احباب الاردن التعليمي

النتائج 1 إلى 4 من 4

الموضوع: المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار:قبل مبارة الجزائر مصر

  1. #1
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Tue Feb 2009
    المشاركات
    407
    معدل تقييم المستوى
    16

    المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار:قبل مبارة الجزائر مصر

    الشّيخ مصطفى عبد الله الونيسي/ باريس

    بعد الهجرة إلى يثرب، بدأ الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم دورا سياسيا جديدا في حياته لم يسبقه إليه أحد من النبيين و المرسلين، إذ جعل نصب عينيه الوصول بيثرب (الوطن الجديد للدعوة و الدولة) و ساكنيها إلى وحدة سياسية و نظامية لم يعرفها من قبل أهل الأرض. فالهدف الأول للرسول صلى الله عليه و سلم بعد الهجرة هو توحيد صفوف المسلمين من مهاجرين و أنصار ، فآخى بينهما في المدينة، كما كان قد آخى بين المهاجرين من قبل في مكة ،فحلت بذلك رابطة الأخوة في الله محل رابطة النسب و الدم. قال الله تعالى: ( وألف بين قلوبهم لو أنفقت ما في الأرض جميعا ما ألفت بين قلوبهم و لكن الله ألف بينهم إنّه عزيز حكيم )( الأنفال /آية 63) .

    و حدّ الرسول أصحابه على أساس العقيدة ، فألف الله بين قلوب المسلمين، فأصبح الإسلام أقوى رابطة تربط بينهم ، وأصبحت تبعا لذلك أخوة الدّين أقوى من أخوة النسب.

    لقد آخى النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه من المهاجرين و الأنصار، آخى بينهم على الحق و المواساة ، و جعل هذا التآخي موصولا برباط عام من الأخوة الدينية و الإنسانية و الموالاة السياسية و الفكرية. و لكن لا ينبغي أن ننس أنّ هذه الأخوة قد قامت ، أيضا ، على أسس مادية ، و ظلت حقوق هذا الإخاء حتى في جانبها المادي مقدمة على حقوق القرابة إلى حدّ موقعة بدر الكبرى حيث نزل في أعقابها قوله سبحانه: ( وأولو الأرحام بعضهم أولى ببعض في كتاب الله إنّ الله بكل شيء عليم) (الأنفال /75). فنسخت هذه الآية ما كان قبلها و جعلت حدّا لأثر المؤاخاة الإسلامية في الميراث، و رجع كل مسلم في ذلك إلى نسبه و ذوي رحمه ،دون أن يؤثر ذلك على عمق الأخوة الدينية .
    روى البخاري عن ابن عباس قال : ( كان المهاجرون حين قدموا المدينة يرث المهاجريُّ الأنصاريّ دون ذوي رحمه للأخوة التي آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينهم ، فلمّا نزلت : (ولكلّ جعلنا موالي ) نسخت. ثم قال : ( و الذين عقدت أيمانكم ) (النساء /33) أي من النصر و النصيحة . و قد ذهب الميراث (1). لقد خطا النبي صلى الله عليه و سلم عن طريق المؤاخاة خطوة جديدة نحو تأسيس الدولة الإسلامية الراشدة ،لأنّ كل دولة لا يمكن أن تنهض و تقوم إلا على أساس من وحدة الأمة و تساندها ، و كل جماعة لا تؤلف بينها آصرة المودة و الأخوة الحقيقية لا يمكن أن تتحد حول مبدأ ما أو فكرة معينة. فعن طريق هذا الإجراء ( المؤاخاة) ،الحضاري و الفريد من نوعه ، أراد النبي صلى الله عليه و سلم أن يحل الأزمة المعاشية التي لحقت المهاجرين بعد هجرتهم و مغادرتهم مكة، فنظم علاقاتهم الإجتماعية بإخوانهم الأنصار ليُعلم النّاس، بصفة عامة، معاني الإيثار و التضامن و خاصة في ساعة العُسرة و عند الشدائد ، و ليمكن المهاجرين الوافدين الجدد ليثرب أن يتنفسوا الصعداء و يتأقلموا مع وضعهم الجديد ، فيستعيدون مقدرتهم المالية و يتمكنوا من بلوغ مستوى الكفاية الإجتماعية، فقال صلى الله عليه و سلم : ( تآخوا في الله أخوين أخوين )، فتآخى
    خارجة بن زهير ، عمر بن الخطاب مع عتبة بن مالك،أبو عبيدة بن الجراح مع سعد بن معاذ، عبدالرحمان بن عوف مع سعد بن الربيع .....(2). تلقى الأنصار أوامر النبي صلى الله عليه و سلم بفرح كبير ، ففتحوا قلوبهم قبل دورهم لإخوانهم في العقيدة ، حتى أنّ المهاجرين تنافست فيهم الأنصار أن ينزلوا عليهم حتى اقترعوا فيهم بالسهام (3). و بتوفيق من الله كان من فوائد هذه الأخوة الإيمانية إزالة الوحشة و الغربة عن المهاجرين نتيجة مفارقتهم لأهلهم و عشيرتهم. و قابل المهاجرون بدورهم هذا الإيثار و الإحسان و السماحة بتقدير كامل و سماحة مماثلة ، رافضين منذ البدء الإتكالية و التعويل على هؤلاء الكرام الذين آووهم و أعانوهم بكل ما يملكون و يدخرون. جاء في رواية ينقلها البخاري أنّ المهاجرين عندما قدموا المدينة آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المهاجرين و الأنصار ، فقال سعد بن الربيع لأخيه في الدين الجديد عبد الرحمان بن عوف : إني أكثر الأنصار مالا فاقسم مالي نصفين ، و لي امرأتان ، فانظر أعجبهما إليك فسمها لي أطلقها، فإذا انقضت عدتها فتزوجها، قال : بارك الله لك في أهلك و مالك، أين سوقكم؟ فدلوه على سوق بني قينقاع ، فما انقلب إلاّ و معه فضل من أقط (نوع من جبن)، و سمن ، ثم تابع الغدو ،، ثم جاء يوما و به أثر صفرة فقال النبي صلى الله عليه و سلم:[ مهيم] (أي ما حالك ؟) قال : تزوجت ، قال صلى الله عليه و سلم: ( كم سقت إليها ؟) قال: نواة من ذهب. (4). و مفاد هذا الحديث أن عبدالرحمان بن عوف رضي الله عنه أسرع بالزواج حالما توفرت له فرصة إعالة بيته ، و هذا نوع من الإحترام لمشاعر الذين كان يتردد على بيوتهم ، و مثال على دماثة الأخلاق و رفاهة الحس و رقة الروح و الذوق (5). فبين المهاجرين و الأنصار ،كان هناك استغناء و تعفف من طرف، و و كرم و مروءة و تضحية و إنفاق من لا يخشى الفقر من الطرف الآخر، و كان كل من الطرفين يصر على موقفه. و نتيجة لهذه الاخوة الفريدة من نوعها التي كان النبي النبي صلى الله عليه و سلم قد بثها في نفوس أصحابه، و صيانة لها يتوصل الطرفان إلى اتفاق، يخدم الجميع و يحفظ كرامتهم ، يقضي بأن يقوم المهاجرون بالعمل في مزارع الأنصار مقابل أجرة يتقاضاها المهاجرون، و هكذا يستطيع هؤلاء إعالة أنفسهم دون أن يحتاجوا إلى غيرهم و لو كانوا إخوانا لهم في الدين. و بهذه الطريقة الإنسانية ، استطاع الأنصار أن يوفروا لإخوانهم المهاجرين مواطن للشغل و الإرتزاق دون أي شبهة إذلال أو مهانة.

    و بهذه الطريقة الحضارية و الإنسانية في معالجة القضايا الاجتماعية و الاقتصادية، استطاع الرسول الكريم صلى الله عليه و سلم أن يعالج كل المشكلات التي حصلت للمهاجرين بسبب الهجرة بطريقة جذرية و بشكل إيجابي و مشرف لمختلف الأطراف المكونة للمجتمع المسلم الجديد (6) .

    لقد كان تكريس مبدأ الإخاء بين المهاجرين و الأنصار، تجربة رائدة في تاريخ العدل الاجتماعي و إعادة توزيع الثروة بما يخدم المصلحة العليا للأمة،جسد النبي من خلاله مرونة الإسلام و انفتاحه و قدرته على تجاوز أشد الأزمات الاجتماعية و الاقتصادية التي يمكن أن يمر بها المجتمع الإسلامي . أنّ مبدأ التآخي الذي رفعه النبي صلى الله عليه و سلم لم يكن شعارا للمزايدة أو نظرية مثالية ، و إنّما كان حقيقة ميدانية و عملية تتصل بواقع الحياة و بكل أوجه العلاقات القائمة بين مختلف مكونات المجتمع الإسلامي.

    الأخوة ، في التصور الإسلامي ، هي من الأسس المركزية التي اعتمدها النبي صلى الله عليه و سلم لبناء المجتمع الإسلامي ، ومن ثمة الدولة الإسلامية . و كل دولة، أي دولة ، لا يمكن أن تنهض و تقوم إلاّ على أساس من وحدة الأمة و تساندها ، و لا يمكن لأي و حدة أو تساند أن يتم بغير عامل التآخي و المحبة المتبادلة ، و كل أمة أو حتى جماعة لا تؤلف بين مختلف عناصرها و أفرادها آصرة الحب والتضامن و الإيثار لا يمكن أن تجتمع أو تتوحد على مشروع حضاري ما،كما أن الإتحاد ما لم يكن حقيقة قائمة بين أفراد الأمة أو المجتمع، فلا يمكن أن يتألف بين أفراد هذا المجتمع أو الأمة دولة ذات شأن.(7) فهذا التآخي الذي بثه النبي صلى الله عليه و سلم بين أصحابه من مهاجرين و أنصار في المدينة كان مسبوقا بمؤاخاة أخرى أقامها النبي صلى الله عليه و سلم بين المهاجرين فيما بينهم عندما كان في مكة . قال ابن عبدالبر كانت المؤاخاة مرتين : مرة بين المهاجرين خاصة ، و ذلك بمكة،و مرة بين المهاجرين و الأنصار) (8)

    لقد نجحت ، إذا، تجربة المؤاخاة بكل المعاني ، وذلك لأن الأرضية التي قامت عليها و القيادة التي سهرت على تطبيقها و تنفيذها استكملتا كل شروط النجاح في مجتمع جديد يحكمه مبدأ العطاء قبل الأخذ، و تشده أواصر العقيدة و يوجهه الإيمان العميق بالله في الأقوال و الأعمال و التصورات . يقول د. عماد الدين خليل: ( إنّ تجربة المؤاخاة نجحت و كان لا بد لها أن تنجح ما دامت قد استكملت الشروط و تهيأت لها الأسباب في القيادة و القاعدة .) (9)





    تاخوا قبل المبارة

  2. #2
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Jun 2008
    الدولة
    صانعة رجال البواسل رجال الهيه المملكة الهاشمية
    المشاركات
    146,552
    معدل تقييم المستوى
    11586669



    جزاك الله خيرا




  3. #3
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Sat May 2007
    الدولة
    أم الدنيا وارض الكنانه
    العمر
    39
    المشاركات
    120,668
    معدل تقييم المستوى
    21474974

  4. #4
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Thu Feb 2009
    المشاركات
    6,527
    معدل تقييم المستوى
    266220

المواضيع المتشابهه

  1. خريطة دولة الجزائر , الخارطة الطبيعيه والسياسية لجمهورية الجزائر العربية خريطة الجزائر بجميع اشكالها
    بواسطة A D M I N في المنتدى خرائط دول السياسية والطبيعية وجميع انواع الخرائط
    مشاركات: 0
    آخر مشاركة: 21-07-2018, 08:25 PM
  2. مشاركات: 2
    آخر مشاركة: 25-07-2012, 09:14 PM
  3. المؤاخاة بين المهاجرين والأنصار ,, دروس وعبر
    بواسطة مشهور في المنتدى المنتدى الاسلامي العام
    مشاركات: 7
    آخر مشاركة: 15-12-2010, 03:19 PM
  4. عاجل آخر التصريحات عن حكم مبارة الجزائر ومصر
    بواسطة حساموفيتش في المنتدى منتدى الرياضة العربيه والعالميه
    مشاركات: 18
    آخر مشاركة: 02-02-2010, 10:12 PM
  5. العجوز والمنشار((ارجو المشاهدة كاملة))
    بواسطة moodycool في المنتدى منتدى سوالف وسعه صدر
    مشاركات: 15
    آخر مشاركة: 21-11-2009, 06:59 PM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
معجبوا منتدي احباب الاردن على الفايسبوك