المحاماة في نظر القاضي نص المحاضرة التي ألقاها حضرة القاضي محمد مختار عبد الله على المحامين تحت التمرين بقاعة محكمة الاستئناف الأهلية يوم 10 ديسمبر سنة 1931 تفضل سعادة النقيب في محاضرته الأخيرة بتوجيه الدعوة إلى القضاء ليساهم في هذا البحث الممتع عن مهنة المحاماة وقد أقدمت على الاستجابة لتلك الدعوة وأنا عالم بخطورة الموضوع ولولا العلاقة الوثيقة المتجددة التي تربط القضاة والمحاماة والتي تجعل القاضي والمحامي كاهنين يقوم كل منهما بما خصصته الهيئة الاجتماعية لكليهما من طقوس في هيكل العدالة ذلك الهيكل المفتح الأبواب للجميع والذي يقصده الجميع على اختلاف العقيدة والرأي والمثل الأعلى، لولا ذلك يا حضرات السادة لترددت كثيرًا، بل لا حجمت عن قبول الدعوة، والواقع أن القضاء، وإن سبق المحاماة في الظهور وكان في ولادته مرتبطًا بجلال الملك ومظهره حيث كان دوامًا بيد صاحب التاج والصولجان إلا أن المحاماة كانت وليدة عاطفة نبيلة في الهيئة الاجتماعية تبغي تحقيق المساواة بين الخصوم وتمكين الضعيف من الوقوف في نفس المستوى الذي يسهل على القوي الوصول إليه أمام منصة القضاء فترون إذن أن ما امتاز به القضاء من حيث طيب الذوق قد عادله ما اختصت به المحاماة من حيث نبل المولد وشرف المطمح، وقد عاشت الهيئتان بعد ذلك سويًا وكما أسلفت القول انتهى الأمر إلى توثيق تلك العلاقة الشريفة بينهما حتى جعلت من كليهما دعامة أساسية لهيكل العدالة .
وأريد أن أقرر هنا أن ذلك الهيكل أصبح من ضروريات النظام الاجتماعي بل هو من دعائمه المكينة، وهو مفتوح على مصراعيه ليقصده كل ذي ظلامة متقدمًا بما كسبت يداه ويخرج منه وقد حلت السكينة في قلبه محل الخوف لعلمه أن كهنة الهيكل لا يصدرون إلا عن عقيدة هم مسؤولون أمامها فقط، ننتقل بعد ذلك إلى تعريف المحامي فنجد العلامة جارسونيه نقول عنه بأنه الشخص الذي بعد أن حصل على إجازة ليسانس الحقوق وقام بأداء القسم الذي يفرضه القانون مع الاشتراطات الأخرى الواردة باللوائح يتولى الدفاع شفويًا وكتابةً أمام المحاكم عن شرف مواطنيه وحياتهم وحرياتهم وأموالهم (جارسونيه جزء 1 صـ 412)، وهذا التعريف يشمل المحامي بمصر طبعًا من حيث طبيعة عمله ومؤهلاته المتطلبة - في الوقت الحاضر - وإن كان المحامي لا يؤدي قسمًا وحبذا لو اتبع هذا النظام ويقول لابر
[/size][/center]
المفضلات