الحمدُ للعظيمِ ربِّ الخلقِ
= ومالكِ الآجالِ قبلَ الرزقِ
دلَّ عليه العقلُ قبل النقلِ
= وقبل أنبيائه والرسلِ
واضحةٌ للخلق معجزاتُهُ
= في النـفسِ لو خبرتَـها آياتُهُ
بقدرةٍ نبيُّه ذو النونِ
= أخرجَهُ من قعر بطن النونِ
ثم الصلاة والسلام كلما
= تعاقب البدران في جو السما
على نبي بدأ التنويرا
= لمن به أراد الله الخيرا
في سـنةٍ من السنين الماضية
= والنفس رغم ما يكون راضية
أذكرها وإن مضتْ بعيدة
= فما أتى من بعدها سعيدة
أتى بفضل ربنا الجليلِِ
= غيثٌ عميمٌ ليس بالقليلِ
تعاقبت أمطاره الغزيرة
= حتى غدا بعضُ الربا جزيرة
فحائل قد هددتْ سكانَها
= بدفن كل أسرة مكانَها
وموققٌ[2] كادت تموت بالغرقْْْْْْ
= وانقطعتْ من دونها كل الطرقْ
وأصبحت بيوت قرية السُّفُنْ
= مثلَ اسمِـها آخـذةً شكلَ السفـنْ
تعاقبت فأوجس الناسُ الخطرْ
= حتى ظننا العامَ كلَّه مطرْ
مواقفٌ ترعب قلب الفارسِ
= فهرب الناس إلى المدارسِ
فهرعوا[2] لها كخيلٍ شقرِ
= كم يُحبطُ الإنسانَ ذلُّ الفقرِ
فارتفعت تدعو الإلهَ الأيدي
= وأطلقوا للدمع كل قيد
فالخير إن زاد عدو قاتلُ
= والحمدُ للذي ما شاء فاعلُ
فأوقف السما عن الهطولِ
= وانقشع السحاب كالفلولِ[3]
فأبصر الناس السماء آئبا[4]
= كأنه خل وكان غائبا
و بعد مدةٍ أتتْ قليلةْ
= قد جاء ما كنا نرى دليلَهْ
ذاك الربيع ما رأينا مثلَهُ
= لا بعده ولا أتانا قبلَهُ
والعسر يأتي اليسرُ دوما بعده
= كم أنجز الله الكريمُ وعده
فانتشر الناس بكل رابيةْ
= وبين كل تلعةٍ ونابية
رابية فسيحةٍ ومغريةٍ
= بكل همٍّ بالفؤاد مزرية
قد زاد في جمالها الإغراءُ
= كأنها سجادةٌ خضراءُ
وفوقها ترى الحــوذانَ كاللـهبْ
= أو أنها بُثَّتْ دنانيرُ الذهبْ
وإن رأيت للجبال تنبهرْ
= كأنها منصوبةٌ على نهرْ
عيونها بمائها مغرورقة
= خضراء قد ظننا الصخر مُورقة
فاقترح الوالد ذات يوم
= بأن نقوم من قيود النومِ
عليه رحمة الإله دائما
= ما أبصـر الناس طـويقاً[2] قائـما
لنزهةٍ قبل طلوع الفجرِ
= من غير ضوضاءٍ وغير زجرِ
كي لا يحـس بالضجـيج الجـارُ
= فيغضبَ المهيمنُ الجبارُ
فاختار بعد زمن وجيزِ
= بأن يكون قصدنا المجيزي[3]
فيا لها من نزهةٍ لطيفة
= بهيجة سعيدة ظريفة
وكلنا أبدى بها تَألُّقَهْ
= فهذه ذبيحة معلقة
وهذه القهوة قد أعدها
= من لا يزيد وزنها وحدها
والشاي أحمر بصنعه برعْ
= كأنه من دمها قد انتزعْ
فما لبثنا غير نعسة الأرقْ
= إذ نودي : الفطورُ ما بين الجهقْ[2]
ففوجئوا بذلك الحميسِ
= من بعده قد هِمْتُ بالخميسِ
والطير حولنا بكل لحنِ
= عازفةً والخيرُ ملءُ الصحنِ
فقلت : ذلك الذي أجاده
= بسرعةٍ قد جمَّلتْ أمجادَه
أسرعُ في تعجيله من غيره
= من امرئ القـيس[3] ومن قُـدَيرِهِ
والشمس مثل التبر[4] في طلعتِها
= كأنها العروسُ في مشيتها
تلك التي مشيتُها على وَجَلْ
= قد جمعت بين الجمال والخجلْ
فأرسلتْ لها شعاعاً دافيا
= وما يزال الأقحوانُ[5] غافيا
ثم رأيـنا الأقـحوانَ قد صحا
= من نومه مبتسماً مُلوِّحا
فيا لها ابتسامةٌ لا تُنسى
= قد كنست كل الهمومِ كنسا
فمن لمهمومٍ حزين ضائعِ
= بذلك الثغر الجميل الرائعِ
وإن رأيت بابتهاجٍ للجملْ
= صدَّقتَ قولَ الإنجليز ذا كَمِلْ
مكتملٌ كأنما سنامه
= راعٍ وترعى حوله أغنامه
وإن تبدى[2] باركاً تبخترا
= فغير الرأس والسنام لا ترى
وإن تمشى في حمى قيعانه
= كأنه الفلاحُ في بستانه
والكمأ الذي أطلنا فقده
= فقدره بين القدور وحده
مختلف الألوان والأذواقِ
= يباع بالخياش في الأسواق
سعادة بين الغموم تُقتنصْ
= فذاك يوم قد خلا من النغصْ
والناسُ كلٌّ معلنٌ حرمانه[3]
= أين الذي لا يشتكي زمانَهُ
فلم نصلِّ العصر حتى أقبلتْ
= سحائبٌ لثوبها قد أسبلتْْْ
ومستمر برقها لا ينقطعْ
= كأنه جبهة حربٍ تتسعْ
فقال والدي اجمعوا الأوانيا
= ولا تأخروا هنا ثوانيا
الخوفُ جاء والأمانُ قد شردْ
= هذا سحابٌ برقُهُ برقُ بردْ
فأسرع الجميع يبغي البيتا
= ومن قاموسنا حذفنا ليتا
فيا لها من سنةٍ عجيبةْ
= مبكية مضحكة غريبةْ
قد أغدق الله بها الإنعاما
= أدعوا بأن تعود هذا العاما
المفضلات