغذي هذه الحملات، حتى وصل الامر برئيس وزراء مخضرم ومحنك من طراز عبد الكريم الكباريتي للتحدث، علنا عن ثلاثية قد ينتهي لها اي شخص تبدا بوجوده كرئيس وتمر بتحوله الى تعيس وتنتهي بانتقاله الى السجن كحبيس.
المصدر : الحقيقة الدولية – القدس العربي 30.4.2010
المفضلات