خطوط بيضاء .. للمشاة و السائقين ! 20-9-2013
خطوط بيضاء .. للمشاة و السائقين ! 20-9-2013
وليد سليمان - امرأة تحمل طفلها الرضيع ، والطفل الآخر يمسك بيدها ، هي تهمس بحسرة : «أرجوكِ أيتها السيارات قفي قليلاً ، دعيني أعبر الشارع .. فأنا لا أجيد الركض ما بين السيارات .
أن تكون مثقفاً ولديك ذوق عال هو من أساسيات الإنسان المتمدن والمتحضر، وما جاءنا ضيف من خارج الأردن في فصل الصيف وجلسنا نتحدث معه في سهراتنا الممتعة هنا وهناك في بيوتنا وعند أقاربنا وأصدقائنا ، إلا ويفتح الحديث ذا الشجون عن بعض مظاهر الفوضى في ثقافة قيادة السيارات في شوارعنا ، وليس من المستهجن ان هذا الضيف يصب جام عتبه علينا مع مرور مواسم الصيف في كل عام حيث يعتبر فصلاً سياحياً .
بعرفش أسوق داخل عمان
أحد الضيوف كان في سنوات سابقة يأتي بسيارته للأردن من دولة مجاورة وذلك كي تسهل عليه تنقلاته ما بين الأماكن والمناطق المحلية وبيوت أقاربه ومعارفه وللتنزه مع عائلته الصغيرة العدد ، لكنه ومنذ سنوات أصبح يأتي خلال إجازته دون سيارة ، قائلاً بسخرية وحسرة : « بعرفش أسوق السيارة داخل عمان». !
فوضى عارمة
رغم انه سائق محترف مضى على قيادته للسيارات اكثر من عشرين سنه ، ومن شكاوى ضيوفنا وأهلنا المغتربين عند قدومهم إلى الوطن هي تلك الفوضى العارمة في قواعد المرور لدى معظم السائقين للسيارات الخصوصي والعمومي في شوارعنا الكثيرة ومن أمثلة ذلك ،العصبية اللفظية التي تظهر على الألسن أو الايدي من البعض عندما يتأخر سائق ما في تحريك سيارته عند الاشارة الضوئية إذا ما أصبحت خضراء وجاهزة للمرور .
ثم المرور من بعض الشوارع الفرعية التي تكون مخصصة لاتجاه واحد فقط ، حيث يعاكس البعض من السائقين المرور ويسير بعكس الإتجاه طالما لا يوجد شرطي مرور يراقبه، مع العلم ان الالتزام بقواعد المرور يجب ان يكون نابعاً من مراقبة الذات والالتزام بذلك حباً وحرصاً وليس خوفاً من شرطي او مخالفة مالية ، ثم استعمال معظم السائقين للهواتف الخلوية أثناء القيادة وشرب القهوة والأكل والاستماع للاغاني وغير ذلك أثناء القيادة وهذا قد يسبب التشتت للسائق مما يجعله عرضة لعمل الحوادث .
بالإضافة إلى عدم التزام السائقين باستعمال الغمازات الخاصة بالانعطاف لليمين واليسار مثلاً، وقطع الإشارات الضوئية وهي حمراء اللون في آخر لحظة .
لماذا .. الخطوط البيض
ومن الجدير بالذكر ان كل قوانين السير في الدول العربية والعالمية توضح أن الخطوط البيض العريضة والمرسومة في بعض المواقع من الشوارع وبطريقة عرضية هي ممرات مشاة للناس السائرين على أقدامهم ، وان المرور من هذه الممرات لاجتياز الشارع من جهة إلى اخرى هو حق وأولوية مطلقة للسائرين وليس للسائقين وان على السائقين التوقف تماماً عند حافة هذه الخطوط وعدم قطعها إلا بعد ان يجتاز جميع المارين كل الخطوط للرصيف الآخر أو الجزيرة المقابلة . ومع كل الأسف والمرارة فان كثير من السائقين في عمان لا يولون أهمية لهذه الخطوط ، فالشخص السائر على قدميه يقطع الشارع وهو وجل خائف ان تصدمه السيارات التي لا تهتم لهذا الكائن البشري .
إنها قلة وعي ، وعدم تربية على احترام الآخرين ، إنها الانانية وكأن الشارع عبارة عن غابة من الكواسر الكل يريد ان يفرض نفسه ، وقد أعجبني أحدهم في توصيفه العلاقة ما بين السائقين في الشوارع قائلاً : انها حروب فردية مصغرة بالسيارات ، بينما قال عن الصراع ما بين السائقين والمشاة انها حرب قبائل بين قبيلة السائقين وقبيلة المشاة، لا أحد يحترم الآخر ، الكل يريد أن يمشي ويسير في ارض المعركة هذه كأنه يريد أن ينتصر لنفسه على الآخر، انه وضع وتصور مؤلمان يدلان على تراجع أخلاقي وثقافي وعلمي ، فأين ذهبت كل الدروس والعظات والآداب وتعاليم الاديان والأباء والأمهات في احترام الآخر والعطف عليه والصبر والإيثار والكرم المادي وحتى الكرم النفسي والاجتماعي .
ممرات المشاة في شوارع عمان اكثرها غير واضح المعالم فيرجى من المسؤولين عن ذلك اعادة دهنها ثم وضع لوحات ضخمة من فوقها تنبه السائقين الى وجوب التوقف نهائياً عند مشاهدتهم أحدا أو مجموعة من المشاة يعبرون الشارع , وعمل مطبات قبل ولوج السيارات لممرات المشاة لتقف وتبطئ سرعتها مرغمة ملزمة وذلك رحمة بالاطفال والنساء وكبار السن الذين يودون اجتياز الشارع مشياً على الأقدام .
المفضلات