الجزء الخامس:
في يوم من الايام.. كان فارس جالساً في محاضرت علم النفس ينتظر الاستاذ.. وفجأة.. دخلت نور وعلامات الضرب تملأ وجهها الجميل مرّة اخرى.. وكانت نور محرجة جداً من ذهابها الى الجامعة ولكنها كانت مضطرة لكي لا تحرم من المواد.. نظر فارس اليها وفوجئ مما يرى.. فقد كاد ان ينسى المرّة السابقة التي رآها بها في هذه الحالة.. وكما هو حال فارس كان حال الطلاب جميعا.. فكان الجميع ينظر اليها بتعجّب.. فقد كانت هذه المرّة اقوى من المرة السابقة.. وكانت نور تمشي محرجة جداً وتحاول ان تغطي الكدمات بشعرها.. ولكن دون جدوى.. شعر فارس بالغضب الشديد جداً.. وكان يفكّر بها طوال المحاضرة ويتسائل عمّا يحدث لها.. ومن الذي يضربها هكذا.. انتهت المحاضرة وكان فارس يفكّر بها طوال الوقت..
وبعد عدّة ساعات.. كان فارس يمشي بالجامعة.. وفجأة.. رأى تجمعا للطلاب على غير العادة.. وكأن شيئاً ما يحدث.. اقترب فارس بسرعة واذ بسالي وصديقاتها الثلاث يسخرون من نور امام الجميع..
وكانت سالي تقول: (اعترفي انو ضرب عادي حبيبتي ما تستحي اعترفي هههههه)..
وكانت نور تحاول الابتعاد ولكن الكلّ مجتمعاً حولها ولن يسمحوا لها بالذهاب.. وقف فارس واخذ ينظر.. لم يذهب ليساعدها لأنه كان يحاول ان يقنع نفسه بأنها لا تهمه مثلها مثل اي فتاة بالجامعه.. ولكنه كان يشعر بالشفقه عليها.. وبينما كانت سالي تسخر منها.. ونور لا تتحدث ابداً.. حاولت نور ان تهرب وفي اخر لحظة.. مسكت سالي بالجاكيت الخفيف التي تلبسه نور فوق قميصها الذي لا يحتوي على اكمام.. وبينما هي تمسك به ركضت نور بسرعة واذ بسالي تخلع الجاكيت عنها.. سكت الجميع.. فقد كان جسمها مليء بعلامات الضرب بالعصا..وقف الجميع ونظروا بصمت.. وكان فارس مصدوماً مما يرى.. ثم بدأت سالي بالضحك وبدأ البعض يسخر منها مرة اخرى.. نظرت نور الى سالي بغضب وكانت الدموع تملأ عيناها..
وقالت بصراخ : (اعطيني الجاكيت!)
ثم ضحكت سالي وقالت: (يييي شوفو يا حرام دموعها نزلت هههههه)..
ثم اقتربت نور من سالي وحاولت ان تأخذ الجكيت ولكن سالي ابتعدت ورمته لدانا.. ثم اقترت نور من دانا ورمته دانا بسرعه لاحدى الفتيات.. وكان الكل يضحك.. احسّت نور بالاحراج الشديد.. ثم جلست بركبها على الأرض وكتّفت يداها على جسمها وبدأت بالبُكاء.. لم يتحمّل فارس المنظر واخذ الجاكيت بقوة ثم وضعه على نور..
وقال بصوت عالي: (خلص شباب.. خلصت المسرحية كل واحد يشوف شغلو.. يلا)..
قامت نور ونظرت الى سالي وصرخت بغضب وبكاء: (انتي وحدة حقيرة!).. وذهبت لتركض..
نظر فارس الى سالي وكانت نظرته توافق كلام نور.. في هذه الاثناء كان الجميع يتحدث عن نور وكان الجميع متعجّب من الكدمات التي تملأ جسدها.. بعضهم كان يشعر بالحزن عليها.. والبعض الآخر يستهزئ منها.. ذهب فارس مسرعاً خلف نور.. وكانت نور تمشي بسرعة باتجاه باب الجامعه.. من الطريق المختصرة التي لا يوجد بها طلاب.. وكان صوت بكاءها مسموعاً.. اقترب فارس منها ووقف امامها.. لم تنظر نور اليه وحاولت الابتعاد ولكنه امسك بذراعيها واوقفها
وقال: (نور نور وقفي.. اتطلعي علي..)..
نظرت نور اليه والدموع تملأ وجهها.. وكان شكلها في حالة مأساوية.. ثم قالت بغضب : (فارس ابعد عني)..
وحاولت المشي ولكنه كان ممسكاً بها بقوّة..
وقال: (انا ما رح اتأسفلك لانو الموضوع اكبر من هيك.. انا بفرجيها لسالي.. ما رح اخليها تقرب منك مرّة تانية صدقيني.. بس احكيلي نور مين بضربك؟؟ احكيلي)..
اجابته نور ببكاء: (ما حدا بضربني.. ابعد عني)..
قال فارس: (نور ما رح اتركك بهالحالة.. والله اني مدايق عليكي كتير ما بتعرفي قديش.. خليني اساعدك.. احكيلي مين بضربك عشان اساعدك اللي بصير معك مش مزحة)..
قالت نور ببكاء : (فارس انا تعبانة كتير.. بدي اروح عالبيت.. خلص بحكيلك بعدين بس اتركني ايديك وجّعوني)..
تركها فارس وقال بحزن: (اوك)..
ثم ذهبت نور ووقف فارس ينظر اليها.. وكان فارس يتفجّر من الداخل.. وبينما هو ينظر اليها.. جلست نور على ركبتيها فجأة.. وكانت تحاول ان تخرج شيء من شنتتها بسرعة.. ركد فارس اليها وعندما وصل تفاجأ بأنها تستعمل بخاخ الاكسجين لتحاول ان تتنفس.. وكان وجهها محمرّ جداً.. عرف فارس انها مصابة بالربو.. ووقف مصدوماً لا يعرف ماذا يفعل.. بعدما انتهت نور من استعمال البخاخ وهدأت قليلا.. نظرت الى فارس ثم قامت ومشت بسرعه.. لم يفعل فارس شيئاً.. وظلّ واقفاً مصدوماً.. والحزن يملأ قلبه.. ثم ذهب مسرعا الى سالي.. وصفعها على وجهها أمام صديقاتها.. تعجبت سالي ووضعت يدها على خدها ونظرت اليه..
ثم مسك فارس بيدها بقوة وصرخ بوجهها: (انتي بعدين معك؟؟ ما بدك تختصري؟)..
غضبت سالي وابعدت يدها وقالت بصراخ: (انت ليش كتير مهتم؟؟؟ كتير في بنات عملت فيهم مواقف كتير.. ليش ما كنت تحكيلي اشي اه ؟ لييييييش؟؟)..
صرخ فارس: (لانو هاي البنت مريضة!! واهلها بضربوها! ما عندك اي احساس انتي؟) ووضع يده على قلبها بقوة وقال: (هون مافي احساس؟؟؟ كيف بدك اياني احبك وانتي ما بتحسّي بالناس؟؟)
ثم سكت قليلا ووضع يده على شعره وذقنه وهدأ قليلاً..
ثم اقترب من سالي وقال: (سالي هاي اخر مرة بشوفك بتدايقي فيها حدا بالجامعة.. والله يا سالي.. بحلف.. انو اذا بشوفك مرّة تانية بهادا الموقف.. رح تطلعي من نفسي.. لانك بلشتي تطلعي من نفسي اصلا.. سامعة علي؟؟)..
خافت سالي عندما قال لها هذا الكلام.. وقالت : (اوك)..
وكان الجميع ينظر اليهم بصمت.. ثم ذهب فارس مبتعداً... كان ذلك اليوم من اصعب الأيام على فارس.. فلم تغب نور عن باله ابداً وظل يتذكّر شكلها وهي جالسة على الارض تبكي.. ويتذكر وجهها المليء بالدموع عندما كانت تكلمه عن قرب.. لم يستطع النوم.. حاول ان ينسى الموضوع ولكنه لم يستطع.. فقد كان قلبه يتقطّع من الداخل.. وكان يموت ليعرف من الذي يضربها ولماذا.. اخذ يشرب ويشرب الى ان غاب عن الوعي.. ونام..
طلع النهار.. وكان فارس ممدداً على الكنبة.. جاء ضوء الشمس على عيناه واستيقظ.. جلس على الكنبة واعتقد ان كل اللذي حدث حلم.. ولكن عندما رأى قنينة الشراب.. تذكر ان هذا الشيء حدث فعلا وانه لم يكن يحلم.. ولكنه كان يتمنى ان يكون حلم.. ذهب ليستحمّ.. ثم ذهب الى الجامعه.. ولم تفارق نور تفكيره ابداً.. وظل يتذكر شكلها وهي جالسة على الارض وتبكي مرارا وتكرارا.. وكان يشفق عليها كثيراً.. وصل فارس الى الجامعه متأخراً واخذ يبحث عن نور لكنه لم يجدها.. وبينما هو يبحث وجد لمى وذهب اليها مسرعاً..
ثم قال بلا اي مقدمات: (وين نور؟)..
نظرت لمى بحزن وقالت: (ما اجت اليوم)..
لم يقل فارس شيء وجلس..
جلست لمى بجانبه وقالت: (سمعت اللي صار مبارح.. للاسف كنت بمحاضرة.. لو اني كنت معها كان دافعت عنها)..
قال فارس بغضب : (اسمعي لمى.. بتضلّك معها طول الوقت من اليوم وطالع.. ما تتركيها بالمرّة الا ازا كنتي بمحاضرة.. وقبل ما تروحي عالمحاضرة بتخلي وحده من البنات تضل معها.. ماشي؟)..
نظرت لمى بتعجّب.. ثم قالت: (فارس ممكن اسألك سؤال؟)..
قال فارس: (اسألي)..
قالت لمى: (غريبة كيف انك كتير مهتم فيها لنور.. يعني كتير صار مواقف ببنات تانيين وما كان يفرق معك.. ليش لهدرجة مهتم فيها؟)..
سكت فارس قليلا ثم قال: (بحزن عليها صراحة.. بحسها صغيرة ووحيدة وما حدا حاسس فيها.. وما بتعرف تدافع عن حالها.. بس هاد السبب مافي اشي تاني)..
قالت لمى بتردد: (بس لما قعدت معنا انا وياها وريم حسيت نظراتكم لبعض غريبة شوي.. يعني حسيت في كهربا بتطلع من عيونكم بس تطلّعوا ببعض)..
تعجّب فارس من كلامها وقال: (شو قصدك؟)..
قالت لمى: (يعني انت فاهم قصدي.. يعني حاسة في مشاعر بيناتكم)..
قال فارس: (وهيي كمان في مشاعر منها؟)..
قالت لمى : (صراحة اه يعني لما تشوفك بتنعجق)..
نظر فارس امامه وسرح قليلاً..
ثم قال للمى: (لا ما في اشي.. انتي عارفه انا بحب سالي ورح اخطبها بس اخلّص دراسة.. مافي اشي من هالحكي بتهيألك..).
لم تقتنع لمى بكلامه ثم قالت: (على العموم انا بس حابة انصحك بشغلة.. انو لو حبيت نور بيوم من الايام تزكر انها ما رح تكون الك لو شو ما عملت.. يعني .. في مسافة كتير كبيره بيناتكم وصعب تكونوا لبعض.. فا نصيحة فارس ما تفكر فيها كتير)..
غضب فارس وقال: (لمى ما في اشي! ما في اشي! انا بس بحزن عليها مافي اي مشاعر تانية.. خلص سكري عالموضوع)..
ثم قام ليمشي وكان يتذكر كلام لمى ويشعر بالغضب..
ثم قرّر ان يعتذر من سالي.. وذهب اليها وجلس بجانبها.. لم تكلّمه سالي..
ثم قال: (كيفك حبيبتي؟)..
قالت سالي: (تمام..)
اقترب فارس منها ووضع يده على وجهها ولفّه باتجاهها..
ثم قال: (حبيبتي ما تزعلي مني.. كنت معصب مبارح وانتي زدتيها علي.. اسف حبيبتي ما بعيدها انشالله)..
قالت سالي بدلع: (انت احرجتني قدام صحباتي.. وبينت انك بتحبها للبنت)..
قال فارس: (لا لا حبيبتي ما بحبها.. انا بس ما بحب اشوفك بتعاملي الناس بهاي الطريقة لانك حبيبتي وبدي اياكي تكوني احسن بنت بالدنيا.. طول ما انتي بتتخوتي عالناس زي هيك ما رح تكوني منيحة بنظرهم.. ما بدي حدا ينظرلك نظرة مش كويسة يا عمري.. بس مش اكتر)..
قالت سالي: (اوك)..
ثم قال فارس: (اوعديني ما تعملي هاد الموقف مرة تانية)..
قالت سالي: (ماشي.. وعد)..
ثم قبلها فارس برأسها وتصالحوا..
في اليوم الثاني.. كان فارس جالساً بمحاضرت علم النفس ينتظر قدوم نور.. دخلت نور وكان حالها افضل... وكان الجميع ينظر اليها بسبب الموقف الذي حصل.. نظرت نور اليه وكالعادة انزلت عيناها الى الارض وجلست.. اطمئنّ فارس عليها وهدأ تفكيره..
وفي هذه الاثناء.. دخل شاب الى المحاضرة وكان يوزّع اوراق على الطلاب وكان بها اعلان لحفلة في فندق بعد اسبوع.. اخذ فارس الورقة ولكن لم يعطي الموضوع اي اهتمام.. بعد المحاضرة جاءت سالي لفارس
وقالت: (حبيبي في حفلة بفندق بعد اسبوع شكلها حلوة.. وفيها رقص وهيك شو رأيك نروح؟)
قال فارس: (ازا الكل رايح بروح.. ما عندي مشكلة)
اخذت سالي تسأل جميع اصدقاءها ليذهبوا الى الحفل وكان كثير من الطلاب ذاهبون..
وبدأوو سالي وصديقاتها يخططون ماذا سيلبسون والى اخره..
قبل نهاية الدوام.. كانت لمى جالسة لوحدها تنتظر الباص.. قام فارس وجلس بجانبها..
ثم قال: (شو بدك تروحي عالحفلة؟)
قالت لمى: (والله ما بعرف كل صحباتي رايحين فا عم بفكر اروح.. وانت؟)
قال فارس: (اه انا رايح.. تعالي كتير الوضع رح يكون حلو)
قالت: (اه انشالله خلص باجي)
قال فارس: (طيب ونور رح تيجي؟)
نظرت لمى باستهزاء ثم قالت: (ايواااا عشان هيك بدك اياني اجي.. ههههه)
قال فارس: (لا ولك ليش هيك فهمتيها.. بس بسألك فضول يعني بدي اعرف)
قالت لمى: (امممممم فضووول.. طيب ماشي.. بس نور مش جاية)
قال فارس: (ليش؟؟)
قالت: (لانها مش شغل هيك اشياء هيي حكتلي)
قال فارس: (احكيلها اقنعيها خليها تغيّر جو.. بحسّها ما بتطلع بس من البيت للجامعة.. خليها تشم هوا شوي)
قالت لمى: (طيب يا سيدي بحكيلها)..
يتبع..
المفضلات