كتب - جمال اشتيوي - الحكومة الحالية تحت مجهر الأوساط السياسية والشعبية أكثر من أي حكومة سلفت ، فهذه الحكومة جاءت في أعقاب مسيرات شعبية احتجاجية واسعة طالبت بالإصلاح السياسي والاقتصادي والاجتماعي،وفي ظرف عربي تعبره رياح التغيير وسط تخبط إقليمي ودولي لمستقبل المنطقة.
صحيح أن الظروف الموضوعية والذاتية في الأردن تختلف عن دول عربية عديدة ،أهمها أن الشعب ليس مختلفا مع النظام السياسي بل يعتبره ضمانة للجميع، لكن الأردن تشترك مع الأنظمة تحت التغيير في كثير من الظروف أهمها المطالبة بالإصلاح السياسي ومحاربة الفقر والبطالة،وهو ما يعني أن الشعب اختلف كثيرا مع سياسات الحكومات السابقة في إدارتها للبلاد،ولا يزال لديه الاستعداد أن يختلف مع أي حكومة لا ترضي تطلعاته.
قضايا كثيرة تدور في مجالس النخبة والعامة ،وأحكام شبه قطعية أطلقوها على عدم جدية الحكومات السابقة في محاربة الفقر والبطالة وعدم جديتها في الإصلاح السياسي،بدءا من الإصرار على قانون الانتخاب الحالي (الصوت الواحد)،وليس انتهاء بعدم نبش ملفات الفساد المالي والإداري أو عدم التخفيف من وطأة الارتفاع المتواصل للأسعار والتوسع في فرض الضرائب.
الكل يراقب أداء الحكومة الجديدة،فتصريحات الرئيس الجديدة رغم رفعها شعار الإصلاح الشامل إلا أنها ليست كافية لطمأنة الأردنيين أن بانتظارهم مستقبلاً أفضل ، والمبرر أن كافة الحكومات غردت ليل نهار بأسطوانة الإصلاح،لكن أداءها كان في واد وشعاراتها في واد أخر،بل وتجاهلت ما يطالب به الناس من تخفيف العناء عنهم وخصوصا الاقتصادي منه.
صحيح أن الحكومة الجديدة ضمت وجوه إصلاحية ونقابية وحزبية مشهود لها بموقفها الوطني السليم طيلة تاريخها الماضي ،إلا أن تاريخها السابق يحملها مسؤولية أكبر من غيرها،فهؤلاء الوزراء الذين وثق الأردنيون في أدائهم في السابق حينما كانوا بين صفوف الشعب،عليهم أن يكونوا واضعي سياسات كفؤة تنبثق من التوافق حولها بين مكونات المجتمع الأردني كافة وليس منفذي برامج ورؤى فردية قد تصيب وتخطىء.
وضع السياسات العامة من خلال التوافق حولها مع الأطراف المعنية يجعل الجميع يتحمل مسؤولية الشراكة فيها،بعدها يمكن التوسع في هذه السياسة إذ حققت نتائج ايجابية ويمكن الانكماش والتراجع عنها إذا كان الأداء غير مقبول ، وبمعنى أخر، فإن الحكومة الحالية مطالبة بترسيخ دولة مؤسسات تدار استنادا إلى سياسات عامة ،وليس إلى سياسات وزراء تختلف من وزير إلى أخر.
مشكلة الأردنيين ليست في الخطابات حول الإصلاح السياسي والاقتصادي ،بل فيما يتبعه من إجراءات فعلية تترجم رؤية الإصلاح،لذا فمتابعة السياسات أهم من وضعها،فقد تضع الحكومة أفضل سياسة في الكون ويعتريها الفشل بسبب الأخطاء في التنفيذ، فالمتابعة ومراقبة الأداء الحكومي هي الأهم.
عموما ما يزال الوقت مبكرا للحكم على الحكومة الجديدة،وطبيعة تشكيلها تحتم علينا أن نمنحها الفرصة والوقت الكافي للتغيير،فإيمان الحكومة بالتغيير يختلف كثيرا عن تعاملها معه كظرف آني يستند في رؤيته على سياسة الاحتواء. والأهم من كل ذلك على الجميع دائما أن يوقن بشكل مطلق أن الأردن القوي يحقق مصلحة الجميع،والإصلاح لا يرفضه سوى أصحاب المصالح الضيقة والخائفون والمرتجفون الذين لا يصلحون لإدارة أردن قوي.
المفضلات