احباب الاردن التعليمي

صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة
النتائج 21 إلى 30 من 32

الموضوع: استمتع بحياتك للدكتورمحمد بن عبد الرحمن العريفي ...متجدد

  1. #21
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Mon Jan 2011
    العمر
    36
    المشاركات
    9,668
    معدل تقييم المستوى
    21474859
    أختر الكلام المناسب
    يتبع ما سبق أيضاً طريقة الكلام مع الناس ونوعية الأحاديث التي تثار معهم

    فإذا جلست مع أحد فأثر الأحاديث المناسبة له ..
    وهذا من طبيعة البشر .. فالأحاديث التي تثيرها مع شاب تختلف عن الأحاديث مع الشيخ ..
    ومع العالم تختلف عن الجاهل ..
    ومع الزوجة تختلف عن الأخت ..
    لا أعني الاختلاف التام .. بحيث إن القصة التي تحكيها للأخت لا يصح أن تحكيها للزوجة ! أو التي تذكرها للشاب لا يصح أن يسمعها الشيخ !! لا ..
    وإنما أعني الاختلاف اليسير الذي يطرأ على أسلوب عرض القصة وربما كيانها كله ..
    وبالمثال يتضح المقال ..
    لو جلست مع ضيوف كبار في السن جاوزت أعمارهم الثمانين أقبلوا زائرين لجدك .. فهل من المناسب أن تقص عليهم وأنت ضاحك مستبشر قصتك لما ذهبت مع زملائك للبر ؟! وكيف أن فلاناً سجل هدفاً أثناء لعب الكرة .. وكيف ثبت الكرة برأسه ثم ضربها بركبته .. لا شك أنه غير مناسب ..
    وكذلك لو تحدثت مع أطفال صغار .. من غير المناسب أن تذكر لهم قصصاً تتعلق بتعامل الأزواج مع زوجاتهم ..
    أظننا نتفق على ذلك ..
    إذن من أساليب جذب الناس اختيار الأحاديث التي يحبونها .. وإثارتها ..
    كأب له ولد متفوق .. من المناسب أن تسأله عنه .. لأنه بلا شك يفخر به ويحب أن يذكره دائماً ..
    أو رجل فتح دكاناً وكسب منه أرباحاً .. فمن المناسب أن تسأله عن دكانه وإقبال الناس عليه .. لأن هذا يفرحه .. وبالتالي يحبك ويحب مجالستك ..
    وقد كان النبي صلى الله عليه و سلم يراعي ذلك ..
    فحديثه مع الشاب يختلف عن حديثه مع الشيخ .. أو المرأة .. أو الطفل ..
    جابر بن عبد الله الصحابي الجليل .. قتل أبوه في معركة أحد .. وخلف عنده تسع أخوات ليس لهن عائل غيره .. وخلف ديناً كثيراً .. على ظهر هذا الشاب الذي لا يزال في أول شبابه ..
    فكان جابر دائماً ساهم الفكر .. منشغل البال بأمر دَينه وأخواته .. والغرماء يطالبونه صباحاً ومساءً ..
    خرج جابر مع النبي صلى الله عليه و سلم في غزوة ذات الرقاع .. وكان لشدة فقره على جمل كليل ضعيف ما يكاد يسير .. ولم يجد جابر ما يشتري به جملاً .. فسبقه الناس وصار هو في آخر القافلة ..
    وكان النبي صلى الله عليه و سلم يسير في آخر الجيش .. فأدرك جابراً وجمله يدبُّ به دبيباً .. والناس قد سبقوه ..
    فقال النبي صلى الله عليه و سلم : مالك يا جابر ؟
    قال : يا رسول الله أبطأ بي جملي هذا ..
    فقال النبي صلى الله عليه و سلم : أنخه ..
    فأناخه جابر وأناخ النبي صلى الله عليه و سلم ناقته ..
    ثم قال : أعطني العصا من يدك أو اقطع لي عصا من شجرة ..فناوله جابر العصا ..
    برَكَ الجمل على الأرض كليلاً ضعيفاً ..
    فأقبل صلى الله عليه و سلم إلى الجمل وضربه بالعصا شيئاً يسيراً ..
    فنهض الجمل يجري قد امتلأ نشاطاً .. فتعلق به جابر وركب على ظهره ..
    مشى جابر بجانب النبي صلى الله عليه و سلم .. فرحاً مستبشراً .. وقد صار جمله نشيطاً سابقاً ..
    التفت صلى الله عليه و سلم إلى جابر .. وأراد أن يتحدث معه ..
    فما هي الأحاديث التي اختارها النبي صلى الله عليه و سلم ليثيرها مع جابر ..
    جابر كان شاباً في أول شبابه ..
    هموم الشباب في الغالب تدور حول الزواج .. وطلب الرزق ..
    قال صلى الله عليه و سلم : يا جابر .. هل تزوجت ..؟
    قال جابر : نعم ..
    قال : بكراً .. أم ثيباً ..
    قال : بل ثيباً ..
    فعجب النبي صلى الله عليه و سلم كيف أن شاباً بكراً في أول زواج له .. يتزوج ثيباً ..
    فقال ملاطفاً لجابر : هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك ..
    فقال جابر : يا رسول الله .. إن أبي قتل في أحد .. وترك تسع أخوات ليس لهن راعٍ غيري .. فكرهت أن أتزوج فتاة مثلهن فتكثر بينهن الخلافات .. فتزوجت امرأة أكبر منهن لتكون مثل أمهن ..
    هذا معنى كلام جابر ..
    رأى النبي صلى الله عليه و سلم أن أمامه شاب ضحى بمتعته الخاصة لأجل أخواته ..
    فأراد صلى الله عليه و سلم أن يمازحه بكلمات تصلح للشباب .. فقال له :
    لعلنا إذا أقبلنا إلى المدينة أن ننزل في صرار .. فتسمع بنا زوجتك فتفرش لك النمارق ..
    يعني وإن كنت تزوجت ثيباً إلا أنها لا تزال عروساً تفرح بك إذا قدمت وتبسط فراشها .. وتصف عليه الوسائد ..
    فتذكر جابر فقره وفقر أخواته .. فقال : نمارق !! والله يا رسول الله ما عندنا نمارق ..
    فقال صلى الله عليه و سلم : إنه ستكون لكم نمارق إن شاء الله ..
    ثم مشيا .. فأراد صلى الله عليه و سلم أن يهب لجابر مالاً ..
    فالفت إليه وقال : يا جابر ..
    قال : لبيك يا رسول الله ..
    فقال : أتبيعني جملك ؟
    تفكر جابر فإذا جمله هو رأس ماله .. هكذا كان وهو كليل ضعيف .. فكيف وقد صار قوياً جلداً !!
    لكنه رأى أنه لا مجال لرد طلب رسول الله صلى الله عليه و سلم..
    قال جابر : سُمْه يا رسول الله .. بكم ؟
    فقال صلى الله عليه و سلم : بدرهم !!
    قال جابر : درهم !! تغبنني يا رسول الله ..
    فقال صلى الله عليه و سلم : بدرهمين ..
    قال : لا .. تغبنني يا رسول الله ..
    فما زالا يتزايدان حتى بلغا به أربعين درهماً .. أوقية من ذهب ..
    فقال جابر : نعم .. ولكن أشترط عليك أن أبقى عليه إلى المدينة ..
    قال صلى الله عليه و سلم : نعم ..
    فلما وصلوا إلى المدينة .. مضى جابر إلى منزله وأنزل متاعه من على الجمل ومضى ليصلي مع النبي صلى الله عليه و سلم وربط الجمل عند المسجد ..
    فما خرج النبي صلى الله عليه و سلم قال جابر : يا رسول الله هذا جملك ..
    فقال صلى الله عليه و سلم : يا بلال .. أعط جابراً أربعين درهماً وزده ..
    فناول بلال جابراً أربعين درهماً وزاده ..
    فحمل جابر المال ومضى به يقلبه بين يديه .. متفكراً في حاله !! ماذا يفعل بهذا المال ؟! أيشتري به جملاً .. أم يبتاع به متاعاً لبيته .. أم ..
    وفجأة التفت رسول الله صلى الله عليه و سلم إلى بلال وقال : يا بلال .. خذ الجمل وأعطه جابراً ..
    جبذ بلال الجمل ومضى به إلى جابر .. فلما وصل به إليه .. تعجب جابر .. هل ألغيت الصفقة ؟!
    قال بلال : خذ الجمل يا جابر ..
    قال جابر : ما الخبر !!..
    قال بلال : قد أمرني رسول الله صلى الله عليه و سلم أن أعطيك الجمل .. والمال ..
    فرجع جابر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وسأله عن الخبر .. أما تريد الجمل !!
    فقال صلى الله عليه و سلم : أتراني ماكستك لآخذ جملك ..
    يعني أنا لم أكن أطالبك بخفض السعر لأجل أن آخذ الجمل وإنما لأجل أن أقدر كم أعطيك من المال معونة لك على أمورك ..
    فما أرفع هذه الأخلاق .. يختار ما يناسب الشاب من أحاديث .. ثم لما أراد أن يحسن إليه ويتصدق عليه .. غلف ذلك باللطف والأدب ..
    وفي أحد الأيام يجلس إلى النبي صلى الله عليه و سلم شاب اسمه جليبيب .. من خيار شباب الصحابة .. لكنه كان فقيراً معدماً ..
    وكان في وجهه دمامة ..
    جلس يوماً عند رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فما هي الأحاديث التي حرص النبي صلى الله عليه و سلم على إثارتها معه ؟ شاب في ريعان شبابه .. أعزب ..
    هل يتحدث معه عن أنساب العرب والرفيع منها والوضيع ؟
    أم يتحدث عن الأسواق وأحكام البيوع ؟
    لا .. فهذا شاب له نوع خاص من الأحاديث يفضله على غيره ..
    أثار معه صلى الله عليه و سلم موضوع الزواج والحديث حوله .. فلطالما طرب الشباب لهذه المواضيع ..
    ثم عرض عليه رسول الله التزويج ..
    فقال : إذن تجدني كاسداً ..
    فقال : غير أنك عند الله لست بكاسد ..
    فلم يزل النبي صلى الله عليه و سلم يتحين الفرص لتزويج جليبيب ..
    حتى جاء رجل من الأنصار يوماً يعرض ابنته الثيب على رسول الله صلى الله عليه و سلم.. ليتزوجها ..
    فقال صلى الله عليه و سلم : نعم يا فلان .. زوجني ابنتك ..
    قال : نعم ونعمين .. يا رسول الله ..
    فقال صلى الله عليه و سلم : إني لست أريدها لنفسي ..
    قال : فلمن ؟!
    قال : لجليبيب ..
    قال الرجل متفاجئاً : جليبيب !! جليبيب !! يا رسول الله !! حتى استأمر أمها ..
    أتى الرجل زوجته فقال : إن رسول الله يخطب ابنتك ..
    قالت : نعم .. ونعمين .. زوِّج رسول الله صلى الله عليه و سلم..
    قال : إنه ليس يريدها لنفسه ..
    قالت : فلمن ؟
    قال : يريدها لجليبيب ..
    فتفاجأت المرأة أن تُزف ابنتها إلى رجل فقير دميم .. فقالت : حَلْقَى !! لجليبيب ..؟ لا لعمر الله لا أزوج جليبيباً .. وقد منعناها فلاناً وفلاناً ..
    فاغتم أبوها لذلك .. وقام ليأتي رسول الله صلى الله عليه و سلم..
    فصاحت الفتاة من خدرها بأبويها : من خطبني إليكما ؟
    قالا : رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
    قالت : أتردان على رسول الله صلى الله عليه و سلم أمره ؟ ادفعاني إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فإنه لن يضيعني ..
    فكأنما جلَّت عنهما .. واطمأنّا ..
    فذهب أبوها إلى النبي صلى الله عليه و سلم فقال : يا رسول الله .. شأنك بها فزوِّجها جليبيباً ..
    فزوجها النبي صلى الله عليه و سلم جليبيباً ..
    ودعا لها وقال : اللهم صب عليهما الخير صباً .. ولا تجعل عيشهما كداً كداً ..
    فلم يمض على زواجه أيام .. حتى خرج النبي صلى الله عليه و سلم في غزوة .. وخرج معه جليبيب ..
    فلما انتهى القتال .. وبدأ الناس يتفقد بعضهم بعضاً ..
    سألهم النبي صلى الله عليه و سلم : هل تفقدون من أحد قالوا : نفقد فلاناً وفلاناً ..
    فسكت قليلاً ثم قال : هل تفقدون من أحد ؟
    قالوا : نفقد فلانا وفلانا ..
    فسكت ثم قال : هل تفقدون من أحد ؟
    قالوا : نفقد فلاناً وفلاناً ..
    قال : ولكني أفقد جليبيباً ..
    فقاموا يبحثون عنه .. ويطلبونه في القتلى .. فلم يجدوه في ساحة القتال ..
    ثم وجدوه في مكان قريب .. إلى جنب سبعة من المشركين قد قتلهم ثم قتلوه ..
    فوقف النبي صلى الله عليه و سلم ينظر إلى جثته .. ثم قال : قتل سبعة ثم قتلوه .. قتل سبعة ثم قتلوه .. هذا مني وأنا منه ..
    ثم حمله رسول الله صلى الله عليه و سلم على ساعديه .. وأمرهم أم يحفروا له قبره ..
    قال أنس : فمكثنا نحفر القبر .. وجليبيب ماله سرير غير ساعدي رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
    حتى حفر له ثم وضعه في لحده ..
    قال أنس : فوالله ما كان في الأنصار أيم أنفق منها ..
    أي تسابق الرجال إليها كلهم يخطبها بعد جليبيب ..
    هكذا كان صلى الله عليه و سلم يختار لكل أحد ما يناسبه من أحاديث .. حتى لا تمل مجالسه ..
    جلس صلى الله عليه و سلم يوماً مع زوجه عائشة ..
    فما الأحاديث المناسب إثارتها بين الزوجين ..؟
    هل كلمها عن غزو الروم ؟ ونوع الأسلحة التي استخدمت في القتال ؟ كلا فليست هي أبو بكر !!
    أم حدثها عن فقر بعض المسلمين وحاجتهم ؟ كلا فليست عثمان !!
    إنما قال لها بعاطفة الزوجية : إني لأعرف إن كانت راضية عني .. وإذا كنت غضبى .. !!
    قالت : كيف ؟
    قال : إذا كنت راضية قلت : لا ورب محمد ( صلى الله عليه و سلم ) .. وإذا كنت غضبى قلت : لا ورب إبراهيم ( صلى الله عليه و سلم ) ..
    فقالت : نعم .. والله يا رسول الله لا أهجر إلا اسمك ..
    فهل نراعي هذا نحن اليوم ؟


    وجهة نظر ..
    تحدث مع الناس بما يستمتعون هم باستماعه .. لا بما تستمتع أنت بحكايته ..

  2. #22
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Mon Jan 2011
    العمر
    36
    المشاركات
    9,668
    معدل تقييم المستوى
    21474859
    عند أول لقاء
    انتشر في بعض أرياف مصر برهة من الزمن أن الرجل العروس قبيل ليلة عرسه يخبئ في غرفته قطاً ..
    فإذا دخل بزوجته إلى مكان فراش الزوجية .. حرك كرسياً ليخرج ذلك القط .. فإذا خرج أقبل العروس يستعرض قواه أمام زوجته .. وقبض على القط المسكين .. ثم خنقه وعصره .. حتى يموت بين يديه ..!!
    أتدري لماذا ؟!
    لأجل أن يطبع صورة الرعب والهيبة منه في ذهن زوجته من أول لقاء ..
    وأذكر أني لما تخرجت من الجامعة .. وتعينت معيداً في إحدى الكليات .. أوصاني معلم قديم قائلاً :
    في أول محاضرة لك عند الطلاب .. شُدَّ عليهم .. وانظر إليهم بعين حمراء !! حتى يخافوا منك وتفرض قوة شخصيتك من البداية ..
    تذكرت هذا .. وأنا أكتب هذا الباب .. فأيقنت أن من الأمور المقررة عند جميع الناس أن اللقاء الأول في الغالب يطبع أكثر من 70% من الصورة عنك .. وهي ما يسمى بالصورة الذهنية ..
    أذكر أن مجموعة من الضباط سافروا إلى أمريكا في دورة تدريبية ..
    كانت الدورة في التعامل الوظيفي ..
    في أول يوم .. حضروا إلى القاعة مبكرين .. جعلوا يتحدثون .. ويتعارفون ..
    دخل عليهم المدرس فجأة فسكتوا .. فوقعت عين المدرس على طالب لا يزال متبسماً ..
    فصرخ به : لماذا تضحك ؟
    قال : عذراً .. ما ضحكت ..
    قال : بلى تضحك ..
    ثم جعل يؤنبه : أنت إنسان غير جاد .. المفروض أن تعود لأهلك على أول رحلة طيران .. لا أتشرف بتدريس مثلك ..
    والطالب المسكين قد تلون وجهه .. وجعل ينظر إلى مدرسه .. ويلتفت إلى زملائه .. ويحاول حفظ ما تبقى من ماء وجهه ..
    ثم حدق المدرس فيه النظر عابساً وأشار إلى الباب وقال : أخرج ..
    قام الطالب مضطرباً .. وخرج ..
    نظر المدرس إلى بقية الطلاب وقال : أنا الدكتور فلان .. سأدرسكم مادة كذا ..

    ولكن قبل أن أبدأ الشرح .. أريدكم أن تعبئوا هذه الاستمارة .. دون كتابة الاسم ..
    ثم وزع عليهم استمارة تقييم للمدرس .. فيها خمسة أسئلة :
    1. ما رأيك بأخلاق مدرسك ؟
    2. ما رأيك بطريقة شرحه ؟
    3. هل يقبل الرأي الآخر ؟
    4. ما مدى رغبتك في الدراسة لديه مرة أخرى ؟
    5. هل تفرح بمقابلته خارج المعهد ؟
    كان أمام كل سؤال منها .. اختيارات : ممتاز .. جيد .. مقبول .. ضعيف ..
    عبأ لطلاب الاستمارة وأعادوها إليه ..
    وضعها جانباً .. وبدأ يشرح تأثير فن التعامل في الجو الوظيفي ..
    ثم قال : أوه !.. لماذا نحرم زميلكم من الاستفادة ..
    فخرج إليه .. وصافحه وابتسم له .. وأدخله القاعة ..
    ثم قال : يبدو أنني غضبت عليك قبل قليل من غير سبب حقيقي .. لكني كنت أعاني من مشكلة خاصة .. أدت بي أن أصب غضبي عليك .. فأنا أعتذر إليك .. فأنت طالب حريص .. يكفي في الدلالة على حرصك تركك لأهلك وولدك ومجيؤك هنا ..
    أشكرك .. بل أشكركم جميعاً على حرصكم .. ومن أعظم الشرف لي أن أدرس مثلكم ..
    ثم تلطف معهم وضحك قليلاً ..
    ثم أخذ مجموعة جديدة من الاستمارات وقال :
    ما دام أن زميلكم فاته تعبئة الاستمارة فما رأيكم أن تعبئوها كلكم من جديد ..
    ووزع عليهم الأوراق ..
    فعبئوها وأعادوها إليه ..
    فأخرج الاستمارات التي عبئوها في البداية .. وأخرج الأخيرة وجعل يقارن بينها ..
    فإذا الخانة الخاصة بـ ضعيف في التعبئة الأولى كلها مليئة ..
    أما الثانية فليس فيها ضعيف ولا مقبول .. أبداً ..
    فضحك وقال لهم :
    كان ما رأيتم دليلاً عملياً على تأثير التعامل السيء على بيئة العمل بين المدير وموظفيه .. وما فعلته بزميلكم كان تمثيلاً أردت أن أجريه أمامكم .. لكن المسكين صار ضحية ..
    فانظروا كيف تغيرت نظرتكم بمجرد تغير تعاملي معكم ..
    هذا من طبيعة الإنسان .. فلا بد من مراعاته .. خاصة مع من تلتقي بهم لمرة واحدة فقط ..
    كان المعلم الأول صلى الله عليه و سلم يأسر قلوب الناس من أول لقاء ..
    بعد فتح مكة .. تمكن الإسلام ..
    وبدأت الوفود تتسابق إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم في المدينة ..
    قدم وفد عبد القيس .. على رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فلما رآهم وهم على رحالهم قبل أن ينزلوا
    .. بادرهم قائلاً :
    مرحباً بالقوم .. غير خزايا .. ولا ندامى ..
    فاستبشروا .. وتواثبوا من رحالهم .. وأقبلوا إليه يتسابقون للسلام عليه ..
    ثم قالوا :
    يا رسول الله .. إن بيننا وبينك هذا الحي من المشركين من مضر ..
    وإنا لا نصل إليك إلا في الشهر الحرام .. حين يقف القتال ..
    فحدثنا بجميل من الأمر .. إن عملنا به دخلنا الجنة .. وندعو به من وراءنا ..
    فقال صلى الله عليه و سلم : آمركم بأربع .. وأنهاكم عن أربع ..
    آمركم بالإيمان بالله .. وهل تدرون ما الإيمان بالله ؟
    قالوا : الله ورسوله أعلم ..
    قال صلى الله عليه و سلم : شهادة أن لا إله إلا الله .. وإقام الصلاة .. وإيتاء الزكاة .. وأن تعطوا الخمس من الغنائم .. وأنهاكم عن أربع : عن نبيذ في الدباء .. والنقير والحنتم .. والمزفت .. وفي موقف آخر ..
    كان صلى الله عليه و سلم مسافراً مع أصحابه ليلة .. فساروا في ليلهم مسيراً طويلاً .. حتى إذا كان آخر الليل .. نزلوا في طرف الطريق ليناموا ..
    فغلبتهم أعينهم حتى طلعت الشمس وارتفعت ..
    فكان أول من استيقظ من منامه أبو بكر .. ثم استيقظ عمر ..
    فقعد أبو بكر عند رأسه صلى الله عليه و سلم .. فجعل يكبر ويرفع صوته .. حتى استيقظ النبي صلى الله عليه و سلم ..
    فنزل وصلى بهم الفجر ..
    فلما انتهى من صلاته التفت فرأى رجلاً من القوم لم يصل معهم ..
    فقال : يا فلان .. ما يمنعك أن تصلي معنا ؟
    قال : أصابتني جنابة .. ولا ماء ..
    فأمره صلى الله عليه و سلم أن يتيمم بالصعيد .. ثم صلى ..
    ثم أمر صلى الله عليه و سلم أصحابه بالارتحال ..
    وليس معهم ماء .. فعطشوا عطشاً شديداً .. ولم يقفوا على بئر ولا ماء ..
    قال عمران بن حصين :
    فبينما نحن نسير فإذا نحن بامرأة على بعير .. ومعها مزادتان ( قربتان ) ..
    فقلنا لها : أين الماء ؟!
    قالت : إنه لا ماء ..
    فقلنا : كم بين أهلك وبين الماء ؟
    قالت : يوم وليلة ..
    فقلنا : انطلقي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
    قالت : وما رسول الله ..!!
    فسقناها معنا طمعاً أن تدلنا على الماء ..
    حتى أقبلنا بها إلى النبي صلى الله عليه و سلم ..
    فسألها عن الماء .. فحدثته بمثل الذي حدثتنا به .. غير أنها شكت إليه أنها أم أيتام ..
    فتناول صلى الله عليه و سلم مزادتها .. فسمى الله .. ومسح عليها ..
    ثم جعل صلى الله عليه و سلم يفرغ من قربتيها في آنيتنا .. فشربنا عطاشاً أربعين رجلاً .. حتى روينا ..
    وملأنا كل قربة معنا ..
    ثم تركنا قربتيها .. وهما أكثر ما تكون امتلاءً ..
    ثم قال صلى الله عليه و سلم : هاتوا ما عندكم .. أي طعام ..
    فجمع لها من كسر الخبز والتمر ..
    فقال لها : اذهبي بهذا معك لعيالك .. واعلمي أنا لم نرزأك من مائك شيئاً .. غير أن الله سقانا ..
    ثم ركبت المرأة بعيرها .. مستبشرة بما حصلت من طعام ..
    حتى وصلت أهلها .. فقالت : أتيت أسحر الناس .. أو هو نبي كما زعموا ..
    فعجب قومها من قصتها مع رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فلم يمر عليهم زمن حتى أسلمت وأسلموا ..
    نعم .. أعجبت بتعامله وكرمه معها من أول لقاء ..
    وفي يوم أقبل رجل إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فسأله مالاً .. فأعطاه النبي صلى الله عليه و سلم قطيعاً من غنم بين جبلين ..
    فرجع الرجل إلى قومه .. فقال :
    يا قوم .. أسلموا فإن محمداً يعطي عطاء من لا يخاف الفاقة ..
    قال أنس : وقد كان الرجل يجيء إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم ما يريد إلا الدنيا .. فما يمسي حتى يكون دينه أحب إليه .. وأعز عليه .. من الدنيا وما فيها ..


    اقتراح ..
    أول لقاء يطبع 70% من الصورة عنك .. فعامل كل إنسان على أن هذا هو اللقاء الأول والأخير بينكما ..

  3. #23
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Mon Jan 2011
    العمر
    36
    المشاركات
    9,668
    معدل تقييم المستوى
    21474859
    الناس كمعادن الأرض
    لو تأملت في الناس لوجدت أن لهم طبائع كطبائع الأرض ..
    فمنم الرفيق اللين .. ومنهم الصلب الخشن .. ومنهم الكريم كالأرض المنبتة الكريمة .. ومنهم البخيل كالأرض الجدباء التي لا تمسك ماءً ولا تنبت كلأً ..
    إذن الناس أنواع ..
    ولو تأملت لوجدت أنك عند تعاملك مع أنواع الأرض تراعي حال الأرض وطبيعتها ..
    فطريقة مشيك على الأرض الصلبة .. تختلف عن طريقتك في المشي على الأرض اللينة .. فأنت حذر متأنِّ في الأولى .. بينما أنت مرتاح مطمئن في الثانية ..
    وهكذا الناس ..
    إن الله تعالى خلق آدم من قبضة قبضها من جميع الأرض فجاء بنو آدم على قدر الأرض فجاء منهم :
    • الأحمر
    • والأبيض
    • والأسود
    • وبين ذلك
    • والسهل
    • والحزن
    • والخبيث
    • والطيب

    فعند تعاملك مع الناس انتبه إلى هذا – وانتبهي - سواء تعاملت مع :
    قريب كأب وأم وزوجة وولد ..
    أو بعيد كجار وزميل وبائع ..
    ولعلك تلاحظ أن طبائع الناس تؤثر فيهم حتى عند اتخاذ قراراتهم ..
    وحتى تتيقن ذلك .. اعمل هذه التجربة :
    إذا وقعت بينك وبين زوجتك مشكلة .. فاستشر أحد زملائك ممن تعلم أنه صلب خشن .. قل له : زوجتي كثيرة المشاكل معي .. قليلة الاحترام لي .. فأشر عليَّ ..
    كأني به سيقول : الحريم ما يصلح معهن إلا العين الحمراء !! دقَّ خشمها ! خل شخصيتك قوية عليها !! كن رجلاً !!
    وبالتالي قد تثور أنت ويخرب عليك بيتك بهذه الكلمات ..
    أكمل التجربة ..
    اذهب إلى صديق آخر تعرف أنه هين لين لطيف .. وقل له ما قلت للأول ..
    ستجد حتماً أنه يقول : يا أخي هذه أم عيالك .. وما فيه زواج يخلو من مشاكل .. اصبر عليها .. وحاول أن تتحملها .. وهذه مهما صار فهي زوجتك .. وشريكتك في الحياة ..
    فانظر كيف صارت طبيعة الشخص تؤثر في آرائه وقراراته ..
    لذلك نهى النبي e أن يقضي القاضي بين اثنين وهو عطشان ! أو جوعان ! أو حابس لبول أو غائط ! لأن هذه الأمور قد تغير نفسيته .. وبالتالي قد تؤثر عليه في اتخاذ قراره في الحكم ..
    كان في الأمم السابقة رجل سفاح !! سفاح ؟! نعم سفاح .. لم يقتل رجلاً واحداً ولا اثنين .. ولا عشرة .. وإنما قتل تسعاً وتسعين نفساً ..
    لا أدري كيف نجا من الناس وانتقامهم .. لعله كان مخيفاً جداً إلى درجة أنه لا أحد يجرؤ على الاقتراب منه .. أو أنه كان يتخفى في البراري والمغارات .. لا أدري بالضبط .. المهم أنه ارتكب 99 جريمة قتل !!
    ثم حدثته نفسه بالتوبة .. فسأل عن أعلم أهل الأرض فدلوه على عابد في صومعته .. لا يكاد يفارق مصلاه .. يمضي وقته ما بين بكاء ودعاء .. هين لين عاطفته جياشة ..
    دخل هذا الرجل على العابد .. وقف بين يديه ثم فجعه بقوله : أنا قتلت تسعاً وتسعين نفساً .. فهل لي من توبة ؟
    هذا العابد .. أظنه لو قتل نملة من غير قصد لقضى بقية يومه باكياً متأسفاً .. فكيف سيكون جوابه لرجل قتل بيده 99 نفساً ..
    انتفض العابد .. ولم يتخيل 99 جثة بين يديه يمثلها هذا الرجل الواقف أمامه ..
    صاح العابد : لا .. ليس لك توبة .. ليس لك توبة ..
    ولا تعجب أن يصدر هذا الجواب من عابد قليل العلم .. يحكم في الأمور بعاطفته ..
    هذا القاتل لما سمع الجواب .. وهو الرجل الصلب الخشن .. غضب واحمرت عيناه .. وتناول سكينه ثم انهال طعناً في جسد العابد حتى مزقه .. ثم خرج ثائراً من الصومعة ..
    ومضت الأيام .. فحدثته نفسه بالتوبة مرة أخرى ..
    فسأل عن أعلم أهل الأرض .. فدله الناس على رجل عالم ..
    مضى يمشي حتى دخل على العالم .. فلما وقف بين يديه فإذا به يرى رجلاً رزيناً يزينه وقار العلم والخشية ..
    فأقبل القاتل إليه سائلاً بكل جرأة : إني قتلت مائة نفس !! فهل لي من توبة ؟!
    فأجابه العالم فوراً : سبحاااان الله ..!! ومن يحول بينك وبين التوبة ؟!!
    جواب رائع !! فعلاً من يحول بينه وبين التوبة ؟! فالخالق في السماء لا تستطيع أي قوة في العالم ان تحول بينك وبين الإنابة إليه والانكسار بين يديه ..
    ثم قال العالم الذي كان يتخذ قراراته بناء على العلم والشرع .. لا بناء على طبيعته ومشاعره .. أو قل على عاطفته وأحاسيسه ..
    قال العالم : لكنك بأرض سوء ..
    عجباً ! كيف علم ؟ عرف ذلك بناء على كبر الجرائم وقلة الـمُدافع له الـمُنكِر عليه .. فعلم أن البلد أصلاً ينتشر فيها القتل والظلم إلى درجة أنه لا أحد ينتصر للمظلوم ..
    قال : إنك بأرض سوء .. فاذهب إلى بلد كذا وكذا فإن بها قوماً يعبدون الله فاعبد الله معهم ..
    ذهب الرجل يمشي تائباً منيباً .. فمات قبل أن يصل إلى البلد المقصود ..
    نزلت ملائكة الرحمة وملائكة العذاب ..
    فأما ملائكة الرحمة فقالت : أقبل تائباً منيباً ..
    وأما ملائكة العذاب فقالت : لم يعمل خيراً قط ..
    فبعث الله إليهم ملكاً في صورة رجل ليحكم بينهم .. فكان الحكم أن يقيسوا ما بين البلدين .. بلد الطاعة وبلد المعصية .. فإلى أيتهما كان أقرب .ز فإنه لها ..
    وأوحى الله تعالى إلى بلد الرحمة أن تقاربي .. وإلى بلد المعصية أن تباعدي .. فكان أقرب إلى بلد الطاعة فأخذته ملائكة الرحمة ..
    حتى المفتين في المسائل الشرعية تجد مع الأسف أن بعضهم تغلبه عاطفته أحياناً ..
    أذكر أن أحد جيراني كان كثير الخلافات مع زوجته ..
    اشتد الخلاف يوماً فطلقها تطليقه .. ثم راجعها ..
    ثم اشتد أخرى .. فطلقها ثانية .. ثم راجعها ..
    وكنت كلما قابلته أحذره وأوصيه .. وأذكره بأبنائه الصغار .. وأهمية اعتبارهم والعناية بهم .. وأكرر عليه :
    لم يبق لك إلا طلقة واحدة – الثالثة – فإن أوقعتها لم تحل لك مراجعتها إلا بعد زواجها من آخر وتطليقه لها .. فاتق الله .. ولا تخرب بيتك
    حتى جاءني يوماً متغير الوجه وقال : يا شيخ تخاصمنا وطلقتها الثالثة !!
    وهذا الكلام منه ليس غريباً .. إنما الغريب أنه قال بعدها : ما تعرف لي شيخاً حبيباً يفتيني الآن أراجعها !!
    فعجبت منه .. ثم تأملت في الحال فاكتشفت ما تقرر قبل قليل أن كثيراً من الناس تختلف آراؤهم – وربما اختياراتهم الفقهية – تأثراً بعاطفته وطبيعته ..
    وبعض الناس تعلم من طبيعته أنه شديد الحب للمال .. فلا تعجب إذا رأيته يذل نفسه لأرباب الأموال .. يهمل أولاده وبيته لأجل جمعه .. يقتر على من يعول .. لا تعجب فهو طماع .. بل إن اتخاذه لقراراته وتبنيه لقناعاته ينبني كثيراً على هذه الطبيعة .. فإذا أردت أن تتعامل معه أو تطلب منه شيئاً فضع في نفسك قبل أن تتكلم أنه محب للمال .. فحاول أن لا تعارض هذه الطبيعة فيه حتى تحصل على ما تريد منه ..
    ولأن الأمثلة مفاتيح الفهوم .. خذ مثالاً :
    نفرض أنك زرت مستشفى وقابلت مصادفة صديقاً قديماً كان زميلاً لك أيام الجامعة .. فدعوته إلى وليمة غداء في بيتك .. فوافق ..
    فذهبت إلى السوق واشتريت حاجات ثم رجعت إلى البيت لتستعد وجعلت تتصل بعدد من زملائكم السابقين تدعوهم لمشاركتكم الوليمة ورؤية صاحبك .. من بين هؤلاء صديق - من البخلاء الذين استولى حب المال على قلوبهم - اتصلت به فرحب وحيَّا .. فلما أخبرته عن الوليمة .. قال : آآه .. يا ليتني أستطيع الحضور ورؤية فلان .. لكني مرتبط بشغل هااام .. فبلغه سلامي .. ولعلي أراه في وقت آخر ..
    فأدركت أنت من معرفتك بطبيعته أنه يخشى أن يجيء .. فيضطر إلى أن يدعو الضيف إلى بيته ويصنع له وليمة تكلفه مبلغاً وقدره .. !! وهو يريد التوفير ..
    فقلت له : عموماً هذا الضيف لن يبقى في البلد سيسافر بعد الغداء مباشرة .. فقال : آآآ .. إذن سأؤجل شغلي وآتي لرؤيته !!
    وبعض من تخالطهم من الناس يكون اجتماعياً أسرياً .. يحب أسرته .. لا يصبر على فراقهم .. اطلب منه أي شيء إلا أن يبتعد عن أولاده بسفر أو نحوه .. فلا تكلفه ما لا يطيق ..
    إلى غير ذلك من طبائع الناس ..
    يعجبني بعض الناس الذي يملك فن اصطياد جميع القلوب ..
    فإذا سافر مع بخلاء اقتصد حتى لا يحرجهم فأحبوه ..
    وإن جالس عاطفيين زاد من نسبة عاطفته فأحبوه ..
    وإن مشى مع فكاهيين مرحين ضحك ومزح وجاملهم فأحبوه ..
    يلبس لكل حالة لبوسها .. إما نعيمها وإما بؤسها ..
    وعُد بذاكرتك قليلاً معي .. وانظر إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم وقد أقبل بالكتائب لفتح مكة ..
    كان أبو سفيان قد خرج إلى النبي صلى الله عليه و سلم قبل أن يدخل مكة .. فأسلم ..
    في قصة طويلة .. الشاهد منها أنه لما أسلم قال العباس :
    يا رسول الله .. إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً ..
    فقال صلى الله عليه و سلم : " نعم .. من دخل دار أبي سفيان فهو آمن ..
    ومن أغلق عليه بابه فهو آمن .. ومن دخل المسجد فهو آمن .. فلما ذهب أبو سفيان لينصرف إلى مكة ..
    نظر إليه رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
    فإذا هو الذي استنفر قريشاً لحربه في بدر ..
    واستنفرها لحربه في أحد ..
    ثم استنفرها لحربه في الخندق ..
    وإذا رجل قائد .. قد طحنته الحرب وطحنها ..
    وإذا هو حديث عهد بإسلام ..
    فأراد رسول الله صلى الله عليه و سلم أن يريه قوة الإسلام ..
    فقال صلى الله عليه و سلم : " يا عباس ..
    قال : لبيك يا رسول الله ..
    قال : احبس أبا سفيان بمضيق الوادي عند خطم الجبل حتى تمر به جنود الله فيراها ..
    أي أوقفه على طريق الجيش وهو يدخل مكة ..
    فخرج العباس بأبي سفيان .. حتى وقف معه بمضيق الوادي .. حيث تتدفق الكتائب كالسيل إلى مكة ..
    وجعلت الكتائب تمر عليه براياتها .. فلما مرت الكتيبة الأولى قال : يا عباس من هؤلاء ؟
    قال العباس : سليم ..
    قال : مالي ولسليم ..!!
    ثم مرت به الثانية ..
    قال : يا عباس من هؤلاء ؟
    قال : مزينة ..
    قال : مالي ولمزينة ..!!
    حتى نفدت الكتائب .. وهو ما تمر كتيبة إلا سأل العباس عنها ..
    فإذا أخبره .. قال : مالي ولبني فلان ..
    حتى مر رسول الله r في كتيبته الخضراء .. وفيها المهاجرون والأنصار .. قد غطوا أجسادهم بالحديد .. فلا يرى منهم إلا عيونهم ..
    فقال : سبحان الله يا عباس ! من هؤلاء ؟
    فقال العباس : هذا رسول الله r في المهاجرين والأنصار ..
    قال : هذا الموت الأحمر .. والله ما لأحد بهؤلاء من قبل ولا طاقة ..
    ثم قال : والله يا أبا الفضل لقد أصبح ملك ابن أخيك عظيماً !
    قال العباس : يا أبا سفيان .. إنها النبوة ..
    فقال أبو سفيان : فنعم إذن ..
    فلما تجاوزتهم الخيل .. صاح به العباس .. النجاءَ إلى قومك ..
    فمضى أبو سفيان سريعاً إلى مكة ..
    وجعل يصرخ بأعلى صوته :
    يا معشر قريش .. هذا محمد قد جاءكم فيما لا قبل لكم به .. فمن دخل دار أبي سفيان فهو آمن ..
    قالوا : قاتلك الله ! وما تغني عنا دارك ؟
    قال : ومن أغلق عليه بابه فهو آمن .. ومن دخل المسجد فهو آمن ..
    فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد ..
    فلله در نبيه صلى الله عليه و سلم كيف أثر في نفس أبي سفيان بما يصلح له ..
    ومما يحسن ههنا .. أن تعرف طبيعة الشخص ونفسيته قبل أن تتكلم معه .. فإن معرفة طبيعته .. وماذا يناسبه .. يفيدك عند التعامل أو الكلام معه ..
    في غزوة الحديبية ..
    خرج رسول الله صلى الله عليه و سلم .. بمن معه من المهاجرين والأنصار ومن لحق به من العرب ..
    كانوا ألفاً وأربعمائة ..
    ساقوا معهم الهدى وأحرموا بالعمرة ليعلم الناس أنهم إنما خرجوا زائرين لهذا البيت معظمين له ..
    وساق صلى الله عليه و سلم معه سبعين من الإبل .. هدياً إلى البيت الحرام ..
    وصلوا مكة .. فمنعتهم قريش من دخولها ..
    عسكر النبي صلى الله عليه و سلم بأصحابه في موضع اسمه الحديبية ..
    جعلت قريش ترسل إليه الرجل تلو الرجل للتفاوض معه ..
    فبعثوا إليه أولاً مكرز بن حفص ..
    كان مكرز رجلاً من قريش .. لكنه لا يلتزم بعهد ولا ميثاق .. بل هو فاجر غادر ..
    فلما رآه رسول الله صلى الله عليه و سلم مقبلاً قال : هذا رجل غادر ..
    فلما انتهى إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم .. كلمه بما يصلح لمثله ..
    وأخبره أنه ما جاء يريد حرباً .. إنما جاء معتمراً .. ولم يكتب معه عهداً لأنه يعلم أنه ليس أهلاً لذلك ..
    رجع مكرز إلى قريش فأخبرهم ..
    فبعثوا حليس بن علقمة .. سيد الأحابيش ..
    وكان الأحابيش قوم من العرب سكنوا مكة تعظيماً للحرم وعناية بالكعبة ..
    فلما رآه رسول الله صلى الله عليه و سلم قال :
    إن هذا من قوم يتألهون .ز أي يتعبدون .. فابعثوا الهدي في وجهه حتى يراه ..
    فلما رأى الهدي من إبل وغنم .. تسيل عليه من عرض الوادي في قلائده وحباله مربوطاً مهيئاً ليذبح في الحرم ..
    قد أكل أوباره من طول الحبس عن محله .. قد أضناه الجوع والعطش ..
    لما رأى سيد الأحابيش ذلك .. انتفض .. ولم يقابل رسول الله صلى الله عليه و سلم إعظاماً لما رأى .. وكيف يمنع المعتمرون عن البيت الحرام !!
    رجع إلى قريش .. فقال لهم ذلك .. فقالوا له : اجلس فإنما أنت أعرابي لا علم لك ..
    فغضب الحليس .. وقال :
    يا معشر قريش .. والله ما على هذا حالفناكم .. ولا على هذا عاهدناكم ..
    أيصد عن بيت الله من جاءه معظماً له ؟
    والذي نفس الحليس بيده .. لتخلن بين محمد وبين ما جاء له من العمرة .. أو لأنفرن بالأحايش نفرة رجل واحد ..
    قالوا : مَهْ .. كُفَّ عنا .. حتى نأخذ لأنفسنا ما نرضى به ..
    ثم أرادوا .. أن يبعثوا رجلاً شريفاً .. فاختاروا عروة بن مسعود الثقفي ..
    فقال : يا معشر قريش إني قد رأيت ما يلقى منكم من بعثتموه إلى محمد إذ جاءكم .. من التعنيف وسوء اللفظ .. وقد عرفتم أنكم والد وأني ولد ..
    قالوا : صدقت ما أنت عندنا بمتهم ..
    فخرج عروة .. وكان ملكاً في قومه .. له شرف ومكانة .. وله ترفع على الناس ..
    فلما أتى رسول الله صلى الله عليه و سلم جلس بين يديه ثم قال :
    يا محمد !! أجمعت أوشاب الناس ثم جئت بهم إلى بيضتك لتفضها بهم ؟
    إنها قريش .. قد خرجت معها العوذ المطافيل .. قد لبسوا جلود النمور ..
    يعاهدون الله لا تدخلها عليهم عنوة أبداً .. وأيم الله لكأني بهؤلاء قد انكشفوا عنك غداً ..
    وكان أبو بكر خلف النبي صلى الله عليه و سلم .. واقفاً ..
    فقال أبو بكر : امصص بظر اللات ! أنحن ننكشف عنه ؟
    تفاجأ ملك قومه بهذا الجواب .. فلم يتعود على مثله .. لكنه في الحقيقة كان يحتاج إلى جرعة كهذه تخفض ما في رأسه من كبرياء ..
    فقال عروة متأثراً : من هذا يا محمد ؟
    قال : هذا ابن أبي قحافة ..
    قال : أما والله لولا يد كانت لك عندي لكفأتك بها .. ولكن هذه بهذه ..
    وجعل عروة يلين العبارات بعدها .. ويكلم النبي صلى الله عليه و سلم ..ويلمس لحية النبي .. والمغيرة بن شعبة الثقفي واقف وراء رأس رسول الله صلى الله عليه و سلم .. قد غطى وجهه الحديد ..
    فكان كلما قرب عروة يده من لحية رسول الله صلى الله عليه و سلم ..
    قرعها شعبة بطرف السيف ..
    ثم يمدها ثانية .. فيقرعها شعبة بطرف السيف ..
    فلما مدها الثالثة .. قال شعبة : اكفف يدك عن وجه رسول الله r قبل ألا تصل إليك يدك .. أي أقطعها !!
    فقال عروة : ويحك ما أفظك وأغلظك ! ومن هذا يا محمد ؟
    فتبسم رسول الله صلى الله عليه و سلم .. وقال ..
    هذا ابن أخيك المغيرة بن شعبة الثقفي ..
    فقال عروة : أي غدر وهل غسلت سوأتك إلا بالأمس !
    ثم قام عروة من عند النبي صلى الله عليه و سلم .. وعاد إلى قريش ..
    فاسمع ما قال :
    قال : يا معشر قريش .. والله لقد رأيت كسرى وقيصر والنجاشي .. والله ما رأيت ملكاً يعظمه أصحابه كما يعظم أصحاب محمد محمداً ..
    فوقع في قلب قريش من الرهبة ما لم يقع من قبل ..
    فأرسلت قريش سهيل بن عمرو ..
    فمضى يمشي إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم .. فلما رآه رسول الله صلى الله عليه و سلم .. قال : سهل أمركم .. ثم كتبوا بينهم صلح الحديبية ..
    هذا جانب من معرفته صلى الله عليه و سلم لأنواع الناس .. واستعمال المفتاح المناسب في التعامل مع كل أحد ..
    وهذه الأنواع من طباع الناس تلاحظها حتى في إلقاء الكلمات أو السواليف معهم ..
    ويمكنك أن تشاهد دليل ذلك بنفسك ..
    حاول أن تلقي قصة مبكية أمام جمع من الناس .. وانظر إلى أنواع تأثرهم ..
    أذكر أني ألقيت يوماً خطبة ضمنتها قصة مقتل عمر رضى الله عنه .. ولما وصلت إلى كيفية طعن أبي لؤلؤة المجوسي لعمر صلى الله عليه و سلم .. قلت – بصوت عالٍ - :
    وفجأة خرج أبو لؤلؤة من المحراب على عمر .. ثم طعنه ثلاث طعنات ..
    وقعت الأولى في صدره
    والثانية في بطنه ..
    ثم استجمع قوته وطعن بالخنجر تحت سرته ..
    ثم جر الخنجر حتى خرجت بعض أمعائه ..
    لاحظتُ وأنا أنظر في الوجوه أن الناس تنوعوا في كيفية تأثرهم ..
    فمنهم من أغمض عينيه فجأة وكأنه يرى الجريمة أمامه ..
    ومنهم من بكى ..
    ومنهم من كان يستمع دون أدنى تأثر وكأنه ينصت إلى حكاية ما قبل النوم !!
    قل مثل ذلك لو عرضت قصة حمزة t لما وقع شهيداً في معركة أحد .. وكيف شقوا بطنه فأخرجوا كبده .. وقطعوا أذنيه .. وجدعوا أنفه .. وهو سيد الشهداء وأسد الله ورسوله ..
    وعموماً ..
    علمتني الحياة أن الناس لا يخلون من أن يوجد من بينهم غليظ غبي ..!! لا يحسن ضبط عباراته .. ولا مجاملة السامعين ..
    أذكر أن رجلاً من هذا الصنف جلس مرة في مجلس عام .. فذكر قصة وقعت له مع أحد البائعين .. فقال في معرض حديثه : وهذا البائع ضخم جداً كأنه حمار .. ثم قال : يشبه خالد !! وأشار إلى رجل بجانبه !!
    فلا أدري كيف صار يشبه خالداً .. وهو كأنه حمار !!
    وقبل الختام .. هنا سؤال كبير ..
    هل يمكنك تغيير طباعك لتتناسب مع طباع من تخالطه ..؟
    نعم .. كان عمر t مشهوراً بين الناس بقوته وصرامته ..
    وفي يوم من الأيام .. اختلف رجل مع زوجته .. وجاء يسأل عمر كيف يتعامل معها ..
    فلما وقف عند بيت عمر وكاد أن يطرق الباب سمع زوجة عمر تصرخ به .. وعمر ساكت .. لم يصرخ .. لم يضرب..
    فولى الرجل ظهره للباب وكرّ راجعاً متعجباً ..
    أحس عمر بصوت عند الباب فخرج ونادى الرجل : .. ما خبرك ؟
    قال : يا أمير المؤمنين .. جئت أشتكي إليك امرأتي فسمعت امرأتك تصرخ بك !!
    فقال عمر : يا رجل إنها امرأتي .. حليلة فراشي .. وصانعة طعامي .. وغاسلة ثيابي .. أفلا أصبر منها على بعض السوء ..
    وعموماً : بعض الناس لا علاج له فلا بد من التكيف معه ..
    يشتكي إليَّ بعض الناس من شدة غضب أبيه .. أو بخل زوجته .. أو ..
    فأَعْرضُ عليه بعض طرق العلاج فيفيدني أنه جربها كلها ولم تنفع ..
    فما الحل ..؟! الحل أن يصبر على أخلاقهم .. ويغمرَ سيء أخلاقهم في بحر حَسَنِها .. ويتكيف مع واقعه قدر المستطاع ..
    فبعض المشاكل ليس لها حل ..



    نتيجة ..
    معرفتك بطبيعة الشخص الذي تخالطه تجعلك قادراً على كسب محبته ..

  4. #24
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Mon Jan 2011
    العمر
    36
    المشاركات
    9,668
    معدل تقييم المستوى
    21474859
    النساء
    كان جدي يستشهد بمثل قديم : " من غاب عن عنزه جابت تيس " ..
    بمعنى أن من لم تجد عنده زوجته .. ما يشبع عاطفتها .. ويروي نفسها .. فقد تحدثها نفسها بالاستجابة لغيره .. ممن يملك معسول الكلام ..
    وليس مقصودهم بهذا المثل تشبيه الرجل والمرأة بالتيس والعنز .. معاذ الله ..
    المرأة شقيقة الرجل .. ولئن كان الله قد وهب الرجل جسماً قوياً .. فقد وهبها عاطفة قوية ..
    وكم رأينا سلاطين الرجال وشجعانهم تخور قواهم عند قوة عاطفة امرأة ..
    ومن مهارات التعامل مع المرأة أن تعرف المفتاح الذي تؤثر من خلاله فيها .. العاطفة .. تقاتلها بسلاحها ..
    كان النبي صلى الله عليه و سلم يوصيك بالإحسان إلى المرأة .. واحترام عاطفتها .. لأجل أن تسعد معها ..
    وأوصى الأب بالإحسان إلى بناته .. فقال : ( من عال جاريتين حتى تبلغا .. جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه ) ..
    وأوصى بها أولادها فقال فإنه لما سأله رجل فقال : من أحق الناس بحسن صحابتي ؟
    قال : أمك .. ثم أمك .. ثم أمك .. ثم أبوك ..
    بل أوصى بالمرأة زوجها .. وذمّ من غاضب زوجته أو أساء إليها ..
    وانظر إليه وقد قام في حجة الوداع .. فإذا بين يديه مائةُ ألف حاج ..
    فيهم الأسود والأبيض .. والكبير والصغير .. والغني والفقير ..
    صاح صلى الله عليه و سلم بهؤلاء جميعاً وقال لهم :
    ألا واستوصوا بالنساء خيراً .. ألا واستوصوا بالنساء خيراً ..
    وفي يوم من الأيام أطاف بأزواج رسول الله صلى الله عليه و سلم نساء كثير يشتكين أزواجهن ..فلما علم النبي بذلك .. قام .. وقال للناس :
    لقد طاف بآل محمد صلى الله عليه و سلم نساء كثير يشتكين أزواجهن .. ليس أولائك بخياركم ..
    وقال صلى الله عليه و سلم :
    ( خيرُكم خيرُكم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) ..
    بل .. قد بلغ من إكرام الدين للمرأة .. أنها كانت تقوم الحروب .. وتسحق الجماجم .. وتتطاير الرؤوس .. لأجل عرض امرأة واحدة ..
    كان اليهود يساكنون المسلمين في المدينة ..
    وكان يغيظهم نزولُ الأمر بالحجاب .. وتسترُ المسلمات .. ويحاولون أن يزرعوا الفساد والتكشف في صفوف المسلمات .. فما استطاعوا ..
    وفي أحد الأيام جاءت امرأة مسلمة إلى سوق يهود بني قينقاع ..
    وكانت عفيفة متسترة .. فجلست إلى صائغ هناك منهم ..
    فاغتاظ اليهود من تسترها وعفتها .. وودوا لو يتلذذون بالنظر إلى وجهها .. أو لمسِها والعبثِ بها .. كما كانوا يفعلون ذلك قبل إكرامها بالإسلام .. فجعلوا يريدونها على كشف وجهها .. ويغرونها لتنزع حجابها ..
    فأبت .. وتمنعت ..
    فغافلها الصائغ وهي جالسة .. وأخذ طرف ثوبها من الأسفل .. وربطه إلى طرف خمارها المتدلي على ظهرها ..
    فلما قامت .. ارتفع ثوبها من ورائها .. وتكشفت أعضاؤها .. فضحك اليهود منها..
    فصاحت المسلمة العفيفة .. وودت لو قتلوها ولم يكشفوا عورتها ..
    فلما رأى ذلك رجل من المسلمين .. سلَّ سيفه .. ووثب على الصائغ فقتله ..فشد اليهود على المسلم فقتلوه ..
    فلما علم النبي صلى الله عليه و سلم بذلك .. وأن اليهود قد نقضوا العـهد وتعرضوا للمسلمات .. حاصرهم .. حتى استسلموا ونزلوا على حكمه ..
    فلما أراد النبي صلى الله عليه و سلم أن ينكل بهم .. ويثأر لعرض المسلمة العفيفة ..
    قام إليه جندي من جند الشيطان ..
    الذين لا يهمهم عرض المسلمات .. ولا صيانة المكرمات ..
    وإنما هم أحدهم متعة بطنه وفرجه ..
    قام رأس المنافقين .. عبد الله بن أُبيّ ابن سلول ..
    فقال : يا محمد أحسن في موالي اليهود وكانوا أنصاره في الجاهلية ..
    فأعرض عنه النبي صلى الله عليه و سلم .. وأبـَى ..
    إذ كيف يطلب العفو عن أقوام يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا !!
    فقام المنافق مرة أخرى .. وقال : يا محمد أحسن إليهم ..
    فأعرض عنه النبي صلى الله عليه و سلم .. صيانة لعرض المسلمات .. وغيرة على العفيفات ..
    فغضب ذلك المنافق .. وأدخل يده في جيب درع النبي صلى الله عليه و سلم .. وجرَّه وهو يردد :
    أحسن إلى مواليّ .. أحسن إلى مواليّ ..
    فغضب النبي صلى الله عليه و سلم والتفت إليه وصاح به وقال : أرسلني ..
    فأبى المنافق .. وأخذ يناشد النبي صلى الله عليه و سلم العدول عن قتلهم ..
    فالتفت إليه النبي صلى الله عليه و سلم وقال : هم لك ..
    ثم عدل عن قتلهم .. لكنه صلى الله عليه و سلم أخرجهم من المدينة .. وطرَّدهم من ديارهم ..
    نعم المرأة العفيفة تستحق أكثر من ذلك ..
    كانت خولة بنت ثعلبة من الصحابيات الصالحات ..
    وكان زوجها أوس بن الصامت شيخاً كبيراً يسرع إليه الغضب ..
    دخل عليها يوماً راجعاً من مجلس قومه .. فكلمها في شيء فردت عليه .. فتخاصما .. فغضب فقال : أنت علي كظهر أمي .. وخرج غاضباً ..
    كانت هذه الكلمة في الجاهلية إذا قالها الرجل لزوجته صارت طلاقاً .. أما في الإسلام فلا تعلم خولة حكمها ..
    رجع أوس إلى بيته .. فإذا امرأته تتباعد عنه ..
    وقالت له : والذي نفس خويلة بيده لا تخلص إلي وقد قلت ما قلت .. حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه ..
    ثم خرجت خولة إلى رسول الله صلى الله عليه و سلم فذكرت له ما تلقى من زوجها .. وجعلت تشكو إليه ما سوء خلقه معها ..
    فجعل رسول الله صلى الله عليه و سلم يصبرها ويقول : يا خويلة ابن عمك .. شيخ كبير .. فاتقي الله فيه ..
    وهي تدافع عبراتها وتقول : يا رسول الله .. أكل شبابي .. ونثرت له بطني .. حتى إذا كبرت سني .. وانقطع ولدي .. ظاهر مني .. اللهم إني أشكو إليك ..
    وهو صلى الله عليه و سلم ينتظر أن ينزل الله تعالى فيهما حكماً من عنده ..
    فبينما خولة عند رسول الله صلى الله عليه و سلم إذ هبط جبريل من السماء على رسول الله صلى الله عليه و سلم .
    بقرآن فيه حكمها وحكم زوجها ..
    فالتفت صلى الله عليه و سلم إليها وقال : يا خويلة .. قد أنزل فيك وفي صاحبك قرآناً .. ثم قرأ "قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ " إلى آخر الآيات من أول سورة المجادلة ..
    ثم قال لها صلى الله عليه و سلم مُريه فليعتق رقبة ..
    فقالت : يا رسول الله .. ما عنده ما يعتق ..
    قال : فليصم شهرين متتابعين
    قالت : والله إنه لشيخ كبير ما له من صيام ..
    قال : فليطعم ستين مسكيناً وسقاً من تمر ..
    قالت : يا رسول الله .. ما ذاك عنده ..
    فقال صلى الله عليه و سلم : فإنا سنعينه بعرق من تمر .. قالت : والله يا رسول الله .. أنا سأعينه بعرق آخر ..
    فقال صلى الله عليه و سلم : قد أصبت وأحسنت .. فاذهبي فتصدقي به عنه .. ثم استوصي بابن عمك خيراً ..
    فسبحان من وهبه اللين والتحمل مع الجميع .. حتى في مشاكلهم الشخصية .. يتفاعل معهم ..
    وقد جربت بنفسي .. التعامل باللين والمهارات العاطفية مع البنت والزوجة .. وقبل ذلك الأم والأخت .. فوجدت لها من التأثير الكبير .. ما لا يتصوره إلا من مارسه ..
    فالمرأة لا يكرمها إلا كريم .. ولا يهينها إلا لئيم ..

    وقفة ..
    قد تصبر المرأة على .. فقر زوجها .. وقبحه .. وانشغاله .. لكنها قل أن تصبر على سوء خلقه ..

  5. #25
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Mon Jan 2011
    العمر
    36
    المشاركات
    9,668
    معدل تقييم المستوى
    21474859
    لا تنتقد ... أمسكـ العصا من النصف ...


    ركب سيارة صاحبه ... فكانت أول كلمة قالها : ياااه !! ما أقدم سيارتك !! ولما دخل بيته ... رأى الأثاث فقال : ما غيرت أثاثك ؟!


    ولما رأى أولاده ... قال : ما شاء الله ... حلويـن لكن لماذا لا تلبسهم ملابس أحسن من هذه !!


    ولما قدمت له زوجته له طعامه ... وقد وقفت المسكينة في المطبخ ساعات ... رأى أنواعه فقال : ياااا الله ... لماذا ماطبخت رزّ ؟ أوووه ... الملح قليل ! لم أكن أشتهي هذا النوع !!


    دخل محلاً لبيع الفاكهة ... فإذا المحل مليء بأصناف الفواكه ...


    فقال : عندك مانجو ؟


    قال صاحب المحل : لا ... هذه في الصيف فقط ...


    فقال : عندك بطيخ ؟


    قال : لا ...


    فتغير وجهه وقال : ما عندك شي ... فلماذا تفتح محلاً ! وخرج ...


    ونسي أن في المحل أكثر من أربعين نوعاً من الفواكه ...


    نعم ... بعض الناس يزعجك بكثرة انتقاده ... ولايكاد يعجبه شي ... فلا يرى في الطعام إلا الشعرة التي سقطت فيه سهواً ... ولا في الثوب النظيف إلا نقطة الحبر التي سالت عليه خطئاً ... ولا في الكتاب المفيد إلا خطئاً مطبعياً سقط سهواً ...


    فلا يكاد يسلم أحد من انتقاده ... دائم الملاحظات ... يدقق على الكبيرة والصغيرة ...


    أعرف أحد الناس ... زاملته طويلاً في الثانوية والجامعة ... ولاتزال علاقتنا مستمرة ... إلا أني لاأذكر أنه أثنى على شي ...


    أسأله عن كتاب ألفته وقد أثنى عليه أناس كثيراً وطبع منه مئات الآلاف فيقول ببرود : والله جيد ... ولكن فيه قصة غير مناسبة ... وحجم الخط ماأعجبني ... ونوعية الطباعة أيضاً سيئة ... و ...


    وأسأله يوماً عن أداء فلان في خطبته ... فلا يكاد يذكر جانباً مشرقاً ... حتى صار أثقل علي من الجبل ... وصرت لاأسأله أبداً عن رأيه في شي لأني أعرفه سلفاً ...


    قل مثل ذلك من يفترض فيمن يفترض المثالية في جميع الناس ...


    من كان هذا حاله عذب نفسه في الحقيقة ... وكرهه أقرب الناس إليه واستثقلوا مجالسته ...


    إذا أنت لم تشرب مراراً على القـــذا *** ظمئت ، وأي الناس تصفو مشاربه ؟!


    إذا كنــــت في كل الأمــور معاتبـــاً *** رفيقـــــــك لن تلـــق الذي ستعـــاتبـــه


    سبحان الله !! والله يقول : { وإذا قلتم فاعدلوا } ...


    قال أنس رضي الله عنه والله لقد خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع سنين ... ماعلمته قال لشيء صنعته : لم فعلت كذا وكذا ؟ ولاعاب عليّ شيئاً قط ...ووالله ماقال لي أفَ قط ...


    هكذا كان ... وهكذا ينبغي أن نكون ...


    وأنا بذلك لاأدعوا إلى ترك النصيحة أو السكوت عن الأخطاء ... ولكن لاتكن مدققاً في كل شي ... خاصةً في الأمور الدنيويه ... تعود أن تمشّي الأمور ...


    لأن الناس يكرهون الإنتقاد الكثير ... لكن إن أحتجت فغلـــفه بغلاف جميـــــل ثم قدمه للآخرين ... قدمـــه في صورة اقتراح ... أو بأسلوب غير مباشر ... أو بألفاظ عامة ...


    كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا لاحظ خطئاً على أحد لم يواجهه به وإنما يقول : ما بال أقوام يفعلون كذا وكذا ...


    يعني : إياك أعني وأسمعي يا جارة ...


    ويحق لك أن تسأل : لماذا يكره الناس الانتقاد ؟


    فأقول : لأنه يشعرهم بالنقص ... فكل الناس يحبون الكمال ...



    نحلة ... وذباب !!


    كن كالنّحله تقع على الطيب وتتجاوز الخبيث ...


    ولا تكن كالذباب يتتبع الجروح !!



    ***



    أمسكـ العصا من النصف !!



    عندما تنتقد حاول أن تذكر جوانب الصواب في المخطئ ... قبل غيرها ... حاول دائماً أن تشعر الذي أمامك أن نظرتك إليه مشرقه ...


    وأنك عندما تنبهه على أخطائه لا يعني ذلك أنه سقط من عينك ... أو أنك نسيت حسناته ولا تذكر إلا سيئاته ...


    لا ... بل أشعره أن ملاحظاتك عليه تغوص في بحر حسناته ... كان النبي صلى الله عليه وسلم محبوباً بين أصحابه ... وكان يمارس أساليب رائعه في التعامل معهم ...


    فلو رأيت شخصاً يبيع سجائر في بقالة فأردت تنبيهه ... فأثن أولاً على بقالته ونظافتها ... وادعُ له بالبركة في الربح ... ثم نبهه على أهمية الكسب الحلال ... ليشعر أنك لم تنظر إليه بمنظار أسود ... بل أمسك العصا من النصف ...


    كن ذكياً ... ابحث عن أي حسنات فيمن أمامك تغمر فيها سيئاته ...أحسن الظن بالآخرين ... ليشعروا بِعَدْلِك معهم فيحبوك ...



    لمحـــة ...


    عندما يقتنع الناس أنا نلحظ حسناتهم ...


    كما نلحظ سيئاتهم ... يقبلون من التوجيه ...

  6. #26
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Thu Feb 2013
    المشاركات
    8
    معدل تقييم المستوى
    0

    رد: استمتع بحياتك للدكتورمحمد بن عبد الرحمن العريفي ...متجدد

    جزاكم الله كل خير

  7. #27
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Fri Sep 2012
    المشاركات
    9,714
    معدل تقييم المستوى
    21474858

    رد: استمتع بحياتك للدكتورمحمد بن عبد الرحمن العريفي ...متجدد

    جزاكم الله كل خير

  8. #28
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Wed Nov 2013
    المشاركات
    20
    معدل تقييم المستوى
    0

    رد: استمتع بحياتك للدكتورمحمد بن عبد الرحمن العريفي ...متجدد

    مشكور وماقصرت

  9. #29
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Tue Jun 2014
    المشاركات
    27
    معدل تقييم المستوى
    0

    رد: استمتع بحياتك للدكتورمحمد بن عبد الرحمن العريفي ...متجدد

    الف شكر على ماقدمتي
    دمتي بحفظ الله ورعايته

  10. #30
    عضو
    تاريخ التسجيل
    Mon Sep 2014
    المشاركات
    4
    معدل تقييم المستوى
    0

    رد: استمتع بحياتك للدكتورمحمد بن عبد الرحمن العريفي ...متجدد

    يعطيك العافية

صفحة 3 من 4 الأولىالأولى 1234 الأخيرةالأخيرة

المواضيع المتشابهه

  1. فى ليالى الشتاء ... حوار بين الاحباب
    بواسطة hamsat.masa في المنتدى عذب الاماكن والمشاعر
    مشاركات: 13
    آخر مشاركة: 18-01-2012, 06:13 PM
  2. الحديد رئيسا لنقابة العاملين في الكهرباء
    بواسطة ملكة الاحزان في المنتدى منتدى الاخبار العربية والمحلية
    مشاركات: 3
    آخر مشاركة: 02-10-2010, 09:13 AM

الكلمات الدلالية لهذا الموضوع

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
معجبوا منتدي احباب الاردن على الفايسبوك