عمون - فايز الفايز - لا ندري كيف يتشدق اليعاربة والمغاربة والمشارقة من أمة العرب ومن طاف طوافهم بغيرتهم ودفاعهم عن الشرف ، بل إنهم يرتكبون الجرائم دفاعا عن الشرف وأضاعوا شرفهم الحقيقي، ولا أدري هل هناك شرف أشرف من القدس الشريف الذي تركه العرب صغارهم وكبارهم رعاعهم وأشرافهم بعد أن خضب أهلنا ، آباؤنا ، أجدادنا ، عسكرنا بدمائهم الزكية ثراه ودافعوا عنه دفاع الروح عن الروح ، ثم استطاع أراذل الصهاينة أن يرتعوا بتلك المدينة المقدسة كقطعان الكلاب البرية المتوحشة ، ويبولون على ثراه الطاهر ، ويحرقون المسجد الأقصى ويغلقون كنيسة القيامة ، ويشردون أهل القدس الأشراف الذين ما انفكوا يدافعون عنه بأبسط ما يمتلكون ، منذ أن كانت سلطة بريطانيا العظمى تحكم بالإعدام على من تجد بحوزته سلاحا ناريا ، وبالسجن على من في جيبه طلقة نارية ، فكانت عشائر شرق الأردن بالأخص تمدهم بالسلاح والعتاد وفي المعارك بالرجال ، ولكن ها قد تغير الحال ، وماتت الرجال ، وبقينا في خلف ٍ كجلد الأجرب .
خطة العام 2020 تهدف الى وضع لا يتم الحديث فيه عن فلسطين ولا الأردن ، ماذا إذا ؟
الجواب دولة هجينة حسب المخطط الشمولي للمنطقة تنهي الوجود الفلسطيني على الأرض الفلسطينية التاريخية خارج حدود 67 بعد أن تهود القدس كاملة وترحل أهلها الى مدينة " السلام " التي تنوي إسرائيل بناءها في حدود سلطة رام الله ، وتؤسس لعالم جديد يسمى إسرائيل التاريخية ، تحدها دويلة معصوبة العينيين مكتوفة اليدين منكفئة على جارتها الشرقية الأردن التاريخية ، أي أن ما كانوا يسمونها الضفة الغربية ستصبح ملحقا جغرافيا وديمغرافيا للأردن بعد ان تقطع أوصال فلسطين ، ليرمى قطاع غزة الى مصر وهذا ما فهمته الدولة المصرية الآن ، وهو أحد أسباب إقامة الحاجز الحديدي المشرع بتنفيذه ، أو رميه في البحر في نهاية الأمر ، لتبدأ المرحلة الأولى من حلقة تفسير أحلام بني صهيون .
المشكلة اليوم ، لا بل المصيبة الكبرى هي في القدس الشريف ، الذي يعاني أهله وخاصة في البلدة القديمة من سوء الأوضاع المعيشية والتضييق والآفات الاجتماعية ما سيجعلهم يكفرون بفضاء الكرة الأرضية ، فيما العرب يلهثون لتحقيق سلام مع تل أبيب تحقيقا للراحة الأبدية لشعب المزيف الهجين المجموع من أصقاع العالم ، فينعم اللص بالأمن !
المسجد الأقصى اليوم هو على حافة الانهيار وتظهر الصور الملتقطة من تحته كيف أن الحفريات الإسرائيلية أفرغت الأرض تحته تماما وبات طائرا في الهواء ، لا يحميه سوى الله تعالى الذي خلق في أكنافه الأنبياء موسى وداوود وعيسى وعزير عليهم أفضل السلام وأسرى بالنبي محمدا عليه الصلاة والسلام إليه ومنه عرج الى السموات العلى .
الخطة تعني أنه في العام 2020 سيتم تفريغ مدينة القدس من أهلها العرب مسلميهم ومسيحييهم وهذا استوجب على إسرائيل الانخراط في مخطط تم تنفيذه على مراحل تقوم مؤسسات الكيان الإسرائيلي بالعمل عليه على الأرض ، وتبقى السلطة السياسية تناور وتفاوض وتشن الحروب وتعقد الاتفاقات بعيدا عن ميدان المعركة الحقيقية ، حتى اختنقت القدس بالمستعمرات الاستيطانية وبالجدار من الخارج ، ومن الداخل وصلت الأمور في المدينة المقدسة الى أوضاع كارثية حسب آخر شاهد مقدسي نقل لي شخصيا الوضع هناك .
المدينة القديمة لم يعد فيها مكان للسكن ، بعد ان هدمت إسرائيل منازل المواطنين ولم تعد تمنح رخص بناء ، حتى أن عدد منهم قام بتحويل مخازن تجارية الى منازل ليسكنوها ، وهذا يجرنا الى معاناة ثانية وهو الوضع الاقتصادي السيئ الذي يعاني منه الناس هناك ، فلا تجارة ولا مال بأيدي الناس ، ما دفع البعض من الشباب الى التعامل مع السلطات الإسرائيلية ليكسب عيشه ويؤمن حريته ، في المقابل فقد انتشرت آفة تعاطي المخدرات والاتجار بها بين أوساط الشباب المقدسي تحت عين وبصر الشرطة الإسرائيلية التي تشجع على ذلك ، إضافة الى تشجيع الانحلال والتفكك ، وهذا أمر طبيعي في ظل تلك الظروف وتحت حكم عنصري صهيوني مقرف ، لا يردعه سوى الإيمان والشرف الذي يحافظ عليه الكثير من أهل المدينة والصبر على نوائب الدهر .
إسرائيل إذا سوف تقوم بإنهاء بناء ما تسميه " مدينة السلام " والتي تتكون من 350 الف وحدة سكنية ممولة من حكومات غربية لنقل المقدسيين لها ، لتضم القدس الشرقية وتضع حدها الشرقي ولو مؤقتا على حدود دولة منزوعة السلاح ، لتقذف بها في وجه الأردن الذي يعاني اليوم من انفجار سكاني لم تعد موارده تحمل فاتورة احتياجاته أو يتحمل زيادة في أعداد الراكبين على ظهره ، خاصة بعدما أصبح الخناق يطبق على ميزانياتها أكثر وأكثر لأسباب وبلا أسباب .
لذلك يجب أن يبدأ التحرك الفعلي وعلى أرض الواقع وبمختلف الطرق والخيارات لنجدة مدينة القدس الذين أشبعناها كذبا ونفاقا وتزلفا أسميناه تمجيدا لها ووعيدا لمن سيقترب منها ، ثم صرف العرب تريليونات الدولارات على حديد صدئ وأسلحة استخدمناها فقط ضد بعضنا بعضا ، وتنازلنا مستسلمين أذلاء عن حقنا في القدس الشريف لسبب بسيط إننا لم نكن نملك الكرامة والرجولة التي ترتقي لتكون مهرا لزهرة المدائن .. يجب ان تسقط جميع الخيارات ويبقى خيار الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الموحدة ، وأن يوقع على وثيقة تأسيسها بالدم لا بالحبر وحده ، وأن يشطب مصطلح الضفة الغربية من أذهان الأجيال ليعود أسم فلسطين مستقرا كما كان وتكثيف الدعم المالي والمعنوي للشعب الفلسطيني ليبقى على أرضه ، لا أن يتم سرقة الشعب الفلسطيني ليوضعوا في خانة الشعوب الأخرى ، أو تصبح الأراضي الفلسطينية جزءا جغرافيا من غيرها ، أكان الأردن أم غيره ، فتلك مؤامرة لا تبرر أبدا ، ومؤامرة لا تمرر إطلاقا إلا على جثث الشرفاء الأوفياء الصادقين الله فيما وعدوه من الشعب الفلسطيني ومن غيرهم .
إن الصمت العربي والفقاعات الإعلامية والتصريحات الممجوجة التي يطلقها وزراء خارجية العرب ، في ظل حصار الشعب الفلسطيني وتمويته والمساعدة في تهويد القدس والتآمر على الشعب الفلسطيني فيما لو جردوه من حق العودة ووطنوه في البلدان المجاورة ، لن يكون سوى مزايدات الدّلاّلات في أسواق النخاسة السياسية ،، فالله الله في قدسكم ومسجدكم الأقصى وكنيسة المهد في " بيت لحمكم " .
المفضلات