الدين المتوسط في الاقتصادات الصاعدة يصل ذروة تاريخية 2013/2014
صورة

عمان – سعود عبدالمجيد - توقع صندوق النقد الدولي أن يصل مستوى الدين المتوسط إلى ذروة تاريخية في الاقتصادات الصاعدة، وأن تشكل السياسات الضريبية الأكثر توازناً وإنصافا حلاً مساعداً للبلدان بشكل عام والصاعدة بشكل خاص في تحقيق إنجاز بشأن الديون، جاء ذلك ضمن تقرير الراصد المالي الصادر حديثاً عن الصندوق.
وبين الصندوق أنه مع ازدياد ضعف النمو وتصاعد تكاليف الاقتراض سيتآكل الحيز المالي المتاح في هذه الاقتصادات، وأضاف أنه مع بقاء الضبط المالي على رأس جدول أعمال السياسات في الاقتصادات المتقدمة، و اقترابه من نفس المركز في بلدان الأسواق الصاعدة، تكتسب إمكانية مساهمة النظم الضريبية في عملية التصحيح طابعاً آنياً جديدا ً.
وأشار آخر عدد أصدره الصندوق من تقرير الراصد المالي أن تشديد الموازنة على مدار السنوات القليلة الماضية يعني أن الاقتصادات المتقدمة تمكنت من تخفيض عجز الموازنة بمتوسط 4 نقاط مئوية مع حلول عام 2013 ليصل إلى نصف المستوى المشاهد في ذروة الأزمة مع استثناء بارز يتمثل باليابان.
وتوقع التقرير الذي يصدر من أجل تتبع مسار الإنفاق العام والدين الحكومي والعجز في مختلف أنحاء العالم، أن يستقر الدين العام في معظم الاقتصادات المتقدمة في الفترة 2013- 2014، مع ترجيح بلوغ مستوى الدين المتوسط حوالي 110% من إجمالي الناتج المحلي، وهو لا يزال أعلى من المستوى المسجل في عام 2013 بمقدار 23 نقطة مئوية، ويتعين بذل جهود كبيرة لتخفيضه. فبالرغم من أن معظم البلدان عالية المديونية تمكنت من تحقيق ثلثي التصحيح الالزم لوضع نسب ديونها على مسار تنازلي راسخ، تفيد التجارب التاريخية بأن الحفاظ على هذا الموقف لفترة ممتدة هو التحدي الأكبر – إلى أن تصل نسب الدين إلى مستويات مريحة أفضل.
وافاد التقرير بأن هذه المهمة تزداد صعوبة بسبب ارتفاع الدين وعدم اليقين الذي يسود البيئة العالمية وضعف آفاق النمو وافتقار الاقتصادات الرئيسية مثل الولايات المتحدة واليابان إلى خطط دقيقة التحديد للتصحيح المالي على المدى المتوسط. ورغم تحسن آفاق النمو العالمي بشكل عام، فقد تحولت الأنظار حاليا إلى الولايات المتحدة حيث بدأت أحداث مواجهة سياسية بشأن المالية العامة.
وفيما يتعلق بمواطن الضعف التي تظهر على السطح في الأسواق الصاعدة ، أشار التقرير الى أن مواطن الضعف المالية بدأت تزداد وضوحا في اقتصادات السوق الصاعدة. فعند بدء الأزمة، كان مركز المالية العامة في هذه الاقتصادات أقوى بكثير من مركز الاقتصادات المتقدمة. وقد استخدم كثير منها الحيز المالي الذي حققه بجهد شاق لكي يدعم الطلب المحلي وتخفيف أثر التباطؤ العالمي. لكن تراجع آفاق النمو وتزايد تكاليف الاقتراض أصبحا الآن مصدر ضغط على موازناتها العامة.
وبين التقرير أن اقتصادات الصاعدة لا تواجه تحديا واحد بل أكثر من ذلك، فالبلدان ذات المديونية والعجز المرتفعين والمتزايدين في معظم الحالات هي الأشد احتياجا إلى الضبط المالي العاجل. لكن كل الاقتصادات الصاعدة التي تقلص حيزها المالي أو الذي اختفى ينبغي أن تبدأ العمل على إعادة بناء هوامشها الوقائية المالية.
وتمثل مواطن الضعف المالي مصدرا للقلق أيضا في البلدان منخفضة الدخل، نظرا لاحتمال تراجع أسعار السلع الأولية و حجم المعونة. وسيكون على الحكومات في كثير من هذه البلدان أن تحدد مصادر بديلة للإيرادات وأن تحسن كفاءة إنفاقها، وذلك ممكن أن يتأتى من خلال إصلاح دعم الطاقة.
أما عن إعادة التفكير في نظام الضرائب ، فأشار التقرير إلى أن التدابير الضريبية المعتمدة لا تحتل منذ بداية الأزمة مركزا متقدما بمقياس الجودة. وبالرغم مما تحقق من التقدم النسبي في نظام فرض الضرائب على القطاع المالي، والذي اعتمدت عدة بلدان الرسوم المصرفية من النوع الذي اقترحه الصندوق، إلا أن التحرك نحو تسعير الكربون بشكل فعال، والذي يواصل الصندوق التركيز على أهمية لمعالجة قضية تغير المناخ، لا يزال في بدايته المبكرة. فلا تزال الاقتصادات الصاعدة والنامية تواصل الاعتماد على الإيرادات الاستثنائية الكبيرة المتحققة من السلع الأولية للتوسع في الإنفاق العام رغم ما ثبت من تقلب هذه المصادر. ومن ثم، فرغم اختالف المجال المتاح لتحصيل مزيد من الإيرادات باختلاف البلدان.
وخلص التقرير إلى أن كل البلدان تقريبا تستطيع تحسين نظامها الضريبي وينبغي لها أن تفعل ذلك. كذلك نصح التقرير بالبدء بتحديد الثغرات وسدها في تصميم السياسة الضريبية وتنفيذها العملي، وأشار إلى أن زيادة تركيز الحكومات على الضرائب سيكون داعما كبيرا للنمو.
وأضاف أن عدالة النظم الضريبية تخضع للفحص الدقيق أيضا، بدليل عودة التركيز على الترتيبات الضريبية المعقدة التي تستخدمها المؤسسات متعددة الجنسيات لتخفيض مدفوعاتها الضريبية. وبشكل أعم، أصبحت النظم الضريبية أقل تصاعدية، وزاد اتصافها بعدم المساواة على مدار العقود السابقة.
وأوضح الصندوق أن تقرير الراصد المالي ينظر في الأدلة المتعلقة بكيفية استجابة أصحاب الثروات الكبيرة الرتفاع المعدالت الضريبية، وخلص إلى إمكانية تحصيل مزيد من الإيرادات بزيادة المعدلات الضريبية العليا في كثير من الحالات. وبالنسبة لضرائب الثروة، أشارت الأدلة إلى أن الإيرادات التي يمكن تحصيلها منها بالغة الارتفاع، لكن التجارب السابقة مبيناً أن تحقيقها يتطلب الوقوف بشكل حاسم ضد كافة أشكال المعاملة الخاصة.
وخلص التقرير أيضاً، أن ضرائب الممتلكات لا يزال استخدامها قاصرا في كثير من البلدان، رغم ما تتمتع به في الغالب من إمكانات أكبر لدعم النمو والتصاعدية مقارنة بأنواع الضرائب الأخرى. وكثيرا ما تتم الإصالحات الضريبية طويلة البقاء في أوقات الرخاء الاقتصادي حين يمكن استخدام الإيرادات الكبيرة لتعويض الإيرادات التي تتأثر بالإصلاح على المدى القصير.
وبين التقرير أنه مع تباطؤ النمو مؤخرا، تواجه الحكومات عملية توازنية صعبة، فالشفافية المصحوبة بالتشاور واسع النطاق والتواصل الفعال يمكن أن تساعد في بناء التأييد السياسي. لكن تعبئة إيرادات إضافية يقتضي أن يكون دافعو الضرائب على ثقة من كفاءة استخدام الأموال المحصلة منهم، وهو ما يتطلب إصلاحات فعالة لزيادة كفاءة الإنفاق.
الجمعة 2013-10-11
المفضلات