لماذا لا نستطيع أن نجعل الفواكه تنمو لتصبح بحجم السيارات
إن المقال الذي أصدره عالم الأحياء والرياضيات (جون بوردون ساندرسون هالدين) في عام 1926والذي يتحدث عن الأحجام، وضّح بعض العراقيل العلمية التي تواجه “نظرية العمالقة”، حيث أن الأخذ بما جاء في مقاله يؤدي إلى دحض بعض الأساطير التي تتحدث عن العمالقة مثل العملاق من حكاية جاك وشجرة الفاصولياء السحرية، وذلك لأن مثل هذا العملاق سيقع ضحية لتأثير الجاذبية، حيث أن عظامه لن تكون قادرة على دعم وزنه، وهذا سيؤدي إلى تحطمه في الدقيقة التي يقوم بها بأخذ الخطوة الأولى.
الهدف من ذكر مقالة (هالدين) يتمثل بإيصال فكرة أن جميع الأنواع لها حدود حجمية لا يمكن تجاوزها، فإذا ما نمت الحيوانات مثلاً إلى حجوم كبيرة جداً لن تكون عندها قادرة على أداء مهامها الوظيفية، وكذلك الأمر بالنسبة للطائر الطنان، فإذا نما هذا الطائر ليصبح بحجم الديك الرومي، على سبيل المثال، لن يكون قادراً بعدها على التحويم، والجندب إن نما ليصبح بحجم المهر لن يكون قادراً على القفز، وكذلك الأمر بالنسبة للنباتات، حيث أن لها حدودها أيضاً، فشجرة الفاصولياء –التي في حكاية جاك وشجرة الفاصولياء- على سبيل المثال، هي في الأساس عبارة عن كرمة، وخلافاً للشجيرات والأشجار لا يمكن للكروم أن تقف منتصبة من تلقاء نفسها، فهي تحتاج إلى الدعم، لذلك ووفقاً لجميع القوانين البيولوجية، كان ينبغي لشجرة الفاصولياء أن تنقلب قبل أن تصل حتى إلى ركبتي جاك وتبدأ في الزحف على الأرض، وحتى الأشجار لا يمكنها أن تنمو إلّا لطول معين، فقد تبين أن الأشجار التي تنمو لأكثر من 400 قدم، تفقد قدرتها على ضخ المياه من الجذور ووصولاً إلى أعلى الشجرة، أما بالنسبة للخضار، فإنه من المنطقي أن يتوقف عن النمو في مرحلة ما أيضاً، ولكن لا أحد يعلم تماماً أين يجب أن يكون هذا الحد.
لنأخذ اليقطين على سبيل المثال، إن اليقطين من فصيلة القرعيات، وهو فرد من أفراد عائلة واسعة ومتنوعة تضم فيها أيضاً الخيار والبطيخ وقرع العسل، ويتميز اليقطين بكونه من الفواكه الضخمة المنتفخة ذات اللون البرتقالي، وبجذعه الشائك الخماسي، ولكن بالنسبة لليقطين العملاق، فالقصة تختلف، حيث بدأ هذا النوع من اليقطين من فاكهة يعود أصلها إلى أمريكا الجنوبية تمتلك جذوراً مدورة، ولا يتجاوز حجمها كرة التنس، وكانت هي الغذاء الرئيسي لكسلان الأرض العملاق، بعد ذلك تم زراعة هذا النوع من اليقطين لأول مرة في أوروبا بعد أن تم جلب بذوره من قبل الاسبان، ووصل في نهاية المطاف إلى حديقة (هنري ديفيد ثورو)، الذي قام بزراعته وتنميته ليصل حجم أحدها إلى 123.5 رطل، ويفوز بها بجائزة في معرض ميدلسكس في عام 1857.
في عام 1900، قام (وليام وارنوك) من جودريتش، أونتاريو، باستخدام بذور السلالة ذاتها، لإنتاج يقطينة يصل وزنها إلى 400 رطل، وقد كانت هذه اليقطينة هائلة الحجم لدرجة أنه تم دعوة (وارنوك) لعرضها في المعرض العالمي في باريس، بعدها قام (هوارد ديل)، من وندسور، من نوفا سكوتيا، بوضع سلالة من اليقطين التي تعرف الآن باسم الأطلسي العملاق، وحالياً وصل وزن الفواكه الناتجة عن هذه السلالة إلى 2000 رطل، ولكن على الرغم من أن هذه السلالة كبيرة جداً إلّا أنها ليست جميلة أبداً، فكلما كبر حجم اليقطين، كلما زاد ميله إلى التراخي والتمدد العرضي.
وفقاً (لديفيد هو) وزملاؤه من معهد جورجيا للتكنولوجيا، ليس هناك سبب للاعتقاد بأن اليقطين سوف يتوقف عند حاجز الـ2 طن، فبناءً على قياسات القوة، خلص الباحثون إلى أن اليقطين ينبغي أن يكون قادر على الوصول لوزن 20,000 رطل، وهذا الوزن يكفي لصناعة 10,000 فطيرة يقطين.
يمتلك العديد من المزارعين شغف تنمية الخضروات العملاقة، وهناك مسابقات وجوائز سنوية لأولئك الذين لديهم أكبر المنتوجات، ومن بين الخضراوات التي نالت الجائزة في هذه السنة: حبة من البطاطا بحجم كرة الشاطئ يصل وزنها إلى 25 رطل، وملفوف يزن 76 رطل من ألاسكا، وجزرة ضخمة تزن 19 رطل، وحبة طماطم تزن 7 أرطال، ومعظم هذه الخضراوات تم إنتاجها باستخدام مزيج من المياه والأسمدة والعناية الجيدة، والحظ.
ما تزال فكرة استخدام الخضراوات العملاقة في الاستعمالات الغذائية فكرة غير مستخدمة على أرض الواقع، وذلك لسبب بسيط جداً وهو أن كبر حجم الخضراوات لا يترافق مع الطعم الجيد، فضخامة الخضار تزيل نكهتها، وهو أمر معظمنا غير مستعد للتخلي عنه.
المفضلات