د. ديانا النمري
يشوبها الكثير من الجذب والشد .. والتلاقي والإختلاف .. تلك هي طبيعة العلاقة الأزلية بين الرجل والمرأة منذ بدأ الخليقة .. فالحيرة في تفسير دوافع وتصرفات الجنس الأخر؛ هي التي قد تتسبب بكثير من سوء الفهم بين الطرفين ، مما دفع بكثير من المهتمين بهذه القضايا الإنسانية إلى التعمق بدراستها والتركيز على كيفية التعامل معها بحيث يعمل كل طرف على فهم المقابل ودوافعه السلوكية ؛ بهدف تبسيط وتقريب الهوة بين الجنسين.
اللوم والصفح .. الحيرة والغيرة .. القوة والضعف هي بعض المشاعر الدفينة التي قد تختلف تفسيراتها بين الرجل والمرأة .. فالمرأة قد ترضيها في بعض الأحيان بكلمة واحدة ، بينما قد لا تقنع بأقل من هدية ثمينة في المرات الأخرى ... وفي الحالتين فإن ما أرضاها ليس الكلمة ولا الهدية ؛وإنما الحالة التي تمت فيها صياغة الكلمة أو تقديم الهدية .
فالتركيبة النفسية والعصبية لعقل المرأة تختلف إلى حد كبير عن التركيبة النفسية والعصبية لعقل الرجل ، مما دعا المحاضر الشهير «مارك جونجر» الى تشبيه عقل الرجل بمجموعة من الصناديق ، وعقل المرأة بالشبكة ، فعقل الرجل كما أشار هو مكون من صناديق محكمة الإغلاق وغير مختلطة ، فإذا أراد الرجل شيئاً فإنه يذهب الى الصندوق المخصص له داخل عقله ليفتحه ويركز فيه ... وعندما يكون داخل هذا الصندوق فإنه لا يركز كثيراً على شيء خارجه ، وإذا إنتهى منه أغلقه بإحكام ليسرع بعده بفتح صندوق ّاخر .
أما بالنسبة لعقل المرأة فهو يعمل بشكل مختلف تماماً ، فقد شبهه بالشبكة التي هي عبارة عن مجموعة من النقاط الشبكية المتقاطعة والمتصلة جميعاً في الوقت نفسه والنشطة دائماً .. فكل نقطة فيها متصله بجميع النقاط الأخرى تماماً مثل الصفحة المليئة بالروابط على شبكة الإنترنت ، مما يفسر قدرة المرأة الكبيرة على أداة عدة أعمال في وقت واحد ، فيما يستحيل على الرجل في أغلب الأحيان فعل ذلك ، كما أنها يمكن أن تنتقل من حالة إلى حالة بسرعة ودقة ، وبدون إرهاق عقلي ، وهو ما لا يستطيع فعله أكثر الرجال إحترافاً .
ويطفو هذا الإختلاف بوضوح على السطح بين الرجل والمرأة في حالات الإجهاد والضغوط الحياتية ، بحيث يفضل الرجل في حالات التعب الدخول في مرحلة «اللا كلام « حيث يعمل على إستجماع أفكاره وخططه المستقبلية ، بينما تفضل المرأة أن تتحدث مطولاً في الموضوع الذي يزعجها مع المقربين والصديقات ، فالمرأة عندما تعبر وتتحدث لا تكون بالضرورة بحاجة إلى نصيحة أو رأي وإنما تكون بحاجة إلى من يستمع إليها ويبدي تعاطفاً معها .
أياً كان الإختلاف بين الرجل والمرأة فقد خلقهم الله ليكملوا بعضهم البعض في الأدوار الحياتية المنوطة لكل منهما .. فنحن كنساء ورجال في هذه الحياة نعتبر كقوافل المرتحلين الذين يجولون هذه الأرض ؛ بهدف إعمارها فالحياه بالنسبة لكلينا واحدة لكن مساراتها ودروبها كثيرة.
ففي سني العمر وجريانها السريع تأخذ الحكمة والخبرة بالتكون والإتساع بفضل التجارب والإطلاع؛ مما يجعل الإنسان منا يدرك ويتفهّم دوافع وتصرفات الجنس الأخر، فيأخذ الأمور بحجمها الصحيح دون مبالغة و تطّرف أو تشبث بالرأي... لتسود بذلك المودة والرحمة وتحل الحكمة و الإعتدال بينهما؛ التي تعتبر الأساس الأمتن لكل العلاقات الإنسانية الناجحة بين طرفي معادلة الحياة الأكبر!!.
المفضلات