علوم الحكمة تطوير طبيعي لعلم أصول الدين وتحول للعقائد إلى نظريات، وقواعد الإيمان إلى تصورات عامة للكون، وباختصار تحويل "الثيولوجيا" إلى "أنطولوجيا". لقد وضع علم اصول الدين نظرية الذات والصفات والأفعال، وتنازعها تصوران، التشبيه والتنزيه، الحلول والمفارقة، التشخيص والتعقيل. ثم طورتها علوم الحكمة إلى نظرية واجب الوجود، الموجود لذاته في مقابل الموجود بغيره، انتقالا من عالم الأذهان إلى عالم الأعيان، دون ما حاجة إلى أدلة على وجود الله كما هو الحال في علم أصول الدين أو إلى دليل انطولوجي كما هو الحال في الفكر الغربي. صحيح أن نظرية الوجود في المقدمات النظرية في علم أصول الدين قد اقتربت أيضاً من مباحث الأنطولوجيا ولكنها ظلت أنطولوجيا الأجسام المادية أي الجوهر والأعراض منها إلى الأنطولوجيا العامة. وصحيح أيضاً أن علوم الحكمة ما زالت متصلة بالعقائد بالرغم من تحولها إلى تصورات. فصفات واجب الوجود مثل العلم والحياة والقدرة تشبه صفات الذات في علم أصول الدين. كما أن موضوع قدم العالم وحدوثه هو الغاية القصوى من مبحث الوجود في علم أصول الدين من أجل اثبات حدوث العالم كدليل على وجود الله. وموضوع المعاد في علم أصول الدين مشابه لموضوع البعث في علوم الحكمة دون صوره الفنية ابتداء من عذاب القبر حتى الصراط والميزان والحوض. علم العقائد يغذي علوم الحكمة من الباطن وإن لم يبدو على السطح في التصورات النظرية العامة في علوم الحكمة
المفضلات