تتم الاحتجاجات الشعبية في مصر اليوم أسبوعها الثاني على التوالي، دون أن يبدو أن المتظاهرين يتراجعون عن مطالبهم بإسقاط النظام، خاصة بعد نجاحهم أمس في حشد نحو مليوني متظاهر في ميدان التحرير في "يوم الشهداء"، بينما ترددت أنباء عن محاولات الجيش لحصر تواجدهم في وسط الميدان.
وقال متظاهرون إن الجيش يحاول الضغط على المتظاهرين للدخول إلى عمق ميدان التحرير لإفساح المجال أمام حركة المرور، في ما يبدو أنها محاولة لتهميش المظاهرات بتضييق المساحة التي يحتلها المتظاهرون وحصرها في وسط الميدان.
وقد اندفع آلاف المحتجين المعارضين للحكومة أمس لوقف تحركات الجيش وعرباته المصفحة وأقاموا سلاسل بشرية استلقت على الأرض في طريق الدبابات والعربات المصفحة في مداخل ميدان التحرير لمنعها من التقدم.
وأكد ضابط في الجيش طلب عدم الكشف عن اسمه أن هناك الكثير من التشكك من ناحية المحتجين تجاه الجيش الذي وضع أسلاكا شائكة لمنعهم من النوم في الطريق، وبعدما أكد شهود عيان أن الجيش أطلق النار في الهواء ليجبر المحتجين على التراجع ويحصرهم في وسط الميدان.
وكان الجيش قد ضيق يوم السبت منافذ الدخول إلى المنطقة مما قلل من إمكانية وصول المواطنين الراغبين في الانضمام إلى الاحتجاجات، وأنشأ طوق من الجنود مساحة خالية وسط الطريق ليفصل المحتجين قرب المتحف عن بقية المتظاهرين.
ورغم هذه الإجراءات فإنه لا يبدو على المتظاهرين التراجع، حيث إن الآلاف منهم اتخذوا استعداداتهم للمبيت أياما طويلة في الميدان، خاصة بعد نجاحهم أمس في تنظيم مظاهرات مليونية ضمن ما سموه يوم الشهداء في أسبوع الصمود، والذي شهد إقامة صلاة الغائب وقداس الأحد على أرواح مَن قتلوا منذ انطلاق الثورة الشعبية يوم 25 يناير/كانون الثاني الماضي.
وقد احتشد في ميدان التحرير أمس نحو مليوني متظاهر، في حين شهدت مدينتا الإسكندرية والمنصورة مظاهرات حاشدة شارك في كل واحدة منها -حسب ما أكدت مصادر للجزيرة- نحو ربع مليون شخص.
المتظاهرون في السويس طالبوا برحيل مبارك (الجزيرة نت)
مظاهرات مستمرة
وقال الصحفي رضا شعبان للجزيرة إن مظاهرات الإسكندرية جابت أمس شوارع المدينة ومرت بالأحياء الشعبية، وكلما مرت أمام كنيسة أو مسجد خرج القساوسة أو الأئمة وحيوا المظاهرة التي انتهت حيث بدأت في منطقة سيدي جابر، فنصب المتظاهرون الخيام تضامنا مع المعتصمين في ميدان التحرير.
وفي المنصورة قال الصحفي بجريدة "المصري اليوم" ممدوح عرفة للجزيرة إن نحو ربع مليون متظاهر خرجوا أمس للمطالبة بسقوط النظام. كما شهدت المدينة اشتباكات بين مجموعة من البلطجية والمتظاهرين استخدمت فيها قنابل المولوتوف والأسلحة البيضاء، مما أدى إلى إصابة نحو ثلاثين شخصا بجروح قطعية، في حين وقف الجيش على الحياد.
وقال إن مظاهرات المنصورة امتدت على مسافة كيلومترين ومرت على مراكز الأمن وشاهدها ضباط الأمن بدهشة، إلى أن استقر بهم الأمر في ميدان وسط المدينة حيث صلوا صلاة الغائب على أرواح ضحايا المظاهرات بعد صلاة الظهر.
وفي مدينة السويس خرجت مظاهرة حاشدة جابت شوارع المدينة وشارك فيها الآلاف إضافة إلى القوى الوطنية والمعارضة، مرددين هتافات مطالبة برحيل الرئيس حسني مبارك ونظامه، مؤكدين أن المظاهرات ستستمر بالتزامن مع ما يحدث في ميدان التحرير.
كما شهدت مدن المحلة الكبرى والزقازيق وطنطا وبني سويف وأسيوط ودمنهور والعريش مظاهرات حاشدة تطالب برحيل مبارك، رغم محاولات منع وتخويف من قبل مجموعات مرتبطة بالحزب الوطني الحاكم.
المعتصمون قالوا لا أحد من المجتمعين بسليمان يمثلهم (الجزيرة)
مفاوضات
ووسط مشاهد أوردها التلفزيون الرسمي تظهر عمر سليمان نائب رئيس الجمهورية يتحدث مع مجموعة من الشباب قيل إنهم يمثلون المتظاهرين، أكد هؤلاء بدورهم أنهم لم يفوضوا أحدا للتحدث باسمهم، مشددين على عدم تنازلهم عن مطالبهم وعلى رأسها تنحي الرئيس مبارك.
كما قالت الناشطة السياسية نوارة نجم للجزيرة إنها لا تعرف هؤلاء الشباب الذين اجتمع معهم سليمان، مؤكدة أنه لا تفاوض إلا بعد رحيل مبارك.
وحاولت الحكومة أمس إعادة الحياة إلى طبيعتها، حيث استأنفت البنوك المصرية عملها بشكل تدريجي، كما استأنف أكثر من خمسة آلاف موظف أعمالهم في إدارة وزارة الطيران المدني، وأعادت الشرطة نشر قواتها في بعض أحياء القاهرة وخاصة الراقية منها كالمهندسين والمعادي ومصر الجديدة.
ويوصف التحرك الحكومي في هذا الصدد بأنه أول اختبار حقيقي لإمكانية السيطرة على قوة دفع الاحتجاجات، في وقت تتواصل فيه دعوات المتظاهرين إلى مظاهرات مليونية يومي الثلاثاء والخميس.
المصدر: وكالات+الجزيرة
المفضلات