منتدى الجامعة العربية يبحث التشبيك بين الشباب العربي
القاهرة - صلاح العبّادي - أكد المشاركون في منتدى جامعة الدول العربية للشباب، ضرورة إطلاق مبادرات شبابية تنهض بهم على الصعيد العربي، لإتاحة المجال أمامهم للتعبير عن وجهات نظرهم المختلفة، وتمكينهم من التواصل مع أقرانهم عربياً. وشددوا خلال المنتدى، الذي اختتم أعماله الأسبوع الماضي في القاهرة بمشاركة شبابية واسعة من الدول العربية كافة، على أهمية تصدي جامعة الدول العربية لقضاياهم المتمثلة في البطالة والبحث عن فرص عمل.
وقدموا خلال المنتدى مقترحات متعلقة بإيجاد وسائل وبرامج هادفة إلى التشبيك بين الشباب العربي وإتاحة المجال بينهم للالتقاء من خلال أنشطة تفعل دورهم عربياً، رغم عدم قناعتهم بإمكانية تنفيذ أي منها. ودعا المشاركون إلى إيجاد برلمان شبابي على مستوى عربي، وهو ما لاقى تأييد آخرين، دون قناعة كثيرين منهم بجدية هذه الفكرة، باعتبار أن برلمانات الشباب لا تعدو أكثر من فكرة لم ترَ النور في كثير من الدول العربية، وهو أمر لا يمكن تحقيقه على الصعيد العربي. وقدموا مقترحات ترمي إلى دفع مسيرة الإبداع والتميز وتفعل طاقاتهم، من خلال إيجاد صندوق عربي لدعم المبدعين العرب الشباب، بما يضمن توفير مخصصات مالية تمكنهم من تنفيذ ما يصبون إليه من برامج ومشاريع تحقق رؤيتهم في العمل الشبابي.
واعتبروا أن عقد المنتدى على هذا النحو شأنه أن يمكنهم من تبادل الخبرات بينهم ويزيد من متانة العلاقات العربية، بما يثمر نتائج إيجابية ترمي إلى تبادل وجهات النظر بينهم حول قضاياهم وهمومهم. وخلال المنتدى ناقش المشاركون محور الصحة الجنسية والإنجابية للشباب بهدف تحسين البيئة الثقافية والاجتماعية من أجل صحة جنسية وإنجابية سليمة.
وخلال مناقشتهم لهذا المحور في جلسة خصصت له، تحدثوا حول الصحة الجنسية والإنجابية لدى الشباب، منطلقين من ثلاثة محاور أساسية تتعلّق بالأبعاد الثقافية والاجتماعية والخدمات المقدمة للشباب إضافة إلى السياسات والدراسات.
الإشكاليات المثارة
وتمثلت الإشكاليات الرئيسية التي تمت إثارتها من قبل المشاركين في بُعدين متلازمين، يتعلق الأول منهما بمسألة الخجل لدى الشباب في إثارة المسائل الجنسية والإنجابية، أما الثاني فيتعلق بالخوف من إثارة هذه المسائل وهو الخوف من المحيط الأسري بصفة خاصة والمجتمع بصفة عامة، وهو ما يزيد في حدة التكتم على ما يشغل الشباب من هذه الناحية ويمنعهم من التعبير عنها ولا تختص هذه المسألة الاجتماعية بدولة دون أخرى مثلما عبر المشاركون في هذه الورشة. كما أبرز المشاركون إشكاليات أخرى ذات أبعاد ثقافية واجتماعية تتمثل في مصادر المعلومات المتصلة بالصحة الجنسية والإنجابية وقد أثارت هذه النقطة جدلاً مستفيضاً بين أفراد المجموعة.
وفضل مشاركون الحصول على هذه المعلومات من الوالدين في حين يعتبر البعض الآخر أن يكون الأقران هم الطرف المناسب لتقبل مثل هذه المعلومات.
وخلال المنتدى أثير موضوع ظاهرة ختان البنات باعتبارها نموذجا للسلوكيات الإنجابية والجنسية التي تستمد شرعية وجودها من الموروث الاجتماعي لبعض الدول، إذ تناقلتها الأجيال جيلاً بعد جيل، وهو ما تدل عليه نسبة %96 من النساء المختنات ينتمين للفئة العمرية 20- 45 سنة.
إشكال آخر ناقشه المشاركون، تعلق بعدم وعي المجتمعات العربية وعدم معرفتها بالممارسات الجنسية للشباب، وهو ما يمثل عائقاً أمام فتح قنوات الحوار مع هذه الفئة في خصوص المسائل الجنسية والإنجابية.
المؤشرات الايجابية
وخلال النقاش الذي دار بين المشاركين برزت مؤشرات كيفية ايجابية تتمثل في وعي الشباب بأهمية المعرفة بالقضايا الجنسية، ووعيهم بقضايا جنسية وإنجابية تهمّ مختلف الفئات مثل الأطفال الذين يعانون من التحرّش الجنسي والأزواج المرضى بالعقم، إضافة إلى بروز ظواهر تتعلّق بمثليي الجنس.
وأوصى المشاركون بضرورة العمل على تثقيف العائلات من خلال برامج مستهدفة لتيسير الحوار والنقاش مع أبنائهم في المسائل الجنسية، والتقليص من حدة المسكوت عنه في هذا المجال في الدول العربية، وتضمين برامج التوعية والتربية الجنسية في المقررات المدرسية؛ وذلك لأهميّة المؤسسات التربويّة في وصول المعلومات حول المسائل الجنسية للتلاميذ والطلبة. وأكدوا في هذا السياق أهمية تفعيل دور وسائل الإعلام في طرح هذه القضايا وإثارتها وإنارة السبيل أمام الشباب فيما يتعلّق بالصحة الجنسية والإنجابية، على أن تستخدم البرامج الإعلامية مصطلحات سهلة تساير لغة الشباب حتى يتمكنوا من استيعابها وذلك بالاستعانة بالأشخاص المرجع (الأطباء- الأخصائيين النفسيين- رجال الدين...).
وشددوا على ضرورة عدم اتباع الطرق التقليدية واستعمال التكنولوجيات الحديثة للاتصال (المحامل الرقمية) في صياغة الخطاب الموجه للشباب في هذا المجال وكذلك استعمال الفنون مثل الدراما والمسرحيات في إطار أنشطة ثقافية مستهدفة. وأفضوا أن واقع المجتمع وحاجته يتطلبان تشجيع ودعم المبادرات الشبابية عبر إحداث جمعيات شبابية وتقوية قدراتها، واستحداث برامج قصد إعداد الشباب للحياة الزوجية، من خلال تدريب عناصر مؤهلة بالمدارس لتوصيل المعلومات وصياغة الحقوق الجنسية بصورة مبسطة ومفهومة للشباب ونشرها في أماكن تجمعاتهم. وعلى الصعيد المتصل بالصحة الإنجابية دعا المشاركون إلى إيجاد برامج توعوية تستهدف الشباب؛ بحيث تشمل المناطق النائية لتصل لأكبر عدد من الشباب، والعمل على تكثيف الجهود العربية لتطوير موسوعة الكترونية للثقافة الجنسية ومنتدى حوار عربي للشباب، إلى جانب التركيز على إنشاء مراكز الفحص والتوعية الطوعي في القرى والمدن، وتكثيف برامج التوعية خاصة فيما يتعلق بتغيير النظرة السلبية للمصابين بالأمراض التناسلية والإيدز.
وحول السياسات والدراسات المتعلقة في الجانب الصحي، بيّن المشاركون أن حاجة المجتمعات العربية تتطلب دعم مراكز الأبحاث العلمية؛ لإعداد الدراسات باللغة العربية حول الصحة الإنجابية والجنسية، لتوجه للشباب العربى بشكل يمتاز بالدقة والشفافية، وأن ترفق السياسات للصحة الإنجابية والجنسية بخطط عمل متفق عليها من الحكومات ومؤسسات المجتمع المدني، من حيث الأهداف والتمويل. ورأوا ضرورة أن يعطى للشباب مجال تقديم واقتراح أفكارهم الخاصة بالمشاريع المتعلقة بالصحة الإنجابية كتعزيز المبادرات والأفكار الشبابية، على نحو يكفل تعزيز مشاركة وبناء قدرات الشباب في مجال تطوير السياسات الإنجابية مع التطوير المستمر لهذه للمشاركة. وخلال المنتدى ناقش المشاركون الحوار العربي الأوروبي، مؤكدين ضرورة معرفة ثقافة الآخر، ووضع أجندة للبحث عن احتياجات الشباب العربي بما يضمن الاستفادة من تجارب الشباب الأوروبي والتعاون والتشبيك بين المنظمات الشبابية الأوروبية والعربية. ولفتوا إلى أهمية إيجاد مساحة إعلامية للتواصل العربي الأوروبي وإقامة مشاريع مشتركة ودعم التبادل الشبابي على الصعيدين العربي والأوروبي.
وأشاروا إلى أهمية توحيد برامج تنمية قدرات الشباب على الصعيد العربي وتضمين نتائج المهارات الحياتية في المناهج التعليمية.
وقال المشاركون إن الحوار العربي الأوروبي يدعم الحوار العربي العربي، كما أن الحوار لا يأتي مع الأنا ولكن مع الآخر، مشددين على ضرورة توسيع الحوار العربي الأوروبي. واقترحوا إنشاء موقع الكتروني للقيادات الشبابية العربية للتواصل فيما بينهم والجامعة العربية، إضافة إلى تأسيس صندوق عربي لتدعيم مشروعات تمكين الشباب.
المفضلات