نتابع وعلى بركة الله وتوفيقه
أهمية التواصل مع الأطفال خلال الظروف الصعبة :
تنبع أهمية التواصل من خلال تلبيته الحاجات التالية للطفل:
1- يقدم الدعم المعنوي للطفل:
يمكن أن تخلف الحروب وحالات الطوارئ وراءها آلافا من الأطفال الذين يحتاجون إلى الدعم المعنوي والمساعدة العملية. الأطفال الذين يفقدون أهلهم، بصورة خاصة، بحاجة إلى كبار يدعمونهم ويقدمون المشورة لهم، بل وحتى الأطفال الذين لم يفقدوا عائلاتهم قد لايجدون من يسرون إليه بما يشعرون.
2- يوفر الاحساس بالأمان:
فالأطفال الذين يعيشون في ظروف صعبة يمكن أن يكونوا بحاجة إلى من يساعدهم على التغلب على صعوباتهم. وقد يعاني هؤلاء الأطفال أحيانا من الاستغلال الجنسي أو القهر الجسدي ويحتاجون إلى أن يخبروا إنسانا ما عن هذه المعاناة.
وإذا لم يكن هناك من يستمع للطفل ويساعده فإن الطفل سيبقى وحيدا مع ضائقته.
3- يساعد الطفل على تكوين الشعور بالراحة:
يشعر الأطفال عادة بالراحة عندما يبوحون لأحد ما بما في قلوبهم، أو عندما يستطيعون نقل مشاعرهم بواسطة الرسم أو اللعب. وتصبح وطأة التحمل أخف على الطفل عندما يجد شخصا كبيرا (أو ربما طفلا أكبر منه سنا) يشاركه حزنه وقلقه.
4- يساعد الطفل على التعامل مع التجارب المرة:
إن توفير فرصة التواصل للطفل خلال الظروف الصعبة، يمكن أن تساعد الطفل على أن يبدأ بالتالي:
• أن يبعد التجارب المريرة، أو يفصلها كليا، عن المشاعر المؤلمة. (تصبح نظرته للأمور أكثر واقعية).
• أن ينظر إلى ما حصل معه بمنظار مختلف، وأن يرى أن لدى الاخرين أيضا مشاكل مشابهة. فيستشعر معنى المشاركة الوجدانية.
• أن يحاول حل مشاكله الراهنة. حيث أنه يستبصر بالأمور ويجد طرقا مناسبة للتعامل معها.
• ان يتطلع تدريجيا نحو المستقبل.
أهمية أنواع التواصل المختلفة:
يجد الأطفال طرقا متعددة في التواصل، فهم يعبرون عن أنفسهم باللعب والرسم وتكوين الأشكال والموسيقى والغناء والرقص والكتابة. وعلى الرغم من أن التحادث يساعد على استعادة الثقة بالنفس وإيجاد طرق للتعامل مع الصعوبات فإن الأطفال يحتاجون إيضا إلى فرص لاستعادة الحياة العادية واللعب والدراسة والعمل.
التواصل غير اللفظي مع الطفل:
كثيرا ما يحدث التواصل من دون التكلم عمليا. إن تعابير وجه الإنسان وحركاته وارتفاع صوته ونبرته، كلها من وسائل التواصل، ويعتمد معناها على الثقافة المعنية التي نستخدمها. وعلى سبيل المثال:
فإن إدارة الرأس يمينا ويسارا يعني "نعم" عند بعض الشعوب و"لا" عند بعضها الآخر.
ومن المهم أن نفكر إذا ما كان تواصلنا غير الكلامي يساعد الطفل على الشعور بالراحة. ويغير كثير من الكبار سلوكهم عند التحادث مع الأطفال لكي يساعدوهم على الاسترخاء والارتياح، بينما يعطل الكلام بطريقة متعالية أو صارمة
"التواصل مع الأطفال" لأنه يشكل عدم احترام الطفل.
نبرة الصوت:
يتكلم الناس أحيانا بصوت عال أو بقسوة دون أن يعوا ذلك. وهذا ما يجعل الطفل يظن أن هذا الشخص غاضب منه أو إنه إنسان غير لطيف. وفي بعض المجتمعات يتحدث الكبار مع الأطفال بنبرة صوت خاصة، هي أعلى طبقة أو أهدأ طبقة أو أكثر "غناء" من النبرة التي يستخدمونها عندما يتحدثون مع أقرانهم الكبار. وهذا يظهر لطف الإنسان الكبير ويساعد الطفل على الشعور بالأمان.
تعابير الوجه:
إذا بدا علينا الضجر أو القلق أو الضيق عندما يتحدث الطفل إلينا فإنه سرعان ما سيتوقف عن الكلام. وأما أصوات التشجيع والإيماءات والإبتسامات فتظهر له أننا نهتم بما يقوله.
ويجب أن تتغير تعابير وجهنا بحسب ما يقوله الطفل لنا. فإذا ابتسمنا مثلا فيما الطفل يتحدث عن شيء حزين فإننا سنبدو وكأننا لانهتم بالأمر، أو أننا غير لطفاء.
الدعابات والضحك:
الدعابات والإبتسامات والضحكات يمكن أن تساعد الطفل على أن يسترخي ويبدأ بالوثوق بنا، ومع ذلك فإن الناس يبتسمون أحيانا ويضحكون عندما يشعرون بالحرج أو عندما لايجدون مايقولونه. فمن المهم أن نعرف ما الذي يجعلنا غير مرتاحين أو محرجين بحيث يمكننا ان نتجنب ردود الفعل التي يمكن أن يعتبرها الطفل غير لطيفة.
التواصل بالنظر:
يختلف مدى التواصل بالنظر، الذي يتم عادة عندما يتحادث الكبير مع الصغير باختلاف المجتمعات. ففي بعض الثقافات يتم توبيخ الأطفال، إذا هم لم يوجهوا نظرهم إلى الإنسان الكبير الذي يتحدث إليهم. وفي مجتمعات أخرى يعتبر الطفل وقحا إذا هو نظر في وجه الكبير المتحدث بدلا من أن يخفض نظره إلى الأرض.
والأكيد هو أنه من الخطأ أن يحدق الناس في وجه بعضهم البعض، إلا أن درجة معينة من النظر إلى وجه الإنسان الآخر تساعد عادة. فحين لا تنظرون إلى الطفل إطلاقا فإنكم لن تلاحظوا إن كان الطفل منزعجا أو يحتاج إلى مواساة. ومن ناحية أخرى إذا حدقتم في عيني الطفل طوال الوقت فإن هذا سيزعجه. وكذلك عند التعامل مع الاقتراب منهم أو النظر إليهم كثيرا في البداية.
إن القدرة على الاستماع الجيد والإيصال والتواصل الجيد، وخصوصا عندما يتعلق الأمر بالأطفال، تتطلب مهارة يجب أن نتعلمها. ولايتعود الكبار، عادة، كيف يتفاهمون ويتواصلون مع الأطفال في ما يتعلق بشؤون حياتهم والأشياء التي تقلقهم، وهذا الأمر يصبح تحديا حقيقيا عندما يتعلق الأمر بأطفال يجدون أنفسهم تحت وطأة أزمة ويعيشون في ظروف صعبة.
أهمية العادات والقواعد الاجتماعية السائدة في فهم التواصل اللفظي وغير اللفظي:
لكل ثقافة طرقها المميزة من ناحية التواصل بين الأشخاص، ومن ناحية التعبير عن المشاعر، والتعامل مع حالات المعاناة وفقدان الأعزاء. ويتعلم الأطفال هذه الطرق في أثناء نموهم وترعرعهم بوصفها جزءا من المعرفة الاجتماعية التي يكتسبونها. وهناك تنوعات وتباينات كبيرة بين الثقافات، ويظهر هذا مثلا في كيفية طلب النصح وتقديمه، أو في كيف يتكلم الناس عن أنفسهم. وهناك تباينات أيضا في كيفية التواصل غير اللفظي بين الأشخاص، فالابتسامات والإيماءات وحالات الصمت تعني أشياء مختلفة في المجتمعات المختلفة، وحتى ضمن المجتمع الواحد يمكن أن تتباين أساليب التواصل الشخصي بحسب الطبقة الاجتماعية، والإقامة في المدينة أو الريف، والعمر أو عوامل أخرى.
(فمثلا توجد في بعض المجتمعات خصوصيات مهمة كعدم اختلاء الرجل بالمرأة، أو قد يجد الطفل حرجا في التعبير عن نفسه إلى فتاة ...إلخ) كل هذه الأمور علينا مراعاتها.
وعلى مقدمي الرعاية للطفل الانتباه إلى هذه الفروقات أثناء عملية التواصل مع الطفل، ويكون ذلك من خلال الانتباه إلى لغة الجسد وطريقة الجلوس مع الطفل والمسافة الفاصلة بينكما أثناء حديثكما.
كما عليهم في هذه النقطة بالذات الانتباه إلى الأطفال الذين تعرضوا إلى عنف جسدي أو أي اساءة جنسية، وذلك حرصا على توفير الشعور بالأمان، فنحن عادة "في الأحوال العادية" نعانق الأطفال ونقبلهم ونمسح على رؤسهم رغبة منا في ايصال التعاطف والحنان، لكن الطفل الذي تعرض إلى اساءة جسدية أو جنسية لا يناسبه هذا النوع من التواصل" إذ قد يحرك هذا السلوك خبرات سلبية لدى الطفل (لذلك علينا أن نكون حريصين على عدم المبادرة فيما يتعلق بهذه الأمور).
نتابع باذن الله ... التحدث عن الموت مع الطفل
المفضلات