[frame="4 80"]
هل من أسباب وجيهة لتفسير التزايد المستمر في أوزان طلابنا وطالباتنا؟ فما الذي يحدث وماذا علينا فعله الآن؟ الصيف على الأبواب، والرحلات والجلسات والموائد تنتظر رفقتنا، وما العمل؟
فمن إحدى أسباب شيوع ظاهرة زيادة الوزن هي ما نشهده حاليا من تحول النمط الغذائي مع زيادة تناول الوجبات السريعة العالية الدهون والسكريات وانحسار الوجبات التقليدية المحتوية على الحبوب والخضراوات والحليب، فبتنا نسمع: ما بحب آكل رز وخضرة! ياي رح ناكل بيتزا اليوم...وبدي برغر... على لسان كل مراهق وطفلة. ويقترن هذا التحول مع تأثير العوامل الوراثية (الجينات) ، والبيئة المحيطة والسلوك الغذائي والحياتي والتعاون الأسري، فطبيعة حياتنا العصرية تعنى بأن نركب السيارة بدلا من المشي وأن نعتمد على الأجهزة الكهربائية لتأدية ما نريده من أعمال، وبفضل أجهزة التحكم عن بعد فإننا لا نكلف أنفسنا حتى أن ننهض من مقعدنا كي نغير قناة التلفزيون أو نفتح باب الكراج، هذا فضلا عن أن الكثير من الأطفال والمراهقين يقضون ساعات أطول الآن أمام التلفزيون والكمبيوتر بدلا من اللعب خارج المنزل (وقد تصل هذه الساعات إلى أكثر من ستة في اليوم)، فأين حاراتنا وأين أماكن لعبنا؟ وبتنا نرى طلابنا وطالباتنا يتوددون إلى القعدة بحجة ما في وقت ألعب رياضة....وما بدي أعمل شي....وبتزهق...ناهيك عن الإعتماد المباشر على الخادمات في المنزل من حيث تحضير الوجبات أو حتى تناول كأس من الماء، فهذا النمط من الحياة قد يكون مريحا ولكن هل هوصحيا؟
ومن أحد الأسباب الأخرى لشيوع الظاهرة هو وجود أمراض معينة مثل أمراض الغدد الصماء التي تصاحبها زيادة في الوزن والتي تكون نتيجة نقص إفراز الغدة الدرقية أو هرمون النمو أو زيادة إفراز الغدد الكظرية والأنسولين أو اضطرابات الغدة جار الدرقية. كما أن أمراض الغدة النخامية وتحت المهاد أو بعض المتلازمات قد يصاحبها زيادة في الأكل والرغبة الشديدة بتناول الأطعمة الدسمة عالية الملوحة والدهون والسكر. وغالباً ما يصاحب أمراض الغدد الصماء المسببة للسمنة تأخر في النمو الطولي بخلاف زيادة الوزن الناتجة عن الزيادة في الأكل والتي تصاحبها زيادة في الطول.
واسمحوا لي أن أدرج السبب الأهم لهذه الظاهرة بأن يعزى لدور الآباء والأمهات إذ يلعب الآباء والأمهات دورا رئيسيا ومهما في عملية زيادة الوزن لدى الأبناء ومدى تأثيرهم على سلوكيات الطفل والمراهق فمخاوف وقلق الآباء والأمهات المستمرة من زيادة وزن أبنائهم يجعل الأبناء أكثر عرضة للإصابة بزيادة الوزن، والسبب في ذلك يرجع إلى محاولات الآباء والأمهات التحكم في عادات تناول أطفالهم للطعام بشكل زائد ويمنعهم من تعلم العادات الغذائية الصحية. كما تلعب أيضا حالة الطفل والمراهق المزاجية دورا في زيادة الوزن، إذ أثبتت الدراسات بأن الأطفال والمراهقين الذين يغضبون بسبب الطعام هم أكثر عرضة لزيادة الوزن.
ومن ناحية أخرى فإن شيوع المعتقدات السائدة لدى بعض الأمهات بأن تمتع الطفل أو المراهق بزيادة الوزن مفيد للصحة ويوفر الوقاية اللازمة من الأمراض قد يلعب دور في تطوير الحس الغذائي والنهم لدى الأبناء إذ تعمل بعض الأمهات جاهدات على توفير أية أطعمة ووجبات جاهزة في سبيل فرحة أبنائها وعدم تذمرهم بحجة بدي بس ياكلو. ونرى البعض الآخر من الأمهات يعملن على إرغام أطفالهن وإطعامهم فوق حاجتهم وإرهاقهم بالأطعمة ذات السعرات الحرارية العالية لتحقيق رغبتهن في رؤية أطفالهن في وضع صحي أفضل بزيادة الوزن بل وتقوم بعضهن باستخدام فواتح الشهية من أدوية طبية أو أعشاب طبيعية لتحقيق هذه الرغبة. ويجد العديد من الآباء والأمهات راحة البال والطمأنينة بعدم خروج الأطفال والمراهقين من المنزل واللهو ببرامج تلفزيونية أوبالكمييوتر داخل المنزل بهدوء مما يشجع نمط الخمول.
كما يقوم العديد من الآباء والأمهات بعدم الإكتراث لساعات نوم الأطفال مع العلم بأن قلة النوم تشكل سببا آخر لزيادة الوزن، حيث توصلت دراسات حديثة إلى أن الإطفال الذين يعانون من زيادة الوزن ينامون نحو 30 دقيقة أقل من غيرهم و تعزى زيادة الوزن إلى افتقاد هؤلاء الأطفال إلى الطاقة اللازمة لحرق السعرات الحرارية من خلال النوم الكافي.
ولعله من الضروري معرفة أسباب زيادة الوزن عند الأطفال والمراهقين إذ أن معرفة الأسباب تشكل جزء أساسي من العلاج، فما الذي يجب فعله للحد من هذه الظاهرة؟
أولا يجب العلم بأنه ليس هناك أي من الأدوية التي يمكن إعطائها أو العمليات التي يمكن إجرائها لهذه الفئة العمرية، بل وأن استخدام الأدوية أو إجراء العمليات قد يؤثر سلبا على نمو الطفل والمراهق ويتسبب بمضاعفات خطرة. ثانيا وهو الأهم، أن أساس العلاج يرتكز على خمسة محاور أساسية ألا وهي: التدخل الطبي (في حالة وجود أمراض معينة)، العلاج الغذائي، النشاط البدني، العلاج السلوكي للطفل أوالمراهق وللأهل، والإرشاد والتعاون الأسري، بحيث أنه لا يمكن تحقيق النجاح بالمحافظة على وزن صحي بدون الإلمام بالمحاور الخمسة فصعوبة علاج زيادة الوزن و السمنة لا يكمن في عدم المقدرة على تخفيض الوزن ولكن تكمن الصعوبة في الاستمرار في المحافظة على الوزن بعد التخفيض. إذ كان للوقاية من زيادة الوزن والسمنة والاكتشاف المبكر لمسبباتهما بالغ الأثر في الحد من تفاقم هذه المشكلة، وذلك باتباع نظاماً غذائياً محدداً (فليس الهدف هو تقييد السعرات الحرارية اللازمة لنمو الطفل، وإنما توفير حد كاف لنموه من غير تأثير سلبي على نموه العقلي)، بالإضافة إلى ممارسة تمارين رياضية معينة ومدروسة وتشجيع أنماط التغيير السلوكي مع توفير الدعم من قبل الأهل والأقارب.
ويجد الكثير من الأهالي صعوبة في تحديد ما يتناوله أبنائهم من حلويات وأطعمة دسمة يتناولونها بين الوجبات، خاصة عندما يقول الأبناء أنه من المسموح لأصدقائهم تناولها، وفيما يلي بعض الإقتراحات لتشجيع الأطفال والمراهقين على تناول الأطعمة الصحية:
1) لا تمنع الطفل و المراهق عن تناول هذه الأطعمة بالمرة أو تقل له أنها أطعمة سيئة، ذلك أن فكرة المنع أو إطلاق إسم السيء على شيء ما يجعله مرغوبا أكثر. إشرح للطفل و المراهق أن هذه الأطعمة لا بأس بها من حين لآخر، ولكن ليس كل يوم.
2) قم بتوفير تشكيلة من الأطعمة الصحية في المنزل، بما فيها الخبز، والأرز، والشعيرية، والمعكرونة، والبازيلاء والفاصولياء المجففة، والخضراوات والفواكه، وكميات معتدلة من منتجات الألبان قليلة الدسم، واللحم الأحمر، والدجاج والسمك.
3) شجع الأطفال والمراهقين على تناول أطعمة صحية غنية بالألياف بين الوجبات، مثل الفواكه ، وذلك بوضعها على مقربة منهم على الطاولة إذ يميل الأطفال والمراهقين إلى تناول ما يرونه أمامهم.
4) حاول أن تضمن تناول الطفل والمراهق لوجبة الفطور من خلال تناول الفطور معهم إذ أن عدم تناول الفطور يولد تناول الطفل أو المراهق لبعض الحلويات، والشيبس، والنقرشة فيما بعد، فمن الأفضل أن يبدأ الطفل والمراهق يومه بوجبة من حبوب الفطور النباتية (السيريال) والحليب، أو الفواكه والحليب، أو الخبز مع الجبنة أو اللبنة، أو اللبن والفواكه مثلا.
5) إخلق جوا نشيطا للعائلة، كاللعب معا بالكرة في الحديقة المنزلية أو الحديقة العامة أو الذهاب للمشي معا، أو حتى الرقص معا في المنزل.
6) إبق الأبناء في حركة دائمة سواء عن طريق تحديد الوقت الذي يقضيه الطفل أو المراهق أمام التلفزيون والكمبيتر، أو عن طريق مساعدة الطفل أو المراهق في البحث عن هوايات أخرى يمكن أن تجعله أكثر نشاطا. وإذا لم يكن الطفل راغبا في لعب الرياضة مع الآخرين كفريق فإنه قد يرغب في الدراما أو الرقص أو ألعاب الدفاع عن النفس أو رفع الأثقال مثلا.
7) شجع الأبناء على القيام بأعمال في المنزل وامدحهم لمساعدتهم لك.
8) كن قدوة حسنة فإن الآباء والأمهات النشيطين الذين يتناولون مجموعة من الأطعمة الصحية تقل إمكانية مشاكل الوزن لدى أطفالهم.[/frame]
المفضلات