اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة صالح صلاح شبانة مشاهدة المشاركة
اغتيال الشخصية
بقلم صالح صلاح شبانة
هناك من يقوم باغتيال الشخصية بعد بروزها وظهورها وظهور تأثيرها على المجتمع، وهناك من يغتالها قبل ولادتها وهو ما يسمى بالإجهاض وهناك من يغتالها بمجرد ظهورها وهو ما يسمى بوأد الشخصية، وتجنبا للخوض في التسميات والتفاصيل اخترت عنوان الاغتيال كعنوان جامع ويؤدي إلى المعنى الكامل لكل التفاصيل الأخرى...!!!
وقبل أن أخوض في الموضوع سأقول هذه الحكاية التراثية: اذ يحكى أن غرابا وعندليبا قد اختصما أيهما صوته أجمل وأعذب، وعندما اشتد بينهما الخصام قررا الاحتكام إلى أول عابر من الغابة بشرط أن ينقر الفائز بالتزكية عين الخاسر.. !!!
وانتظرا فإذا بخنزير يمشي الهويناء بتثاقل ، فطرحا على أسماعه قضيتهما، فطلب منهما أن يسمعاه صوتهما فارتقى العندليب شجرة وغرد وغنى فأبدع ورقصت الغابة على أنغامه، وعندما انتهى ارتقى الغراب جيفة ونعب فارتجت الغابة وارتعدت فرائصها لقبح ما سمعت.. وبعد ذلك قال الخنزير كلمته الفاصلة وهي أن صوت الغراب أجمل من صوت العندليب فقفز الغراب ونقر عين العندليب فخرجت على منقاره، وهنا بكى العندليب، فقال له بسخرية: أنت تبكي لان صوتي أجمل من صوتك ولاني أوفيت الشرط ونقرت عينك، أليس كذلك؟ قال: لا، ولكن لأني قبلت ان يحكم الخنزير بيني وبينك....!!
هذه هي الحكاية، والمبدع الحقيقي هو الذي يستطيع الوصول إلى قلوب الناس بفنه وعلمه، وكفاءته ومقدرته فهذا وأمثاله محجوبون من آخرين لا يستطيعون إلا الهدم والدمار فلا يمكنونهم من المنابر، والمكاتب وإدارة الأعمال التي تحتاج إليهم، ويضعون شخصيات مهزوزة مهترئة تتكئ على أمجاد بالية حينا وعلى متنفذين أحيانا أخرى، ولكل مسؤول آفة ابتلاه الله بها، فهو إما مرتش آفته المال وإما سادي آفته تعذيب النفوس وإما مغرور آفته النرجسية وإما فحل آفته النساء..!!!
وعلى هذه المقاييس نقيس، فتظهر كل أمراض وآفات المجتمع المتنامية الظاهرة مثل الطفح....!!
إن المبدع الحقيقي يعيش وحيدا ويموت وحيدا لا عزاء له...!!
كم من فنان مبدع عرفته منذ سنين بعيدة صار نسيا منسيا لان المسؤول فلانا لا يريده ويقدم غيره، أو لان اللجنة الفلانية ارتأت انه لا يناسب العصر والزمان فلفظته يلعق جراحه النازفة وحرمت الأمة من إبداعه وثقافته...!!
وإذا ما ظهر بين جماهير الناس اثنت عليه الثناء الحسن وتساءلت: من جفف هذه الينابيع؟ والحقيقة أنهم فئة من نوع الخنزير الذي حكم على صوت العندليب بالرداءة مقابل صوت الغراب وألغى شهادة الغابة ومن فيها التي شهدت لصالح العندليب...!!
إن اغتيال وإجهاض ووأد الشخصية من الأمور الشائعة في هذا الزمان، وصار شعار المرحلة أن الرجل المناسب ليس في المكان المناسب، وان كل وظيفة تخضع لحسابات أخرى غير الحسابات التي يجب أن تكون ...!!!
لم يعد النظر «ستة على ستة» شرطا للسائق ولم يعد التسديد شرطا للقناص ولم تعد اللغة شرطا للمترجم، ولم يعد الصوت شرطا للمطرب ولا اللياقة شرطا للرياضة....!!!
عندما يختلط الحابل بالنابل تختلط الفوضى بالنظام ، وتضيع الطاسة في الزحام.. وهنا يعتزل أولو العلم والثقافة والمنطق لان المنطق انعدم، ويخلو الميدان لحميدان، وهنا يصبح الزلزال، ويسود الرويبضة.. !!
وللرويبضة في حديث سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديث آخر وقد نتطرق إليه إن شاء الله. ..!!!

صدقت وصدقت ثم صدقت والله

اخي صالح في مقالك القيم هذا اظنك وضعت يدكعلى الجرح واستطعت تلمس ما صعب على العي واستحال على الحجا ولكن اعلم اخي ولابد في النهاية من اياد تتلمس الصحة وتتلمس الجودةواعطاء كل ذي حق حقه فالمحسن يجازى باحسانه والمسيء يجازى باساءته
سعدت جدا في هذه البقعة الجميلة الزاخرة بالادب والقيم العالية